موجة غضب واسعة وردود فعل ساخطة أثارتها المجلة الساخرة الفرنسية "شارلي إيبدو"، إثر نشرها كاريكاتيراً في حسابها عبر تويتر، تسخر فيه من الزلزال الذي وقع في جنوبي تركيا وشمالي سوريا، حمل الكاريكاتير عنوان "رسمة اليوم" وهو عبارة عن مجموعة من المباني مهدمة بتعليق "الزلزال في تركيا.. لا داعي لإرسال دبابات".
الزلزال الكارثي الذي خلف أكثر من 6500 ضحية وآلاف الجرحى والمفقودين، في أحوال جوية صعبة جداً تشهدها المناطق المتضررة من انخفاض شديد في درجة الحرارة، وتساقط للثلوج، وكذا الخسائر المادية، اتخذت منه هذه الصحيفة موضوعاً للسخرية، بينما تتسابق المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية للمساعدة في إخراج الضحايا من تحت الأنقاض وإسعاف المتضررين.
انعدام المهنية والإنسانية
أعرب الأكاديمي والسياسي التركي سعيد أرجان عن استيائه من منشور شارلي إيبدو، حيث قال إن "التحضر بالنسبة للمجلة هو الكراهية والسخرية من معاناة الآخرين".
بدورهم استنكر بعض الفرنسيين ما قامت بنشره المجلة، حيث عبرت الصحفية الفرنسية "لور فالي" عن رفضها للمنشور، ووصفت وسائل إعلام تركية أهمها الأناضول التركية ما نشرته مجلة إيبدو بأنه "جريمة كراهية".
لا يعتبر كاريكاتير السخرية من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، الأول من ناحية انعدام المهنية لهذه المجلة، التي لطالما أثارت استفزاز الجمهور، فقد اتخذت من إهانة المقدسات الدينية والرموز الوطنية لبعض الدول، خطاً افتتاحياً؛ فقد تطاولت على الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام، عدة مرات.
ذريعة حرية التعبير
انتقد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي ما أقدمت على نشره مجلة شارلي إيبدو للسخرية من زلزال 6 فبراير/شباط 2023، حيث اتخذت من حرية الرأي والتعبير ذريعة لها، وهذا ما برر به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نشر المجلة الرسوم المسيئة للرسول، عليه الصلاة والسلام، حيث قال بأن بلاده تتمتع بحرية التعبير وحرية العقيدة، وإنه "ليس في موقع يمكنه من إصدار حكم" على قرار مجلة "تشارلي إيبدو".
لكن بعد زمن من تشدقه بالحرية والحق في التعبير وعدم إدانته لمجلة شارلي إيبدو، وقع الرئيس ماكرون ضحية شركة إعلانات فرنسية، حين نشرت كاريكاتيراً شبهت فيه ماكرون بهتلر، إلا أنه هنا لم يأخذ من حرية التعبير مبدأ له، بل استدعى مصممة اللوحة الإعلانية وأدان ما قامت به، بحجة أنها مست رمزا من رموز الدولة.
كذلك لم تكن حرية التعبير مبرراً عندما نشرت مجلة شارلي إيبدو رسما كاريكاتيرياً عن ابن الرئيس السابق ساركوزي، حول موضوع تقربه من الديانة اليهودية التي كانت تعتنقها وريثة عائلة ثرية جداً في فرنسا أراد الزواج منها، فتم استدعاء المسؤول عن المنشور "سيني موريس" وتم رفع قضية في حقه بتهمة أنه "ضد السامية"، وتم فصله من المجلة.
إن حرية التعبير والمعتقد مجرد ذريعة للتهرب من مواجهة الاستهجان، وتبرير تعدي وإهانة واستفزاز المجلة للآخر، فما دام المنشور عن الآخر حتى وإن كان مسيئاً فلا بأس به، فهي حرية تعبير!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.