أمر عبد الناصر بضربهم بالطائرات! كيف صنعت الحركة الطلابية في مصر أحداث هامة في التاريخ؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/22 الساعة 10:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/22 الساعة 10:28 بتوقيت غرينتش

في يوم 21 فبراير يجري الاحتفال بيوم الطالب المصري، وهي ذكرى نضال الحركة الطلابية في مصرضد الاحتلال الإنجليزي في الأربعينيات، عندما فتح عليهم كوبري عباس والنيران، وهو نفس ذكرى النضال ضد نظام عبد الناصر المهزوم الذي أراد ضربهم بالطيران، وغيرها من الأحداث التاريخية التي تجمعها سمات مشتركة تؤكد دور الحركة الطلابية فى مصر في النضال الوطني، وتضحياتهم بدمائهم من أجل الوطن في معظم الفترات الزمنية من تاريخ مصر المعاصر.

لذا لا يجب أن تمر قبل أن نلقي نظرة على دور الطالب المصري الذي وضع نفسه في الصفوف الأمامية ضد الإنجليز، وكانت الحلقة الأهم في النضال الوطني من أجل الاستقلال في فترة عصيبة في تاريخ مصر. إذ لم يكن الطالب المصري في تلك الفترة مجرد ضلع أو عضو في المشهد السياسي، وإنما لعب دور المحرك الرئيسي للمسار السياسي والحراك الوطني.

في كتاب "الطلبة والسياسة في مصر"، لمؤلفه المناضل الطلابي في أوائل السبعينيات الدكتور أحمد عبد الله رزة، الذي كان في الأصل رسالة علمية باللغة الإنجليزية حصل بها عبد الله على الدكتوراه من جامعة كامبريدج بإنجلترا، يتناول في هذا الكتاب قضية الطلبة والسياسة في الجامعات المصرية منذ العشرينيات وحتى في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، ويسلط الضوء على محطات تاريخية وأحداث مفصلية في تاريخ مصر، ويبرز دور الطلبة السياسي والاجتماعي في هذه الأحداث، وواقع وتطور الحركة الطلابية في مصر في الفترة الواقعة بين انتهاء الحرب العالمية الأولى في الربع الأول من القرن العشرين وحتى مصرع السادات في بداية الثمانينيات.

الحركة الطلابية في مصر والسياسة

يرى الدكتور أحمد عبد الله أن الفضل في تنظيم الطلبة كقوة فعالة في مجال العمل الوطني يعود إلى الزعيم مصطفى كامل؛ حيث عمل على تنمية الوعي السياسي للطلبة، وحثهم على النضال ضد المستعمر الإنجليزي، وازداد انخراط الطلبة في السياسة والمشاركة في الاحتجاجات والفعاليات الوطنية المختلفة. كما تدرجوا في الأوساط السياسية وانتمى معظمهم للأحزاب.

ويمكن فهم صعود الحركة الطلابية في مصر في تلك الفترة من خلال النظر إلى طبيعة المناخ السياسي والصراع الاجتماعي، والوضع القلق الرافض للاحتلال البريطاني. بالإضافة الى الوضع الاقتصادي الصعب لغالبية هؤلاء الطلاب الذين أتوا من أسر الشريحة الدنيا من الفلاحين، ومن الطبقة الوسطى في الحضر، وهم أبناء الأفندي وملاك الأراضي في المناطق الريفية.

يصف المشهد السياسي المصري في تلك الفترة ما أدى إلى انفجار الحركة الطلابية في مواجهة النظام الليبرالي المتداعي، وفي فترات زمنية تراجعت فيها سيطرة الأحزاب المصرية على قطاعات مختلفة من السكان، خصوصاً الطبقة الوسطى، وهو الأمر الذي أدى إلى بروز قوى سياسية جديدة، مما أفسح المجال لظهور الحركات الطلابية.

ويرى الدكتور عبدالله رزة أن الحركة السياسية الطلابية اتجهت لخلق إطار تنظيمي خاص بهم خارج الأحزاب السياسية، ولم يكن باستطاعة أي من الأقسام الطلابية لهذه الأحزاب أن تدّعي أنها كانت تضمن ولاء الكتلة الضخمة من الطلاب المستقلين.

وأنشئت اللجان الطلابية في تلك الفترة لتشجيع وإجراء مناقشات حرة حول حقوق الوطن، بعيداً عن النزاعات والمناورات الحزبية، رغم أنهم كانوا خاضعين جزئياً تحت تأثير الزعامات السياسية، كما كانوا خاضعين تحت تأثير النزاعات بين المنظمات السياسية، ولكن كل هذا لم يمنع من حدوث محاولات من التنسيق والاتفاق بين التيارات المختلفة، ما ساهم في جعل الحركة الطلابية في مصر ذات تأثير.

 ثورة 1919 هي ثورة طلابية في المقام الأول

وظهر دور الطلبة الفعال في ثورة 1919 بعد نفي زعيم الوفد سعد زغلول، بداية من ذهابهم إلى بيت الأمة ورفضهم التهدئة التي حاول قيادات الوفد إقناعهم بها، ورفضوا الانتظار ومفاوضة الاحتلال وانتظاره ليمنن ويفرج عن الزعيم. ورأوا ضرورة الخروج وانتزاع حقهم بالقوة. ليشكلوا بذلك وقود الثورة الأعظم في التاريخ المعاصر لمصر. وانطلق صوتهم بالهتاف الشهير.. "سعد سعد يحيا سعد".

الحركة الطلابية في مصر
الحركة الطلابية في ثورة 1919

وتحرك طلبة المدارس والمعاهد من كل أرجاء العاصمة، وقاموا بقيادة الجماهير، من خلال تنظيم أنفسهم في لجان استطاعوا جمع توقيعات بتفويض سعد من جميع طوائف الشعب. ونظراً لقدراتهم التنظيمية استطاعوا ربط المدينة بالريف، ونقل عدوى الثورة إلى الريف. وكان من نصيب الحركة الطلابية، أن يكون أول شهيد يُقتل فى القاهرة برصاص الإنجليز خلال الثورة هو الطالب الشهيد ماهر حافظ أمين، وتوالى بعد ذلك سقوط عشرات الشهداء من الطلبة برصاص الاحتلال، بالإضافة إلى اعتقال المئات منهم. 

واعتمد عبد الرحمن فهمي، سكرتير الوفد، على الطلبة لنقل وتنفيذ توجيهاته في مختلف أنحاء البلاد، وشكل الطلاب غالبية أعضاء خلايا الجهاز السري في حزب الوفد الذي كان يتزعمه فهمي، وعند عودة سعد باشا زغلول من المنفى وجد طلاب الوفد أنشأوا لجنة تنفيذية لتنظيم نشاطهم في المدن والأقاليم وكل ربوع مصر، فانبهر بهذا التطور، ووعد بأن يضع زعيم من الطلبة على قائمة مرشحي الحزب في الانتخابات النيابية القادمة، وهو ما كان حيث أصبح حسن ياسين أول طالب يدخل البرلمان.

 لذا، فإن معظم المؤرخين يعتبرون ثورة 1919 هي ثورة طلابية في المقام الأول. ويقول المؤرخ الفرنسي "والتر لاكير": لم يلعب الطلاب دوراً في الحركة الوطنية مثل الدور الذي لعبه الطلاب في مصر.

قيادة الحركة الطلابية في مصر للحراك الوطني ضد الاحتلال

استمرت الحركة الطلابية في مصر بعد ثورة 1919 في العمل السياسي، وكان لهم دور كبير في الحراك الوطني، وتشتتوا في الولاء بين الأحزاب السياسية المختلفة وكان معظمهم من الوفديين ومصر الفتاة والحزب الوطني، وتيارات سياسية أخرى ظهرت وجذبت اهتمام الطلاب مثل حركات الشيوعيين والإخوان المسلمين وكانت الانتفاضة الكبرى والأهم في تاريخ الحركة الطلابية، هي التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية بهدف إلغاء معاهدة 1938 والمطالبة بالجلاء البريطاني، ولفهم الأسباب التي أدت لقيام تلك الانتفاضة علينا الاطلاع على الوضع الاجتماعي القلق والأحوال السياسية في تلك الفترة كما يصفه أحمد عبد الله في رسالته.

في صيف عام 1945، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رسمياً، واشتعال فتيل الصراع على مستوى الصعيد السياسي في مصر، فالجميع كان ينتظر طوال سنوات الحرب انتصار بريطانيا من أجل تلبية المطالب بالاستقلال، وأصبح من الواجب على حكومة الاحتلال أن تتجاوب مع مطالب الحكومة المصرية، بعد كل ما قدمته مصر من دعم ومساندة لبريطانيا وقوات الحلفاء في الحرب العالمية.

ولأول مرة يحدث تنسيق بين الأطراف السياسية التي كانت في حالة صراع ونزاع دائم، وحدث تفاوض بين الأطراف السياسية المختلفة، الوفد وحزب مصر الفتاة والإخوان المسلمين، وأصبحت الخطب والمؤتمرات السياسية أكثر وضوحاً وعداء للبريطانيين. وهو الوقت الذي أفصح فيه "البنا" عن وجهة لينخرط في السياسة بشكل رسمي، كما فرض أحمد حسين، زعيم مصر الفتاة، نفسه من خلال خطبه التي كانت تثير الحماس وتحرك الجميع إلى المطالبة بالاستقلال، وكان يدعو الطلاب إلى مضاعفة جهودهم ضمن الحراك الوطني.

وكانت الحركة الطلابية في مصر في أوج اشتعالها لأول مرة منذ الثلاثينيات. وفي تلك الفترة كانت تُعقد اجتماعات مُكثفة بين القيادات الطلابية داخل الحركة الوطنية، وكان الهدف من تلك الاجتماعات توحيد التيارات السياسية المختلفة للوقوف خلف برنامج مشترك، والإعداد لإنشاء لجنة وطنية لقيادة الحركة، في محاولة لتوحيد الحركة والقيام بعمل موحد. وأُصدر قرار بتنظيم مسيرة في 9 فبراير، وتقديم مذكرة إلى القصر تدعو لوقف المفاوضات مع بريطانيا وإلغاء معاهدة 1936، ووقف أي معاهدة دفاعية مع بريطانيا.

وأصبح يوم 9 فبراير 1946 يوماً بارزاً في تاريخ الحركات الطلابية، وسيُعرف بعد ذلك بيوم فتح كوبري عباس، حين اندفع آلاف من طلاب الثانوية في مسيرات ضخمة من القاهرة؛ لينضموا إلى زملائهم في الحرم الجامعي، ليتجهوا في طريقهم قاصدين عبور النيل مروراً بكوبري عباس. وبينما كان الطلاب يعبرون فتح البوليس الكوبري، مما تسبب في حالة من الهلع وسقط بعض الطلاب في النهر غرقاً.

وفي 10 فبراير اجتمع الملك مع عدد من الطلبة، وأظهر عدم رضاه عن تصرف الحكومة مع الطلاب، وبعدها مباشرةً في يوم 15 فبراير تم عزل النقراشي باشا وتعيين وزارة جديدة برئاسة إسماعيل صدقي، ولم يكن الاختيار صائباً في تلك الظروف؛ حيث كان رئيس الوزارة الجديد مكروهاً في التجمعات السياسية بسبب إلغائه دستور 1923 عندما كان رئيساً للوزراء عام 1930.

وشهدت الفترة من 17 إلى 19 فبراير لأول مرة محاولة جادة للتنسيق بين حركة الطلاب والطبقة العاملة، وكان الطلاب اليساريون هم المحركون الرئيسيون لهذه المبادرة، حيث اتصل عدد منهم بالنقابات العمالية بعد أحداث 9 فبراير، ونجحوا فعلياً في إنشاء جبهة مشتركة للمرة الأولى بين الطلاب والعمال، وهي "اللجنة الوطنية للعمال والطلبة"، وكان أغلب أعضائها من اليساريين. ودعت اللجنة يوم 21 فبراير سنة 1946 يوماً للجلاء، كما دعت الشعب وحثته على أن يكون يوم الخميس 21 فبراير يوم الجلاء يوم إضراب عام لجميع هيئات الشعب وطوائفه، وحث الشعب المصري على الإضراب العام، وللتأكيد على حق الجلاء والاستقلال الكامل لمصر.

وكانت الاستجابة كبيرة، إذ خرجت مظاهرات ضخمة في العديد من المدن، وفي القاهرة تدفق عشرات الآلاف من الطلاب والعمال والمواطنين العاديين إلى قلب المدينة، ولم يُفتح كوبري عباس هذه المرة؛ حيث استطاع الطلبة عبوره بشكل طبيعي، وعند وصول المتظاهرين إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير) قابتلهم الحامية البريطانية، فقاموا بإحراق أسوار الثكنات، ورد عليهم البريطانيون بفتح 4 مركبات حربية، وفتحت عليهم وابلاً من نيران الرشاشات، وتم دهس بعض الطلاب بمدرعات الجيش البريطاني.

 ووفقاً لتقديرات دقيقة وقتها، قُتل 23 متظاهراً، وجُرح حوالي 120. وتنصلت الحكومة من المسؤولية، وألقت اللوم على الطلاب؛ لأنهم حولوا مظاهرتهم السلمية إلى أعمال شغب وعنف. ليصبح يوماً دموياً لا ينساه المصريون ولا يغيب عن ذاكرتهم، وتم تخليده بإعلانه يوماً للطالب المصري.

وعندما وصلت أنباء ما حدث للطلاب في مصر لبعض الدول عربية مثل سوريا والسودان والأردن ولبنان، أعلنوا التضامن مع طلاب مصر، وتم إعلان إضراب جامعاتهم، كما تضامنت بعض الحركات الطلابية الأخرى حول العالم مع الحركة الطلابية بمصر في ذلك الوقت.

ولم تتوقف الحركة الطلابية أو تتأثر بعد أحداث فبراير، بل استمروا في التنسيق مع الحركات السياسية المختلفة، وعملوا على اتباع كل وسائل الضغط من أجل تنفيذ طلباتهم بضرورة نيل الاستقلال الكامل، وجلاء القوات البريطانية.

 واتجه بعض الطلاب إلى العمل الفدائي المسلح، لتدخل بذلك الحركة الطلابية طوراً جديداً من أطوار النضال والعمل السري ضد القوات البريطانية، واستمرت الحركة في حراكها الثوري باستخدام كل الوسائل المتاحة لديها، إلى أن جاءت ثورة 23 يوليو 1952.

21 فبراير 1968: صرخة الهزيمة 

لم ينتهِ دور الحركة الوطنية بعد الثورة، وإن ظلت المياه راكدة لسنوات طويلة كانوا فيها من أكبر الداعمين للنظام الناصري الذي حقق معظم أحلامهم، وأهمها الاستقلال، وكان كل شيء قد تغير بعد الهزيمة المذلة للجيش المصري في يونيو 1967. 

 حيث كانت الانتفاضة الطلابية في 21 فبراير 1968 أعلى الأصوات تعبيراً عن الاستياء العام بعد الهزيمة. وكان الطلاب الذين استمروا في صمتهم السياسي ودعمهم للنظام قبل الهزيمة هم نواة السخط الجماهيري.

واندلعت الانتفاضة على يد عمال حلوان، بعد إعلان حكم المحكمة العسكرية في قضية ضباط سلاح الطيران المتهمين بالإهمال، واعتبر الرأي العام أن الحكم مخفف على أشخاص يرونهم السبب الرئيسي في الهزيمة المريرة، وتحولت الأحداث من احتجاجات إلى مظاهرة كبرى انضم إليها الطلاب.

وصادف يوم الانتفاضة، الذي شارك فيه آلاف من الطلاب في محافظات القاهرة والإسكندرية يوم 21 فبراير الذي يحتفل به الطلاب كل عام لإحياء ذكرى يوم الخميس الدامي 1946. وشارك حوالي 100 ألف من طلبة الجامعات في مصر في الانتفاضة الشعبية الأكبر خلال حكم عبد الناصر. والمظاهرات منذ أزمة مارس 1954.

ونتج عن الانتفاضة في القاهرة مصرع اثنين من العمال، وإصابة 77 مواطناً و146 من رجال الشرطة، وتم اعتقال 635 شخصاً، بالإضافة إلى تدمير بعض المركبات والمباني نتيجة المشاحنات مع الأمن الذي تولى ردع المظاهرات.

وفي حوار للواء مصطفى الحناوي، قائد الطيران سنة 1968، مع مجلة "روز اليوسف" في 8 أبريل 1997، يعترف اللواء المنعزل أن عبد الناصر أمره بضرب الطلبة المحتجين ضده في الإسكندرية بالنيران بواسطة الطائرات المروحية، لأن هؤلاء الطلبة سيعملون على إسقاط نظام حكمه، لكن اللواء رفض الأوامر بشكل قاطع، مما أدى لعزله لاحقاً من قبل عبد الناصر.

الحركة الطلابية في مصر

 وللمفارقة فإن عبد الناصر الذي سمح قادته للطيران الإسرائيلي خلال الهزيمة بالتجول بحرية في السماء المصرية، وضرب كل المواقع العسكرية، وتدمير كامل سلاح الطيران الرابض في مواقعه، دون خروج طائرة واحدة للرد على العدو، أراد بعد شهور قليلة من الواقعة، أن يضرب الطيران المصري أول ما يضرب الطلبة.

 ومع اشتداد المواجهات مع الطلبة تراجع جمال عبد الناصر، واتخذ قراراً بإلغاء الأحكام التي صدرت بحق الطلبة، وإحالة قضية القادة المتسببين في الهزيمة إلى محكمة عسكرية عليا أخرى، واستجاب لمطالب الطلبة الخاصة بإعطاء مزيد من الاستقلال والفاعلية وحرية الحركة لاتحاداتهم والسماح لهم بالعمل السياسي.

ويقول الدكتور أحمد عبد الله رزة في أطروحته، إن الانتفاضة حققت أثراً سياسياً رائعاً في مصر والجامعات، فعلى المستوى القومي اضطر عبد الناصر لأن يصدر أمراً بإعادة محاكمة الضباط المتهمين بالإهمال وتشكيل وزارة جديدة أغلبها من المدنيين، وذلك لأول مرة في عهده، والأمر الأكثر دلالة هو أنها جعلته يسعى لتجديد شرعية نظامه وقف التدخل المباشر في النشاط السياسي للطلاب.

انتفاضة الحركة الطلابية في السبعينيات

أثرت تلك الانتفاضات على الحركات الطلابية بعد ذلك، وكانت مصدراً للإلهام ودلالة على أهمية الطلبة في تشكيل الوعي السياسي في مصر، وخلال انتفاضة الحركة الطلابية في مصر الشهيرة عام 1971 داخل الجامعة لرفض ما عرف بحالة الـ"لا سلم" والـ"لا حرب" بين مصر وإسرائيل، بعد إعلان السادات أنه عام الضباب وأنه لن يحارب.

الحركة الطلابية في مصر
الحركة الطلابية في السبعينيات

 أخذ الطلاب في ترديد هتاف "إحنا زى ما إحنا يا فبراير" ليحيوا ذكرى النضال الطلابي، ويعلنوا أنهم يسيرون على خطى الانتفاضات الطلابية السابقة في فبراير، ولاستكمال نضال زملائهم السابقين. وتعرض الكثير منهم للبطش والاعتقال حينها. وأنشد الشاعر أحمد فؤاد نجم حينها قصيدته "رجعوا التلامذة"  ألحان وغناء الشيخ إمام، والتي انتشرت، وغناها ورددها الطلاب أثناء صدامهم مع النظام الذي تأخر في تحرير سيناء.

وكانت أول كلماتها:

"رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني

يا مصر إنتي اللي باقية وإنتي قطف الأماني"

ويعتبر الكثير هذه الانتفاضة هي آخر انتفاضة حقيقية للحركة الطلابية، وشنّ السادات وقتها هجوماً على طلاب بالاسم، منهم الطالب أحمد عبد الله رزة، صاحب الكتاب الذي أشرنا إليه، والذي لم يتجاوز حينها الثانية والعشرين من عمره. وكان يطلق عليه الرئيس وقتها "الطالب المشاغب أبو كوفية حمرا" وحين رغب الطلاب في الجلوس مع الرئيس في منزله للتفاوض على مطالبهم، رد السادات في خطابه الشهير: "أنا مقعدش مع رزة"، ومن ذلك الحين اقترن اسم المناضل أحمد عبد الله بلقب "رزة".

والأمر الذي يعلمه الجميع أن الحركة الطلابية في الوقت الحالي تعيش حالة من الركود والموات لم تشهدها منذ أن ظهرت في القرن التاسع عشر، وتفشل في ممارسة دور فعال على كل الأصعدة، ولا تظهر للحركة رؤية أو استراتيجية واضحة تؤكد وجودها، بعد أن تم إفراغها من مضمونها ومحتواها بالكامل. وفي الوقت الحالي يقتصر معظم أنشطة الاتحادات الطلابية والأسر التي تنبثق منها على المجال الترفيهي، وغاب تفاعلها ومشاركتها في الشأن العام. ولم يعد لهذه الحركة وجود تستطيع من خلاله التعبير عن الاستياء من السياسات الاقتصادية للدولة التي تعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ألقت بظلالها على الأوضاع المعيشية لكل المواطنين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد عادل
كاتب وباحث مصري
تحميل المزيد