أعينهم على مناجمها وقواتهم تخترق حدودها.. ماذا تفعل قوات الدعم السريع وفاغنر في إفريقيا الوسطى؟

عدد القراءات
580
عربي بوست
تم النشر: 2023/02/02 الساعة 10:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/02 الساعة 10:44 بتوقيت غرينتش
قائد قوات الدعم السريع في السودان حمدان دقلو - رويترز

ظلت المنطقة الحدودية الممتدة بين السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد محور مناورات مكثفة في الآونة الأخيرة، وكان الهدف النهائي منها هو السيطرة على مناجم الذهب في مقاطعة فاكاجا الغنية بالألماس في جمهورية إفريقيا الوسطى. 

إن المنافس الأول في هذه المبارزة، هو قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو؛ حيث يمتد مجال سيطرته الآن إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد المجاورتين للسودان؛ حيث تنشط مجموعة فاغنر الروسية هناك. 

جذور الأزمة 

تعيش المنطقة الحدودية الممتدة بين السودان وإفريقيا الوسطى وتشاد منذ عام 2018، أزمة أمنية متصاعدة، نتيجة لتحركات مشبوهة من عناصر محسوبة على حركات الكفاح المسلح السودانية الموقعة على اتفاقية جوبا، والتي تحتمي بمليشيات الدعم السريع، والمسؤولة عن التاريخ الدموي في إقليم دارفور، وبدأ ذلك مع عملية "الصيف الحاسم 2015".

لقد شجع انتشار قوات الدعم السريع في المنطقة الحدودية الممتدة بين السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد، الضباط على تهريب كميات كبيرة من الحبوب المخدرة.

ففي عام 2018 أسند الرئيس السوداني السابق عمر البشير مهمة وقف تدفق المهاجرين الى أوروبا، لقوات الدعم السريع بموجب اتفاق موقع بين الحكومة السودانية والاتحاد الأوروبي.

لقد لعبت قوات الدعم السريع مستغلة هذه الصلاحيات دوراً مزدوجاً تحت مزاعم مكافحة المخدرات والاتجار بالبشر؛ حيث استغلت سيطرتها على المنطقة الحدودية مع جمهورية إفريقيا الوسطى لتهريب المواد المخدرة فضلاً عن الاتجار بالبشر، تحت غطاء مكافحة الهجرة غير الشرعية، كما شاركت في فض اعتصام المطالبين بالحكم المدني في السودان.

هذه الجرائم كانت كفيلة بوقف إمدادات الدعم الألماني والاتحاد الأوروبي؛ حيث كانت ألمانيا توفر التدريب والمعدات لقوات الدعم السريع قبل وقفها في آذار/مارس 2019، كما تم تعليق نشاط مركز استخباراتي يموله الاتحاد الأوروبي في الخرطوم في حزيران/يونيو 2019، وكان تمويل هذه المشاريع من الاتحاد الأوروبي بـ5 مليارات دولار، بهدف السيطرة ورصد أسباب الهجرة غير الشرعيةَ.

مساعي الجنجويد للسيطرة على مناجم الذهب

لقد حاولت قوات الدعم السريع السيطرة على منطقة "كافاجا" من خلال تقوية علاقاتها بالعديد من القادة السياسيين المؤثرين في كلٍ من تشاد وإفريقيا الوسطى. وفي هذه السطور نستعرض بعض هذه المحاولات:

  • في عام 2019 بعد لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بزعيم الجبهة الشعبية لتحرير إفريقيا الوسطى "نور الدين آدم"، قد شوهد نور الدين في ولاية نيالا السودانية ومدينة "وبيراو" عاصمة مقاطعة فاكاجا بإفريقيا الوسطى لشراء معدات عسكرية، وفقاً لما جاء في تقرير لبعثة الأمم المتحدة 2019.
  • في عام 2020 توصلت قوات الدعم السريع إلى اتفاق غير رسمي، مع وزير الثروة الحيوانية في جمهورية إفريقيا الوسطى "حسن بوبا"، الذي عهد إليه رئيس إفريقيا الوسطى "فوستين أرشانج تواديرا" مهمة تحييد الحركات المسلحة، فسمح لقوات الدعم السريع بالتدخل في المحافظات الشمالية الثلاث لإفريقيا الوسطى، وهي" فاكاجا، هوت، وكوتو وبامينجوي بانجوران"، وبالتالي الوصول إلى العديد من مناجم الذهب.
  • في 23 ديسمبر/كانون الأول 2022 التقى وزير الثروة الحيوانية بإفريقيا الوسطى "حسن بوبا"، بضباط من الدعم السريع في مدينة "بيراو" الحدودية في خطوة لإضفاء الشرعية على الاتفاق السري؛ حيث تم الإعلان عن أن الاتفاق هو نشر قوات الدعم السريع فقط على الجانب السوداني من الحدود.

لكن في الواقع فقد عبر الحدود ما يقرب من 500 عنصر من عناصر الدعم السريع بعمق 30 كيلومتراً داخل جمهورية إفريقيا الوسطى، جنباً إلى جنب مع قوات مجموعة فاغنر الروسية لدعم جيش جمهورية إفريقيا الوسطى الذي يواجه مجموعتين مسلحتين معاديتين هما:

1- الجبهة الشعبية من أجل النهضة المركزية بقيادة نور الدين آدم وهو قيادي سابق في تحالف "سليكا 2013" وهو تحالف مسلح؛ حيث شغل الأخير منصب وزير الأمن العام، ثم مستشار الأمن القومي، خلال فترة سيطرتهم على مقاطعة بانغي عاصمة إفريقيا الوسطى عام 2014، وفر لاحقاً وظل يتنقل بين السودان وتشاد وجمهورية إفريقيا. 

2- حركة الاتحاد من أجل السلام في إفريقيا الوسطى بقيادة علي دراس الساعد الأيمن لعبد القادر بابا لادي، المدير السابق للوكالة التشادية للأمن، وقد وقع سابقاً على اتفاقيات السلام في الخرطوم عام 2019، لكنه انضم بعد ذلك إلى تحالف الوطنيين من أجل التغيير الذي قاد هجوماً على عاصمة إفريقيا الوسطى في أوائل عام 2021.

لكن في الواقع هذان القائدان مرتبطان بشكل وثيق مع الدعم السريع، ويقومان برحلات مكوكية بين "جنوب السودان، وتشاد، وإفريقيا".

مليشيات عابرة للحدود 

في إقليم دارفور بدأ نشاط المليشيات العابرة للحدود؛ حيث ظهرت حركة مسلحة تشادية في مقاطعة أم دخن، وذهبت الشكوك إلى أنها حصلت على موافقة محمد حمدان دقلو، وأثارت هذه التحركات حفيظة السلطات التشادية، ودفعت للسؤال عمّن يقف خلفهم، وشوهدت عناصر مسلحة في مناطق شمال مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور السودانية.

لكن قد تم تبرير ذلك من قبل السلطات السودانية وصرحت لوسائل إعلامية سودانية بأنها تتبع المجموعات الموقعة على اتفاقية جوبا، وفي المقابل سارع حميدتي في إغلاق الحدود السودانية مع جمهورية إفريقيا الوسطى في 3 يناير/كانون الثاني 2023. ويتضح من ذلك أن "البرهان" لا يستطيع السيطرة على نائبه "حميدتي"، ولا على قوات الدعم السريع التابعة له. 

وقد أعلن "حميدتي" عن رصد خطة لقلب نظام الحكم في جمهورية إفريقيا الوسطى، متهماً عناصر سابقين من القوات السودانية والأمن والحركات المسلحة السودانية، بالتواطؤ مع حركة رئيس إفريقيا الوسطى السابق "فرانسوا بوزيزي" المقيم في العاصمة التشادية أنجمينا.

نفت حركة تحالف "الوطنيين من أجل التغيير" التي يتزعمها رئيس إفريقيا الوسطى السابق، مزاعم حميدتي، واتهمت قوات الدعم السريع بدعم مجموعات فاغنر الروسية ضدهم داخل حدودهم. 

لم يخف البرهان قلقه إزاء مناورات نائبه المثير للجدل، الاتهامات الموجهة للقوات النظامية السودانية للضلوع في المحاولة الانقلابية المزعومة في إفريقيا، وقد نفى ما ذهب إليه حميدتي بالقول: "لم يجند السودان ولا جيشه يوماً مرتزقة ليقاتلوا في دولة ثانية، فنحن جيش محترف ونظامي يلتزم بالنظم والقوانين الدولية".

لن يتردد حميدتي في تعظيم دور قواته، مدعياً أنها تعمل على مكافحة الانفلات الأمني  على طول الحدود، وأبلغ عن اعتقال مجموعة من منتسبين سابقين في الجيش السوداني بالإضافة إلى عناصر من حركة سليكا المسلحة بإفريقيا الوسطى قد خططوا لقلب نظام الحكم بجمهورية إفريقيا الوسطى باستخدام زي الدعم السريع، واتفقوا على ضرورة تنسيق الجهود لضمان أمن واستقرار الدول الثلاث.

وننتهي في هذا المقال إلى أن قوات الدعم السريع تحاول السيطرة على المنطقة الحدودية الممتدة بين السودان وتشاد وإفريقيا الوسطى؛ حيث يتعاظم دورها كمليشيات عابرة للحدود وتساعدها من جانب آخر مجموعات فاغنر الروسية، وذلك بهدف السيطرة على ثروات المنطقة، خاصة مناجم الذهب التي تزخر بها المنطقة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد طاهر زين
صحفي وباحث تشادي
صحفي وباحث تشادي
تحميل المزيد