هل تكفي المساعدات السعودية للأونروا في حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/03/05 الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/03/05 الساعة 09:57 بتوقيت غرينتش
طالبات في غزة داخل فصل دراسي بمدرسة تديرها الأونروا

تُعد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين أحد أبرز تداعيات الصراع العربي الإسرائيلي، ومن غير المتصور أن تتم أي تسوية للقضية الفلسطينية دون وجود حل عادل لمشكلة اللاجئين. يعيش معظم لاجئي فلسطين في معاناة تحت خط الفقر، ويعتمد الكثيرون منهم على المعونات الإنسانية، التي تشمل المساعدات النقدية والغذائية التي تقدمها الأونروا، ويتعرّض اللاجئون الذين يعيشون في المخيمات وفي محيطها بشكل خاص للعنف، حيث يعيشون في مخيمات مكتظة ويخضعون لسياسات تمييزية ممنهجة، فقد بلغ عدد القتلى مستويات غير مشهودة منذ عام 2005، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.

ولهذا السبب، تعمل الأونروا على تقديم المساعدات الإنسانية وتساهم في حماية اللاجئين من خلال تقديم الخدمات الأساسية، في المقام الأول في مجالات التعليم الأساسي والرعاية الصحية الأولية ورعاية الصحة العقلية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والقروض الصغيرة والمساعدة الطارئة، وحالات النزاع المسلح، إلى الملايين من لاجئي فلسطين المسجلين والموجودين ضمن أقاليم عملياتها الخمسة (الأردن، لبنان، سوريا، الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، وغزة).

بلغ الدعم السعودي للفلسطينيين 4 مليارات دولار أمريكي مساعدات تنموية، إضافة إلى ملياري دولار أمريكي مساعدات إنسانية، وقدمت المملكة بين عامي 2000 – 2018، أكثر من 6 مليارات دولار أمريكي للشعب الفلسطيني.

كان عام 2022 من أصعب الأعوام على اللاجئين الفلسطينيين، حيث واجهت الأونروا العديد من الضغوط والتحديات خلال هذا العام مثل نقص التمويل والأزمات العالمية المتضاربة بعد الحرب الأوكرانية، والتضخم المالي والتشويشات في سلسلة التوريد والتغيرات الجيو-سياسية والارتفاع الهائل في مستويات الفقر والبطالة. وعلاوة على ذلك، تؤثر المستويات المرتفعة من العنف على قدرة الأونروا على تقديم الخدمات، ففي غزة، يعاني ما يقرب من نصف طلاب الأونروا من الصدمات النفسية بسبب دورات العنف المتكررة و15 عاماً من الحصار الذي يحدّ من قدرتهم على النمو والانخراط مثل أقرانهم في أي مكان آخر. وتطلب الأونروا الحصول على 311.4 مليون دولار لغزة ومبلغ 32.9 مليون دولار للضفة الغربية و247.2 مليون دولار لسوريا و160 مليون دولار للبنان و28.8 مليون دولار للأردن.

برزت المملكة العربية السعودية كأكبر دولة مانحة للمساعدات الإنسانية في العالم خارج منظومة الدول الأعضاء في لجنة المساعدات الإنمائية، والإنسانية، وتعتبر المملكة شريكاً استراتيجياً في دعم الأمم المتحدة للاجئي فلسطين، حيث إنه للمرة الأولى منذ عام 2020، قام المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني بزيارة السعودية يومي 28 و29 يناير/كانون الثاني 2023 بدعوة من وزارة الخارجية، لضمان استمرار تحول حياة اللاجئين، وخاصة الأطفال والشباب بشكل إيجابي من خلال التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأخرى التي تقدمها الوكالة. تم ذلك وسط مخاوف من التصعيد وانعدام الاستقرار في المنطقة، بسبب هشاشة الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، لا سيما بعد أعمال العنف الأخيرة في عام 2022، عندما قُتل تسعة فلسطينيين خلال غارة إسرائيلية استهدفت نشطاء مشتبهاً بهم في مخيم للاجئين بالضفة الغربية في اليوم السابق.

هدفت المساهمة السعودية التي تمس الحاجة إليها والتي تبلغ 27 مليون دولار في نهاية العام الماضي بشكل مباشر لميزانية البرامج الأساسية للأونروا للحفاظ على الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين. يمكّن هذا التبرع من مواصلة تنفيذ برامجها المختلفة بما في ذلك في مجالي التعليم والصحة ومساعدة لاجئي فلسطين الأشد عرضة للمخاطر في الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، وغزة والأردن ولبنان وسوريا.

تمثل المساعدات السعودية أهمية كبرى للاجئين الفلسطينيين، لا سيما بعد تراجع الدعم المالي العربي بنسبة 84% في عام 2019، بعد تدهور الظروف الاقتصادية للدول العربية خلال جائحة كورونا، حيث عملت السعودية على زيادة الإنفاق بنسبة 5.3 مليار دولار لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية وخفض آثار التضخم الذي ضرب الاقتصاد السعودي، وهو ما أدى إلى تراجع دعمها المباشر للأونروا.

حتى وإن كانت المساعدات الإنسانية السعودية قد عادت نسبياً بالإيجاب على وضع اللاجئين الفلسطينيين، إلا أن هذه المساعدات وحدها لا تكفي لحل مشكلة اللاجئين وإخراج فلسطين من المأزق المادي. بالإضافة إلى نقص التمويل، يعد السبب الرئيسي في هذه المشكلة هو  تقييد فلسطين بسياسات الاحتلال والحصار الإسرائيلي، لاسيما في ظل حكومة بن غفير، التي تقوم بمصادرة أموال السلطة الفلسطينية. على الدول العربية أن تتكاتف مع المملكة العربية السعودية لدعم القضية الفلسطينية ومشكلة اللاجئين ومواجهة التغيرات الكبيرة التي تؤثر على المنظمات الإنسانية، والإقرار بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، وتقديم المساعدات الضرورية والحيوية للاجئي فلسطين في أنحاء المنطقة، لا سيما بعد تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وعلى الشعب الفلسطيني في كافة الأراضي الفلسطينية، وعلى الأونروا تعميق هذه الشراكة في مواجهة الاحتياجات المتزايدة والظروف المتدهورة في المخيمات الفلسطينية في أنحاء المنطقة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

إيمان عنان
باحثة في الاقتصاد والعلوم السياسية
باحثة في الاقتصاد والعلوم السياسية
تحميل المزيد