"قمّة العقبة الطارئة" قمة أمنية استخباراتية خُماسية، وضعها المُنسق الأمني الأمريكي الحالي في القدس الجنرال "مايكل فينزل"، وتضم كلاً من: واشنطن وعمّان والقاهرة والسلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وتأتي بعد موافقة السلطة على سحب مشروع قرار ادانة الاستيطان من مجلس الأمن الدولي.
يعتبر ذلك الأمر بمثابة مكافأة مجانية وطوق النجاة للاحتلال الإسرائيلي، وهذا يُدلل على حجم ضعف قيادة السلطة التي سرعان ما استجابت للوعود الأمريكية الواهمة، وكان محمود عباس أبو مازن، رئيس السلطة الفلسطينية، كلف وفداً فلسطينياً بالمشاركة في هذه القمة، يضم كلاً من: حسين الشيخ أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة، ومجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي لعباس، حيث رفض عباس فكرة مقاطعة القمة، على خلفيّة ارتكاب الاحتلال مجزرة مدينة نابلس.
تمت محادثات قمة العقبة برعاية أمريكية أردنية، للتأثير على الموقف الفلسطيني للسلطة، من خلال تقديم مُغريات ومخططات عملية لها، وإقناعها بوجود فرصة للتغيير نحو الأفضل، وصولاً من وراء ذلك إلى إعادة سيطرتها على الضفة، والعمل على ملاحقة المقاومين الفلسطينيين هناك، بُغية وأد المقاومة والقضاء عليها.
الإدارة الأمريكية دفعت إلى عقد هذه القمة في إطار محاولتها لتهدئة الوضع المتوتر في الأراضي الفلسطينية قبل حلول شهر رمضان. ومن المؤكد أن السلطة ستُبدي موافقتها واستعدادها لتطبيق الخطّة الأمريكية لإرساء الهدوء في الضفة الغربية، والعمل على إنهاء حالة المقاومة المُسلّحة، مقابل ضمان بقائها ومنع انهيارها، وتحسين وضعها الاقتصادي، وتمكينها من استعادة قوّتها وتعزيز قدراتها الأمنية في الضفة الغربية.
الجدير ذكره أن للسلطة في المقابل مطالب لإنجاح الخطة الأمريكية تتمثل في: فتح باب التجنيد لعدد 10 آلاف جندي جديد، وتدريب 5 آلاف عنصر من السلطة في الأراضي الأردنية والسماح بإدخال أسلحة ومعدّات لصالح أجهزتها الأمنية.
إن مشاركة السلطة وبعض الدول العربية في هذه القمة لا تنسجم مع ما يقدمه أبناء شعبنا الفلسطيني من تضحيات، حيث إن شلال الدم ما زال مستمراً ولم يتوقف في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وكان الأولى بتلك الدول المنعقدة أن تعقد قمة طارئة للبحث في جرائم الاحتلال وطرح آليات للعمل على تحرير فلسطين، بدلاً من أن تُقدم مزيداً من سُبل النجاة للصهاينة.
إن مشاركة السلطة في هذه القمة يُعتبر صك براءة للاحتلال عن جرائمه التي يرتكبها كل يوم ضد شعبنا الفلسطيني والتي كان آخرها المجزرة النكراء التي ارتكبت بدمٍ بارد في مدينة نابلس وارتقى فيها ما يزيد عن 15 شهيداً.
الجدير ذكره أنه لولا المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية لما لجأت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلى عقد هذه القمة، لا سيما بعد انقطاع طويل من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وبالتالي فإن مخرجاتها تسعى لإجهاض المقاومة والقضاء عليها. وفي تقديري لقد فقدت السلطة الفلسطينية أدوات الضغط السياسي والشعبي في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
إن اجتماع قمة العقبة وما تمخض عنه، هو بمثابة ذر للرماد في العيون، ولن تقدم إسرائيل من خلفه سوى المماطلة والتسويف، وصولاً إلى تحقيق أهدافها ومصالحها المنشودة، والمتمثلة في ملاحقة رجال المقاومة في الضفة والقضاء على الحالة العسكرية في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
باعتقادي أن هذه القمة لن يجني منها شعبنا الفلسطيني سوى المزيد من الآلام والويلات، لأنها ستساوي بين الضحية والجلاد، على اعتبار أن من حق الاحتلال الدفاع عن نفسه وقتله الأبرياء، في حين يجب على الفلسطيني أن يقف مُستسلماً لا يُدافع عن نفسه ولا يحق له أن يقاوم هذا الاحتلال الظالم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.