قبل دخول شهر رمضان.. هل ستنجح مصر في منع التصعيد بين إسرائيل وفلسطين؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/16 الساعة 11:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/16 الساعة 11:13 بتوقيت غرينتش
استياء من قرار وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن عفير بحظر رفع علم فلسطين/رويتزز

تلوح في الأفق انتفاضة فلسطينية ثالثة في ظل تصعيد حكومة اليمين بقيادة المتطرف "بن غفير"، الذي دق أجراس التصعيد حين اقتحم المسجد الأقصى المبارك، في استفزاز غير مسبوق وتهديد خطير لساحة الصراع، ولاقت هذه الخطوة استنكاراً عربياً وغضباً شديداً، وعقدت جلسة لمجلس الأمن الدولي، لمناقشة هذا التصعيد، لم يعبأ بن غفير بما أحدث اقتحامه للمسجد الأقصى من ردة فعل غاضبة.

تذكرنا هذه الزيارة المثيرة للجدل، بالزيارة التي أجراها زعيم المعارضة آنذاك "أريئيل شارون" سنة 2000، وكانت من بين أهم العوامل التي أشعلت الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي استمرت إلى عام 2005.

مع أداء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة اليمين في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، ووصول بن غفير للحكم بدا جلياً الانسياق وراء عمليات هدم وتطهير عرقي وطرد وتهجير واقتلاع مستمرة وبدون توقف في مدينة القدس، وتوسيع المستوطنات اليهودية، على الأراضي الفلسطينية.

من جهتها تتوقع دولة الاحتلال تصعيداً مع غزة، حيث أشارت صحف عبرية إلى أن "إيتمار بن غفير" قد يجر تل أبيب إلى تصعيد مع غزة، معتبرة إطلاق القذيفة الصاروخية من قطاع غزة باتجاه سديروت يعطي تنبيهاً مرة أخرى بأن هناك مخاطرة كبيرة في أن يؤدي التصعيد الأمني الذي بدأ في القدس والضفة الغربية، إلى جر قطاع غزة معه.

في ظل هذا التوتر، سعت مصر للتوسط بين إسرائيل والفلسطينيين في محاولة لوقف العنف في القدس والضفة الغربية، ومنع انتشاره إلى قطاع غزة قبل حلول شهر رمضان والذي عادة ما يحمل معه موجة من التوترات الأمنية خاصة مع الوضع الذي تشهده الأراضي الفلسطينية، في ظل تواصل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، ما بات يرجح سيناريوهات انفجار الأوضاع وامتدادها إلى قطاع غزة.

استضافت القاهرة خلال الأيام الماضية قادة من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تدير قطاع غزة ومن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، كما أجرت محادثات مع ممثلين لإسرائيل في وقت سابق.

خلال السنوات الأخيرة نجحت الدبلوماسية المصرية في التوسط أكثر من مرة لوقف إطلاق النار بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في غزة، وعملت مصر على التهدئة لوقف التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي، وطالبت بممارسة ضغوط على حكومة نتنياهو من أجل منع اندلاع مواجهة جديدة، في ظل الإجراءات التصعيدية في الضفة الغربية والقدس، وأقنعت حماس بأن الذهاب إلى مواجهة عسكرية جديدة من شأنه أن يدمر كافة التفاهمات التي تم التوصل إليها في فترات سابقة.

طالبت مصر من إسرائيل بشكل مباشر بضرورة وقف أي إجراءات تعسفية ضد الأسرى في السجون الإسرائيلية،  كما شددت على ضرورة تخفيف القيود عليهم وبحث سبل حل هذا الملف، وحثت أمريكا بالضغط على إسرائيل لوقف الرد العسكري، والحد من تصعيد العنف، ووجهت مصر مناشدة إلى حركة الجهاد الإسلامي التي ترفض الاتصال المباشر مع إسرائيل.

وهنا يأتي السؤال: لماذا تسعى مصر بهذه الجهود المكثفة بوقف التصعيد الفلسطيني الاسرائيلي؟ والإجابة أن مصر تبحث عن حدود هادئة ومستقرة، وتهدف من تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى إيجاد حالة الاستقرار الإقليمي في المنطقة، حيث تقلق من احتمالية حدوث مواجهات خلال الأشهر القادمة، في وقت بات من الصعب تقييد أفعال الحكومة المتطرفة في إسرائيل، خاصة أن انفجار الأوضاع في الضفة الغربية يعني انتقالها بنسبة كبيرة إلى قطاع غزة كرد فعل طبيعي على الأحداث.

هناك احتمال كبير أن تنجح مصر في وقف التصعيد خلال شهر رمضان، ولكن من المتوقع أيضاً أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من العنف، في ظل قرار الكابينيت بزيادة عمليات هدم المنازل والاعتقالات والعقوبات الجماعية وتسليح المستوطنين وتكثيف الاستيطان وتعزيز انتشار القوات الإسرائيلية في القدس المحتلة، وأنحاء من الضفة الغربية، مما سيفتح دوائر جديدة تؤجج دوامة عنف الاحتلال الدموي بحق الفلسطينيين، وتطمس أي أفق سياسي للحل.

لذلك على حكومة الاحتلال أن تدرك بأن معادلة قتل الفلسطيني ليست سهلة وسيقابل ذلك بالرد، وعليه أن يراجع حساباته في ارتكاب جرائمه بحق الفلسطينيين، وأن المقاومة مهما تعرضت لاعتداءات متكررة لن تنتهي، بل تظل تنمو أكثر.

على مصر أيضاً ضرورة توجيه رسالة مباشرة إلى إسرائيل بأن العنف يولد من العنف، والإجراءات التي يتخذها الاحتلال الإسرائيلي لن توقف العنف والهجمات ضدها، بل سيزيد من روح الانتقام، حيث إن عمليات هدم المنازل، والاعتقالات، والعقوبات الجماعية، وإطلاق يد القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين تفتح دوائر جديدة تزيد من التصعيد، على غزة التحلي بمزيد من الهدوء وعدم الانصياع لحيلة بن غفير الذي يريد كسب الشارع الإسرائيلي بعد المظاهرات التي خرجت ضد حكومة نتنياهو بسبب فشلها الأمني.

أن قرب مصر من المشهد في قطاع غزة وتواصلها الدائم مع جميع قوى المقاومة سيجعلها تتمكن من التهدئة، وتقلق من احتمالية حدوث مواجهة مسلحة في 2023، على الرغم من أنهم يرون أنه من الصعب تقييد أفعال الحكومة المتطرفة في إسرائيل، ويدركون أن حكومة "نتنياهو" تريد التصعيد للتغطية التظاهرات التي خرجت ضد حكومته؛ لذلك تدرك القاهرة أنه إذا ما انفجرت الأوضاع في الضفة الغربية فإنها ستشعل فتيل انفجار في غزة أيضاً؛ لذلك يسعون بقوة لتهدئة المقاومة الفلسطينية ويتحركون خارجية مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لوقف التصعيد.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمود خضر
باحث سياسي
باحث سياسي
تحميل المزيد