عاصفة سياسية تواجه “الطاولة السداسية” المعارضة لأردوغان لتحولها لـ”طاولة خماسية”

عربي بوست
تم النشر: 2023/03/04 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/03/04 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
زعماء الطاولة السداسية التي تضم 6 أحزاب معارضة / رويترز

زلزال سياسي حدث أول من أمس في تحالف الأمة المعروف بالطاولة السداسية، زلزال نعيش اليوم ارتداداته ومن الممكن أن تستمر هذه الارتدادات إلى يوم الإثنين المقبل، الاجتماع الثاني عشر للطاولة السداسية لم يكن موفقاً أبداً بسبب الاختلافات حول اسم المرشح الذي سيزاحم أردوغان على كرسي الرئاسة.

حيث رأينا اتفاق خمسة أحزاب على شخص كمال أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، بينما رئيسة حزب الجيد ميرال أكشنار رافضة تماماً؛ لأنها دائماً كانت تقول: "نحن لا نريد مرشحاً، نحن نريد مرشحاً قادراً على الفوز".

من تصريح أكشنار يتضح لنا أنها لا تجد هذا المرشح "كمال أوغلو" قادراً على الفوز، رغم أن الأخير مُصرّ كل الإصرار على ترشحه ضارباً بعرض الحائط رغبات حزب الجيد.

اجتماع أول من أمس لتحالف الأمة كان الفرصة الأخيرة لتوحيد صفوف المعارضة، ولكن الحسابات الشخصية كانت أولى لبعض قيادات المعارضة، حيث لم تستطع ميرال أكشنار إقناع الأحزاب الخمسة بوجهة نظرها المتمثلة بترشيح رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أو رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش.

تبرر أكشنار وجهة نظرها بأنها وجهة نظر الشعب، حيث صرحت أمس 3 مارس 2023 فقالت: "حزب الجيد لن يكون كاتب عدل لتصديق قرارات الطاولة السداسية، وأنه على مدار ثلاث سنوات من العمل على أرض الواقع في المدن التركية توصل الحزب إلى أن الشعب يريد مرشحاً قوياً مثل أكرم إمام أوغلو أو منصور ياواش، وبعد إرادة الشعب لا توجد إرادة أخرى".

الحقيقة أن انسحاب ميرال أكشنار من الطاولة السداسية كان واضحاً منذ أول من أمس 2 مارس 2023، حيث شاهدنا العديد من المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد ترشح كمال أوغلو، وأتت هذه المنشورات من الشعب عامة، ومن أعضاء حزب الجيد خاصة، حيث نشر أحد نائبي حزب الجيد وهو أوميت ديكباير، عبر حسابه في تويتر منشوراً كتب به: "إرادة الأمة أكبر من خمسة"، وهنا يشير لأحزاب الطاولة السداسية.

الآن الكرة في ملعب أكرم إمام أوغلو ومنصور ياواش، حيث دعتهما رئيسة حزب الجيد لترشيح نفسيهما رداً على ترشيح كمال أوغلو نفسه الذي كان متناسياً إرادة العديد من أنصار المعارضة التركية الذي انتظر هذه اللحظة منذ الاجتماع الأول للطاولة السداسية منذ عام.

لكن حقيقة لا نعلم ماذا سيكون رد أكرم إمام أوغلو ومنصور ياواش، فهما الآن في حيرة كبيرة، هل يستقيلان من حزب الشعب الجمهوري ويعلنان ترشحهما، أم يبقيا تحت وصاية كمال كليجدار أوغلو؟

هناك أسباب عديدة لعدم رغبة حزب الجيد والعديد من الأحزاب التركية في ترشيح كمال أوغلو، ومن بينها أن هذا الرجل خسر نحو 10 انتخابات محلية ورئاسية سابقة، أي أن تاريخه حافل بالخسائر. والسبب الثاني هو أنه لا يخاطب جيل الشباب الذي تراهن عليه المعارضة. والسبب الثالث هو عدم اقتناع المواطنين الأتراك بشخصه لأنه يغيّر أقواله دائماً. ومثال على ذلك، انتشر مقطع فيديو له وهو يقول إنه لا يجب أن يكون رئيس أي حزب مرشح رئاسي لرئاسة الجمهورية لأنه لن يكون حيادياً في هذه الحالة.

رئيسة الحزب الجيد ميرال أكشنار/رويترز

أما التحالف الثالث بقيادة أوميت أوزداغ، فصرح سابقاً بأنه إذا اختارت الطاولة السداسية ترشيح منصور ياواش فسيدعمون الطاولة السداسية، وإلا سيرشحون محرم انجه رئيس حزب البلد، وبالفعل أمس خرج أوزداغ ببث مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا المواطنين الأتراك للوقوف أمام بلدية أنقرة يوم الأحد للمطالبة بترشيح منصور ياواش رئيس بلدية أنقرة عضو حزب الشعب التركي المعارض.

إلى الآن لم يصدر تعليق رسمي من قبل حزب "العدالة والتنمية" الحاكم حول هذه التطورات؛ لأنه بالفعل مشغول بموضوع إعادة الإعمار، وتخفيف أضرار الزلزال المدمر الذي ضرب 10 ولايات تركية قبل حوالي شهر من اليوم.

لكن سمعنا سابقاً مراراً وتكراراً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدعو كمال أوغلو لإعلان نفسه مرشحاً رئاسياً، حيث قال: "باي كمال إن كنت رجلاً أعلن نفسك مرشحاً رئاسياً للطاولة السداسية".

من هذا التصريح نفهم أن حزب العدالة والتنمية واثق من قدرته على مواجهة مرشح الطاولة السداسية أياً كان من هو، وبالأخص يريد أن يكون مرشح المعارضة كمال أوغلو، لعدم تقبل قسم كبير من الشعب التركي له بسبب تاريخه وأقواله وأفعاله القديمة المتمثلة في التضييق على الحريات مثل "حجاب المرأة"، ومعارضته العديد من المشاريع التنموية مثل "الجسور والسدود والمشافي ومطار إسطنبول الجديد".

كل أنظار المعارضة التركية تتجه الآن إلى أكرم إمام أوغلو، ومنصور ياواش؛ لأنهما بين نارين: إما أن يستقيلا من حزب الشعب الجمهوري ويعلنا ترشحهما وسيتم نعتهما بالخائنين من قبل الطاولة السداسية، وإما أن يبقيا تحت وصاية كمال أوغلو، ويتجاهلان إرادة المواطنين الأتراك المعارضين، ويضيعان فرصة منافستهما للوصول إلى السلطة في تركيا.

أما بالنسبة كمال أوغلو فمن الممكن أن يملأ كرسي حزب الجيد بحزب آخر وهو حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي صرح سابقاً بأنه لن يجلس على طاولة يجلس فيها حزب الجيد الذي يتمتع بالصبغة القومية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي أسمر
صحفي و إعلامي تركي
صحفي و إعلامي تركي
تحميل المزيد