منذ قيام دولة الاحتلال، عملت الحكومات الإسرائيلية على جعل القدس عاصمة إسرائيل الأبدية؛ من أجل تهويد القدس، وإخضاع جميع الموجودين للقوانين والسياسات الإسرائيلية.
تم عزل المدينة بجدار الضم والتوسع عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتشهد القدس زيادة كبيرة في عمليات الاستيطان ومحاولات الاستيلاء على الأرض والممتلكات، وتضييق الخناق بالسبل كافة، من خلال انتهاك الحقوق والحريات للفلسطينيين في مدينة القدس.
في حين أن القدس أرض محتلة تخضع لأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة، التي تعتبر إسرائيل قوة محتلة، ولا يحق لها ضم الأقاليم المحتلة إلى أراضيها والتعامل معها على أنها جزء من إقليمها، أو انتهاك حق الفلسطينيين بها، حيث نصت مبادئ القانون الدولي على أنه لا يجوز إخضاع إقليم أية دولة لاحتلال عسكري ناجم عن استعمال القوة.
دعا عاهل المغرب، الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، إلى إقامة تحالف عالمي يجمع كل القوى الحية الملتزمة بالسلام والمؤمنة بقيم التسامح والتعايش؛ من أجل إنقاذ مدينة القدس، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشترك.
أبرز ذلك في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر رفيع المستوى لدعم مدينة القدس، الذي نظمته جامعة الدول العربية بالقاهرة، مشيراً إلى أن مدينة القدس تحظى بمكانة متميزة في وجدان الشعوب العربية والإسلامية، مؤكداً ضرورة تضافر الجهود العربية والإسلامية، من أجل الانخراط في مسار حماية ودعم مدينة القدس الشريفة.
كما جدد تأكيد التزام المملكة الثابت، بدعم القضية الفلسطينية بشكل عام، والقدس بشكل خاص، مبرزاً أن القضية الفلسطينية هي مفتاح الحل الدائم والشامل من أجل إرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مشدداً على أنه يتعين على هذا الأساس، إيجاد تسوية عادلة لها في إطار الشرعية الدولية، ووفق مبدأ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي.
تنتهج سلطات الاحتلال سياسة الاعتقال على نحو شبه يومي ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية، إذ اعتقلت خلال عام 2021 المئات، وكثيراً ما يرافق هذه الاعتقالات حالاتُ مداهمة لمنازل الأشخاص المراد اعتقالهم، ونادراً ما يتم إظهار إذن بالتفتيش، والضرب والتنكيل، مما يخالف القواعد الإجرائية في القوانين الجزائية.
خلال عام 2022 تم ارتقاء العديد من الشهداء وإصابة المئات من مدينة القدس، واقتحام آلاف المستوطنين المسجد الأقصى المبارك، إضافة الى المئات و306 عمليات هدم وتجريف، وعشرات من مشروعات الاستيطان الجديدة.
مع أداء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة اليمين في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، ووصول بن غفير للحكم بدا جلياً الانسياق وراء عمليات هدم وتطهير عرقي وطرد وتهجير مستمرة بدون توقف في مدينة القدس، وتوسيع المستوطنات اليهودية، على الأراضي الفلسطينية، وصعدت الاستفزازات عندما اقتحم بن غفير، المسجد الأقصى المبارك، وأمر الشرطة بحصار البلدات الفلسطينية في القدس الشرقية.
أعربت المصادر الأمنية في إسرائيل عن أن هذا السلوك، خاصة في شهر رمضان، سيؤدي إلى إحراق المنطقة ليس فقط في القدس وإنما في الضفة الغربية وربما حتى في غزة، ولكن بن غفير لم يلتفت إلى التحذيرات، وأمر الشرطة بتشديد الخناق على المدن في القدس من خلال نشر الحواجز وإجراءات التفتيش المشدد على مداخلها، إضافة إلى الاعتقالات.
كما قرر وزير جيش الاحتلال، يوآف غالانت، فرض عقوبات مالية على 87 أسيراً مقدسياً وعائلاتهم بذريعة تلقِّيهم مخصصات من السلطة الفلسطينية، وسيتم تنفيذ العقوبات من خلال الحجز على الحسابات البنكية لأسرى لا يزالون معتقلين وعائلاتهم.
كما شدد جيش الاحتلال خناقه وحملات التضييق على المقدسيين، وأغلق حاجز شعفاط بشكل متعمد؛ لعرقلة حركة الموظفين والعمل والطلاب في ساعات الصباح، من خلال التفتيش المهين والاعتداءات والاعتقالات.
في ظل هذه الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بالقدس، هناك صمت مطبق من لجنة القدس التي تشرف بترؤسها المغرب، والتي أنشأت للتصدي لطمس الطابع العربي الإسلامي للقدس.
بتحليل أسباب صمت اللجنة، نجد أن ملك المغرب محمد السادس، يرأس هذه اللجنة، التي اقتصر نشاطها على الإدانة فقط، ومن الممكن أن يكون ذلك سبب صمت لجنة القدس، لا سيما بعد تطبيع المغرب مع إسرائيل منذ نحو سنة ونصف السنة، حيث إن علاقة المغرب بإسرائيل أصبحت أقوى وأهم، وتحكمها مصالح عسكرية واقتصادية.
نبرهن على ذلك بالتشجيع الدائم للشركات المغربية على إقامة علاقات مع الإسرائيليين، بحجة أن العديد منهم ذو أصول مغربية.
كان يُفترض بالمغرب أن يكفَّ عن الصمت ويدعو الى وقف إجراءات الاحتلال التصعيدية التي ستؤدي الى تغيير الوضع، وأن تكون أكثر واقعية، حيث إن عملية إنقاذ القدس لا يمكن أن تأتي على حساب حق الفلسطينيين في مدينة القدس، كما أن حديث العاهل المغربي عن حل الدولتين لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع في ظل الاستيطان والانقسام والعقوبات التي يفرضها الاحتلال على المقدسيين، وانتهاكه قواعد القانون الدولي، وبنود اتفاقية أوسلو.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.