استيقظ الشرق الأوسط على أثر زلزال تركيا المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا وبعض الدول المجاورة، ليخلف العديد من الخسائر المادية والبشرية التي قُدرت بالآلاف الضحايا والجرحى، بالإضافة إلى انقطاع بعض الخدمات بسبب الأضرار البالغة للبنية التحتية حيث أتت الزلازل بشكل متتالٍ.
زلزال تركيا الأول ضرب ولاية كهرمان مرعش بقوة 7.4 درجة على مقياس ريختر، ومن ثم وقعت هزتان أرضيتان بقوة 6.5 و6.6 في ولاية غازي عنتاب وبسبب هذه الهزات المتتالية تأثرت عشر ولايات أخرى أيضاً مثل ملاطية وديار بكر وأضنة وشانلي أورفة وكيليس وعثمانية وهاتاي، ويقول الخبراء: "لم تشهد تركيا والمنطقة مثل قوة هذا الزلزال منذ مئة عام!".
بشكل عام يقال إن المصائب توحد الصف، ولكن في تركيا يبدو أن العكس هو ما يحدث، وخاصة إذا كنا على أعتاب انتخابات تركية تاريخية، حسب وصف بعض الصحف العالمية.
المعارضة التركية واستغلال زلزال تركيا سياسياً
وعلى الرغم من استنفار وتسخير كافة أجهزة الدولة التركية من أمن وقوات إغاثة وطائرات، نسمع بعض الأصوات من الأحزاب المعارضة التركية التي تلوم الحكومة على تقصيرها في ملف الزلازل والبنية التحتية؛ حيث انتشرت بعض المقاطع المصورة لبعض قادة الأحزاب المعارضة التركية تنتقد أداء الحكومة كما انتقدوا أداء الحكومة في الحرائق التي نشبت في الصيف الماضي في غابات أنطاليا.
والبعض قال إنه يجب على الحكومة أن تكون أسرع بمشروع "تأهيل وترميم المباني القديمة"، الذي بدأته الحكومة منذ سنوات وطبعاً لهذه الشخصيات المعارضة التركية غاية سياسية من هذه التصريحات، فنحن نعلم أننا على أعتاب انتخابات رئاسية وبرلمانية، ولن توفر بعض شخصيات المعارضة التركية أي فرصة للنيل من حزب العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد.
وبحكم أنني مواطن تركي وصحفي متابع للوضع أرى أنه لولا اجتهاد الحزب الحاكم في كافة مرافق الدولة لكانت المأساة أكبر والضحايا أكثر، حيث أنشأ العديد من الطرق والجسور التي تسهل التنقل بين الولايات، بالإضافة إلى الكثير من المشافي والمراكز الصحية، وارتقى بقطاع الصحة في تركيا إلى مراتب عليا، ناهيك عن محطات الطاقة والكهرباء، مروراً بالأقمار الصناعية وشبكات الإنترنت الحديثة.
اليوم سمعنا السيد أومت أوزداغ، رئيس حزب النصر المعارض، ينتقد "الأداء البطيء للحكومة" تجاه الاشخاص العالقين تحت أنقاض المباني المدمرة ونشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي عنوانه "أين هي الدولة؟".
أما رئيس حزب العمال التركي المعارض أركان باش اتهم الحكومة بـ"الكذب والغش والتلاعب بالأرقام والإحصائيات"، وهدر المال العام على أمور غير ضرورية بدلأ عن موضوع الزلازل في تركيا .
ولم تتوقف الانتقادات عند هذا الحد؛ حيث صرَّح رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو بأنه قدم طلباً رسمياً لزيارة رئاسة إدارة الكوراث والطورائ التركية، ولكن إلى حد الآن لم يتلقَّ رداً، وأضاف: "أنا أعلم لماذا لم يقبلوا زيارتي، ولكن اليوم ليس هذا موضوعنا، يجب علينا أن نتحد الآن".
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً لرئيس حزب الوطن المعارض محرم أنجة يقول به: "أنا الآن في شوارع كهرمان مرعش لا أشاهد الشرطة، لا أشاهد قوات الإغاثة، لا توجد بطانيات ولا يوجد حتى شوربة ساخنة ولا توجد دولة أصلاً!".
ومع مرور الوقت أتوقع تصاعد التوظيف السياسي لهذا الزلزال من قِبل المعارضة التركية، وأعتقد أن حدوث هذا الزلزال أضاف ورقة ضغط إضافية بيد المعارضة التي نفذت أوراقها ضد الحزب الحاكم بعد تحسين العلاقات الخارجية مع دول الجوار، وتراجع معدلات التضخم وثبات قيمة الدولار أمام الليرة التركية، والسعي لتطبيع العلاقات مع النظام في دمشق لإعادة عدد من اللاجئين السوريين.
وقبل عدة ساعات من الآن أعلن تحالف الأمة (الطاولة السداسية) عن تأجيل اجتماعه المقرر في منتصف هذا الشهر لاختيار المرشح الرئاسي، هذا المرشح الذي لم تتوافق عليه أطراف المعارضة التركية بسبب خلافات داخلية في الطاولة السداسية.
وأعتقد أنه مع حدوث هذه الكارثة ستحاول المعارضة التركية استغلالها للحصول على المزيد من الوقت لإنهاء الخلافات فيما بينها، بخصوص المرشح الرئاسي الذي سينافس الرئيس رجب طيب أردوغان على كرسي الرئاسة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.