لا يختلف اثنان في التحليل والاستقراء أن الكيان الصهيوني يعيش ضغطاً من المقاومة الشعبية الفلسطينية بمختلف أشكالها داخل الضفة الغربية والقدس وجنين ونابلس تحديداً، بالتزامن مع ما يتعرض له من تهديداً إيرانياً متصاعداً مع تقدم إيران في مشروعها النووي.
إسرائيل في حالة حركية مستمرة في كل الاتجاهات بالشرق الأوسط والخليج لإيجاد تحالف مع دول التطبيع في المنطقة لمواجهة التهديد الإيراني، فانطلق في تأسيس منتدى أمني استخباراتي بواجهة اقتصادية تنموية، تأسَّس بالنقب، سُمي بمنتدى النقب، وهدفه أن تكون إسرائيل قائدة للتحالف فيه.
فإسرائيل لا تريد من إيران أن تمتلك السلاح النووي وتتفوق عليها عسكرياً وأمنياً وتكنولوجياً، وتهيمن على المنطقة وتهدد إسرائيل في وجودها من خلال نفوذها، وقد صرح بهذا رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" لدى استقباله وزير الخارجية الأمريكي بلينكن حيث قال: "إن سياستنا هي منع إيران من امتلاك السلاح النووي".
كما وجه حديثه لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن وقال: "سياستنا وسياستكم أن نقوم ما بوسعنا من منع إيران من الحصول على سلاح النووي، و من أجل تحقيق ذلك يجب أن نعمل معاً على هذا الهدف المشترك، وهو أمر مهم".
رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" قبل الانتخابات الأخيرة عبر عن هذه الإرادة السياسية في منع إيران من امتلاك السلاح النووي، وذلك عبر برنامجه الانتخابي، وتوافق مع اليمين المتطرف على ذلك، ولما نسج تحالفه وشكّل به هذه الحكومة جعل ذلك في أولوياته السياسية للمرحلة القادمة.
لكن هذه الحكومة المتطرفة الجديدة بإسرائيل بقدر ما وفرت لنتنياهو الأغلبية ليحكم، فرضت نفسها في وزارات تعمل من خلالها على تنفيذ سياسات تهجير الفلسطينيين، وتخريب ممتلكاتهم وقمعهم، وانتهاك مقدسات الأمة الإسلامية.
حيث قام "بن غفير"، وزير للأمن القومي الإسرائيلي، بانتهاك حرمة المسجد الأقصى وتهديد الفلسطينيين بإجراءات عنصرية ومتطرفة في حقهم، وكل ذلك أوصل الأوضاع إلى حافة الانفجار في الضفة الغربية والقدس.
تحاول الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة "نتنياهو" تنفيذ سياستها ومواقفها لضرب إيران، لمنعها من تحقيق مشروعها النووي، لكن الضربة التي حدثت في أصفهان، والتي لم تعلن عنها إسرائيل بشكل مباشر لم تلحق أضراراً بإيران، بل بالعكس كشفت أن إسرائيل تغامر بأمن كيانها.
وهذا ما جعل الحليف الأمريكي يسارع لحماية إسرائيل، سواء من انفجار الداخل الفلسطيني أم إظهار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في سياساتها الموجهة ضد إيران، فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي اليوم في تصريح صحفي عقده في رام الله: "إن بلاده وإسرائيل ملتزمتان بألا تحصل إيران على سلاح نووي، والتصدي لأنشطتها في المنطقة، وأعرب عن قلق بلاده من التنسيق الإيراني الروسي".
قد خرج بيان الخارجية الروسية محذراً من التصعيد في المنطقة، وهي ملتهبة بالأوضاع الداخلية الفلسطينية، واعتبرت أن هذه التصرفات مدمرة وتهدد عملية السلام.
لكن ما نراه أن الكيان الصهيوني لا يقبل على هذه الخطوة إلا بعد حصوله على الضوء الأخضر من حليفته الاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية، التي من مصلحتها منع امتلاك إيران السلاح النووي.
لم تحقق عملية ضرب مختبر أصفهان بإيران النتائج المرجوة منها، لذلك تجاوز وزير الخارجية الأمريكي الحديث عن الأمر، وتظاهر بأن أمريكا لا علاقة لها بالضربة، وفي الوقت نفسه سارع مدير المخابرات المركزية الأمريكية إلى إسرائيل تحديداً قبل أن يصل إليها وزير الخارجية "بلينكين"، متذرعاً بالتهدئة في الساحة الفلسطينية، ورفض التصعيد، وبقاء الوضع في القدس على ما كان عليه.
فهذه الزيارة ظاهرها ما يقع في الأرض المحتلة فلسطين، وعين أمريكا على ما حدث على طهران والعمل على تعطيل مشروعها النووي الذي يشكل تهديداً لها، وممثل الدولة أمريكية جاء كمدد لإسرائيل وأظهر انحيازه لإسرائيل واعتبر أمنها من أمن أمريكا.
فالرسالة واضحة للطرف الإيراني، حيث إن أمريكا تعتبر ما يقع من تهديد فلسطيني في الأراضي المحتلة هو امتداد للتهديد الإيراني، حيث ضمنت إسرائيل في هذه اللحظة التاريخية انخراط الحليف الأمريكي إلى جنبها في ملف ضرب المقاومة ومواجهة التحديات والتهديدات الإيرانية، والكل ينتظر موقفاً إيرانياً وقرارها في الرد على ما تعرضت له من انتهاك سمائها وضرب موقع عسكري تابع لها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.