“تدمير الديمقراطية وإنقاذ نتنياهو”.. لماذا تخطط حكومة إسرائيل المتطرفة لتغيير النظام القضائي؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/14 الساعة 10:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/14 الساعة 10:23 بتوقيت غرينتش
رويترز

عندما أدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين الدستورية، وبنيامين نتنياهو في رئاستها للمرة السادسة، كان التركيز على التعديلات الشاملة للنظام القضائي الإسرائيلي. ويقترح الائتلاف الجديد هذه التعديلات تحت شعار حماية الديمقراطية ومحاربة "النشاط القضائي". 


مع حكومة يمينية جمعت المجموعة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل، تم منح مناصب رئيسية للقوميين المتطرفين، بمن في ذلك "إيتمار بن غفير" كوزير جديد للأمن القومي، وسموتريتش كوزير للمالية، مع سلطة كبيرة على المستوطنات الإسرائيلية. وتهدف الحكومة إلى توسيع المستوطنات وإضعاف القضاء، والدعوة إلى تعريفات أكثر صرامة للهوية اليهودية، وتأكيد حق الشعب اليهودي الحصري في جميع أنحاء أرض إسرائيل. 


لطالما كان تجديد النظام القضائي هدفاً للأحزاب اليمينية الإسرائيلية، خاصة بالنسبة لليمين المتطرف. ومع ذلك، حتى الانتخابات الأخيرة، تمت مناقشة هذا الإصلاح في الغالب داخل دوائر صغيرة، ولم يكن أبداً جزءاً أساسياً من أي حملة. لذلك في نوفمبر الماضي، نشر رئيس الحزب الصهيوني الديني سموتريتش، إلى جانب زميله المحامي العضو في الحزب سيمشا روثمان، برنامجهما لنظام قضائي منقّح.

ويطلق عليها رسمياً "خطة القانون والعدالة لتعديل نظام العدالة وتعزيز الديمقراطية الإسرائيلية"، وقد أطلق عليها الكثيرون في وسائل الإعلام "خطة تدمير الديمقراطية وإنقاذ نتنياهو"؛ لأن الخطة المقترحة لن تغير فقط ميزان القوى بين السياسيين الإسرائيليين والنظام القانوني، بل تتضمن أيضاً أحكاماً لإلغاء القوانين المتعلقة بخيانة الأمانة من قِبل المسؤولين الحكوميين.
ويُحاكم نتنياهو في ثلاث قضايا فساد خطيرة، تتعلق بالاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة. وينفي ارتكاب أية مخالفات، ويقول إن التهم ملفقة في انقلاب سياسي قادته الشرطة والنيابة العامة.
وقال وزير العدل، ياريف ليفين، إن الحكومة ستُغير الطريقة التي يعمل بها النظام القضائي. وسيؤثر هذا التغيير على النظام القانوني بأكمله في إسرائيل، وقد يكون كبيراً جداً. هذه المقترحات، حتى لو تم تبنّيها وتنفيذها جزئياً، ستشكل ثورة دستورية، وتؤدي إلى أزمة في النظام القانوني الإسرائيلي. التغييرات التي طرحها ليفين خلال مؤتمر صحفي في الكنيست ستحدّ بشدة من سلطة محكمة العدل العليا، وتمنح الحكومة السيطرة على لجنة الاختيار القضائية، وتحد بشكل كبير من سلطة المستشارين القانونيين الحكوميين.


وأثار التشريع المقترح جدلاً حاداً في إسرائيل، حيث يحتج عشرات الآلاف من المواطنين ضده أسبوعياً في جميع أنحاء البلاد. وحذرت شخصيات معارضة ونشطاء ومنتقدون إسرائيليون من أن خطط الحد من سلطات المحكمة العليا ستشكل تهديداً خطيراً للديمقراطية، وأن مثل هذه الخطوة ستقوض استقلال القضاء، ويمكن استخدامها لأغراض سياسية.


وقال زعيم المعارضة، يائير لابيد، الذي هزمه نتنياهو في انتخابات نوفمبر، إن هذه الخطوة ترقى إلى "ثورة أحادية الجانب ضد نظام الحكم في إسرائيل". وحذر من أن "الحكومة الجديدة كانت تهدد بتدمير الهيكل الدستوري للدولة برمته"، متعهداً بإلغاء الإصلاحات "في اللحظة التي نعود فيها إلى السلطة".


وقال شريك نتنياهو السابق في الائتلاف ورئيس الوزراء المناوب، بيني غانتس، إن الإصلاحات تعني أن إسرائيل لديها "حكومة تسيطر بأغلبيتها على الكنيست، والآن سيسيطرون على المحكمة". كما احتج الإسرائيليون في الخارج، حيث أعرب العشرات في بوسطن وبرشلونة وتورنتو عن قلقهم في مدنهم، داعين إلى إنقاذ الديمقراطية الإسرائيلية.
ومن ناحية أخرى، واجه الإصلاح المقترح انتقادات علنية نادرة من رئيسة المحكمة العليا، إستر حايوت، التي وصفته بأنه "هجوم جامح" على النظام القانوني. وإلى جانب ذلك، حذَّر محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، نتنياهو من الإضرار بالتصنيف الائتماني الإسرائيلي بسبب الإصلاح القضائي. وقال "إن العالم يتابع بقلق التطورات التي قد تُبعد الشركات العالمية عن الاستثمار في البلاد".


في الوقت نفسه، احتجَّ المئات من العاملين الإسرائيليين في مجال التكنولوجيا الفائقة على الإصلاح القضائي المقترح، مدعين أن خطط الحكومة المثيرة للجدل ستضر بالقطاع المزدهر، من خلال تقويض سيادة القانون، وأن الصناعة ستعاني إذا فقدت الشركات الأجنبية الثقة في النظام القانوني الإسرائيلي والمبادئ الديمقراطية.
وفي خطوة أخرى، نشر نحو 50 أستاذاً بارزاً من جامعات رابطة آيفي في الولايات المتحدة رسالةً انتقدوا فيها نية نتنياهو إصلاح النظام القضائي الإسرائيلي.


وسيكون للخطة أيضاً عواقب بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، لأن المحكمة الإسرائيلية العليا هي المؤسسة الوحيدة التي يمكن للفلسطينيين في الضفة الغربية الذهاب إليها للدفاع عن حقوقهم، وخاصةً فيما يتعلق بالنزاعات على الأراضي مع المستوطنين الإسرائيليين، وإذا تم تنفيذ الخطة فسوف يسهل على الحكومة التشريع لصالح المستوطنات اليهودية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة، دون القلق بشأن التحديات في المحكمة العليا.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد