الخرطوم من “اللاءات الثلاث” لتطبيع العلاقات.. هل يستطيع البرهان إجبار الشعب السوداني على قبول إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/03 الساعة 13:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/03 الساعة 13:34 بتوقيت غرينتش
التقى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الخميس، بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في الخرطوم، وبحثا تعزيز آفاق التعاون المشترك لاسيما في المجالات الأمنية والعسكرية. ( SUD Sovereignty Council Press Off. - وكالة الأناضول )

فی البداية لابد من التفريق بين علاقة اليهود بالسودان، وبين العلاقة بين السودان ودولة إسراٸيل! إذ لا مشكلة بين السودان واليهود كجنس أو كديانة!

اتفق المفسرون على أن إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم السلام، كما ذكر الرازي والشوكاني وصديق حسن خان وغيرهم، وبنو إسرائيل هم ذريته، قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليه السلام، وهو والد الأسباط، واليهود ذريتهم. 

وقال الجزائري في أيسر التفاسير: إسرائيل هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، عليهم السلام، وبنوه هم اليهود لأنهم يعودون في أصولهم إلى أولاد يعقوب الاثني عشر. ومن كان منهم اليوم في فلسطين أو في غيرها من البلاد تناوله خطاب القرآن لبني إسرائيل، وهكذا الحال إلى يوم القيامة.

لذلك فقد خاطب القرآن بني إسرائيل على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، بما فعل آباؤهم، كقوله سبحانه: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ).

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: قد خاطب الله سبحانه بني إسرائيل الموجودين في زمن النبي، صلى الله عليه وسلم، بما فعل مع آبائهم، وذكرهم بذلك واستدعاهم به، وذكرهم أنه فعله بهم، كقوله تعالى: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ). 

"إلياهو سولومون ملكاً" 

كان والده حاخاماً ليهود السودان، أَلَّفَ "إلياهو" هذا كتاباً بعنوان "أطفال يعقوب في بقعة المهدي"، عرض فيه بالتفصيل لأوضاع اليهود في السودان وليس في أم درمان "البقعة" وحدها، وتناول الأستاذ "مكي أبو قرجة" كتاب "إلياهو سولومون" بكتابٍ له تحت عنوان "اليهود في السودان – قراءة في كتاب أطفال يعقوب في بقعة المهدي".

ويوضح أبو قرجة في الكتاب كيف كان اليهود يعيشون في ربوع السودان المختلفة في أمنٍ وأمان، ويعملون في التجارة والزراعة والصناعة، ويقيمون الأندية الرياضية والثقافية، والاحتفالات في المناسبات الدينية وغيرها، ومسابقات ملكات الجمال!! وينتشرون في مختلف المدن السودانية، ويمارسون حياتهم بحرية مستفيدين من أريحية السودانيين وعفويتهم في التعامل مع الأجانب.

حتی إن اليهود في السودان، كانوا يرسلون اشتراكاتهم في بناء دولة إسراٸيل من السودان!! كما جاء في كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل "المفاوضات السرية بين العرب وإسراٸيل" المكون من ثلاثة أجزاء.

في الكتابين الكثير من التفاصيل المثيرة، وأسماء العاٸلات اليهودية التي كانت تقيم في السودان وتصاهرت مع بعضهم، وقد بسط "آدم عبد الرحمن محمد أبوسِلِينا" الكثير عن ذلك في كتابه "اليهود في السودان" لمن أراد المزيد عن هذا الموضوع، وقد خرج اليهود من السودان طوعاً بعد نكسة يونيو ١٩٦٧م.

بعد قيام إسراٸيل، كان موقف السودان تجاه الدولة العبرية واضحاً بعد الاستقلال، فقد أعلن مجلس الوزراء قراره بتاريخ ١٧ نوفمبر/تشرين الثاني ١٩٥٧م، بقطع العلاقات مع اسراٸيل، اتساقاً مع قرار جامعة الدول العربية، ثم صدر قانون مقاطعة إسراٸيل من البرلمان المنتخب عام ١٩٥٨م، والذی اشتمل علی منع استيراد وتصدير البضاٸع، وعدم عقد أي اتفاق من أي نوع مع هيٸات أو أشخاص ينتمون بجنسيتهم إلی إسراٸيل أو يعملون لحسابها.

كما يحظر القانون التعامل مع الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسراٸيل، ويمنع القانون دخول البضاٸع والسلع والمنتجات الإسراٸيلية، أو التي تصدر من دولة أخری لصالح إسراٸيل، ويعاقب القانون بالسجن لمدة عشر سنوات والغرامة ومصادرة المضبوطات، ولا يزال هذا القانون سارياً.

كل ما يقال في الماضي عن لقاءات أو تفاهمات بين "سودانيين وإسراٸيليين" لا تعدو أن تكون محاولات فردية لأسباب مختلفة، وأشهرها هو لقاء السيد الصديق عبد الرحمن المهدي لمسٶول بسفارة إسراٸيل بلندن، قيل عنه إن السيد الصديق كان يبحث عن تسويق عن منتجات داٸرة المهدي الزراعية!! كما قيل إن اللقاء كان لطلب الدعم في مواجهة الحزب الاتحادي.

في أوغندا كان لقاء (البرهان، نتنياهو) في شهر فبراير/شباط 2020م، وما تبعه من زيارات ومقاربات بين الجانبين، تلقی من الاستهجان أضعاف ما تلقاه من الاستحسان، حتی كانت زيارة إيلي كوهين وزير خارجية إسراٸيل الثانية بتاريخ 2 فبراير/شباط 2023.

كانت زيارة إيلي كوهين الأولی بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2023 يحمل حقيبة وزير الاستخبارات، والزيارة الثانية للخرطوم اعتبرها كوهين يوماً تاريخياً، وحُقَّ له ذلك، فما كانت خرطوم اللاءات الثلاث "لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل" لتقبل أن تدوس ترابها قدم وزير خارجية دويلة العدو الصهيوني، الدولة المغتصبة لحقوق الفلسطينيين، الدولة المنتهكة لمقدسات الإسلام والمسلمين، الدولة القاتلة للصبيان والنساء والشباب والشيوخ والرجال، الخرطومالتي تعلّم أطفالها:

  • أنَّ فلسطين محتلة
  • أنَّ المسجد الأقصی أسير
  • أنَّ الكيان الصهيونی عدو
  • أن المقاومة شرف
  • أن التطبيع خيانة للقضية

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محجوب فضل بدري
كاتب سوداني وخبير إعلامي
كاتب سوداني وخبير إعلامي
تحميل المزيد