استنكار ورفض وقلق بالغ عبر عنه وزراء خارجية خمس قوى غربية، حيال قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدف إلى إضفاء الشرعية على تسع مستوطنات في الضفة الغربية وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، ولعل أبرزها الذي جاء على لسان المتحدثة الرسمية باسم الرئاسة الأمريكية، كارين جان بيار، التي قالت: "نشعر باستياء شديد إزاء إعلان الإسرائيليين". وأضافت أن إدارة الرئيس جو بايدن تتمسك "بمعارضتها الشديدة للتوسع الاستيطاني".
نفس الشعارات والكلمات التي يرددها المسؤولون الغربيون، على رأسهم الأمريكيون، تلك الكلمات التي نسمعها كل مرة ومنذ سنوات طويلة حتى أصبحت روتيناً معتاداً، ولم تغير من الوضع القائم في فلسطين شيئاً ولم تردع إسرائيل عن سياستها الصهيونية الرامية إلى القضاء على حل الدولتين.
وفي رد جديد على رفض المجتمع الدولي لمشاريع دولة الاحتلال الاستيطانية، علق المتطرف بن غفير على تصريحات كارين جان بيار: "أقول للأمريكيين والأوروبيين يكفيكم إعراباً عن القلق، هذه مهمتنا وهذه رؤيتنا". وأضاف: "9 مستوطنات، هذا أمر جيد، لكنه لا يزال غير كافٍ. نحن نريد المزيد".
وبهذه الكلمات التي أثبتت أن الاستنكار الغربي على الجرائم الاستيطانية لم ولن ينفع، بل وأعقبته قرارات جديدة أكثر جرأة وفضاضة، فقد قررت الحكومة الإسرائيلية المتطرفة نشر المزيد من قواتها في القدس الشرقية، ومحاولة هدم ما تبقى، في نهج مباشر للسطو على منازل ومدارس وأراضي الفلسطينيين وسبل عيشهم، ما يعكس الرغبة المستميتة من الجانب الإسرائيلي لتقييد حقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وتهديد وجودهم، ما بات يوضح أن القلق والانزعاج والاستنكار الذي تعبر عنه الدول الغربية لم يستطع الحيال دون قيام الاحتلال بأساليبه الممنهجة من طرف الحكومة المتطرفة للتهجير القسري وإجلاء السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، لبناء المزيد والمزيد من المستوطنات اللاشرعية؛ حيث تواجه عشرات العائلات الفلسطينية خطر التشرد بسبب التخطيط التمييزي الذي يفضّل توسيع المستوطنات الإسرائيلية، خاصة في القدس أين يواجه سكان تجمع الخان الأحمر قرار الهدم، فالطرد والتهجير لسكان الخان الأحمر، يسمح بالسيطرة على مساحة 12 ألف دونم، من شرق القدس وحتى مشارف البحر الميت، وكذلك يغلق البوابة الشرقية للمدينة.
بات التساؤل الأبرز الذي يدور في أذهان السياسيين حول إمكانية حل الدولتين في ظل الظروف والمعطيات السياسية الراهنة؛ حيث أصبحت إجراءات الحكومة الإسرائيلية العائق الأبرز أمام هذا الخيار، هذه الأخيرة التي تعمل منذ سنين طويلة على عرقلة إقامة دولة فلسطينية، فمنذ عام 1967 وحتى توقيع اتفاق أوسلو لم يتم طرح أي مبادرة إسرائيلية تتحدث عن إمكانية إقامة دولة فلسطينية، وحتى بعد إنشاء السلطة الفلسطينية لم يسجل أي موقف إسرائيلي حقيقي يوافق على إقامة دولة فلسطينية، بل عملت دولة الاحتلال على تصعيد الصراع في كل مرة إلى أبعد الحدود، وعرقلة كل السبل العابرة نحو إرساء السلام.
فكل السياسات التي تنتهجها حكومة الاحتلال المتطرفة تتناقض تماماً مع مشاريع وأحاديث السلام التي يتغنى بها الغرب وحتى بعض العرب، ولا تتفق سوى مع لغة العنف والتصعيد والتهديد لكل ما هو فلسطيني، ولأمن واستقرار الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل وتحاول دحض بنود اتفاقيات السلام التي وقعتها مع الدول العربية؛ ما يثبت للعالم أجمع أن دولة الاحتلال لا تأبه للاستنكارات ولا بقرارات الشرعية الدولية، ولا حتى برأي حلفائها الذين يطالبونها بالتوقف عن التوسع الاستيطاني وعن ممارساتها العنصرية ضد الشعب الفلسطيني.
مفاد القول أن إسرائيل لن تجني أي شيء من السلام المزعوم، ما دامت لا تمتلك أي مصداقية في ادعاءاتها بالتمسك بحل الدولتين بل وتدعي استحالته على لسان بعض مسؤوليها، بينما يكتفي العرب بمواقف لفظية ناعمة ضد إسرائيل لا يتعدى تأثيرها سوى بعض الساعات على الجرائد والمواقع والتلفزيونات.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.