جاءت الحكومة الإسرائيلية الجديدة حاملة معها كل التطرف والغلو والكراهية والعنصرية، فالتشكيل الحكومي الحالي يضم متهمين سابقين بالإرهاب والكراهية، والانتماء إلى منظمات إرهابية كمنظمة "كاهنا كاخ"، المصنفة في الولايات المتحدة الأمريكية كمنظمة إرهابية، والذي ينتمي لها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الحالي الإرهابي "ايتمار بن غفير".
بهذا الصدد يريد المتطرفون الصهاينة تغيير الوضع في الضفة الغربية، وسحب البساط من التنسيق الأمني الفلسطيني الذي عجز عن تحجيم الثورة المسلحة بالضفة وتفلت الوضع الأمني منهم، حيث تشهد مدن الضفة الغربية جنين ونابلس وما جاورها، والقدس الشريف انتفاضة مسلحة روادها، وطليعتها شباب من جيل ما بعد سلطة "دايتون" والتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
هذا الجيل بلغ مستوى من الوعي الوطني، وأدرك تمام الإدراك زيف الصهاينة، وكذبهم عن رغبتهم في السلام، حيث لا ينفع معهم في مواجهة ذلك إلا المقاومة، فاختاروا في مقاومتهم منهجية مختلف عن الصور التقليدية للمقاومة، ويصفها الصهاينة بعمليات "الذئاب المنفردة".
شباب يخطط لنفسه بنفسه
كل شاب من هؤلاء الشباب يخطط لنفسه بنفسه عملية مسلحة، ويختار لها الوقت المناسب، وهو في الوقت نفسه يعايش الأوضاع الفلسطينية وظروف شعبه، وما آلت إليه الأوضاع من عدوان سافر للصهاينة، ويختار طريقة لتنفيذ العملية دون مساعدة من أحد أو من تنظيم فلسطيني مقاوم يتحرك من خلاله.
فتجده يضرب ويحدث بعمليته خرقاً أمنياً في المنظومة الأمنية والعسكرية للصهاينة، وهذه العمليات النوعية وغير المتوقعة في الزمن والمكان صارت مقلقة جداً للكيان الصهيوني وأتلفت له حساباته الأمنية.
الحكومة الصهيونية الجديدة تعتقد أنها بتطرفها، وعملياتها الأمنية القاسية، وتجاوزاتها وعدوانيتها العسكرية والأمنية يمكنها أن تضبط الوضع، وتتحكم فيه وتمرر هذه العمليات العسكرية والأمنية بسلاسة دون ردة فعل.
فأصبح الشباب الفلسطيني أكثر إدراكاً للمعادلات التي توجع وتلحق أضراراً بالكيان الصهيوني، فأصبحت المقاومة قضية المواطن الفلسطيني، وليست قضية فصيل مقاوم فقط.
عملية القدس والسلوان جاءت كرد فعل مناسب للمجزرة التي اقترفتها القوات الصهيونية في مدينة جنين في الوقت المناسب ولم يتأخر الرد كثيراً، حيث ذهلت الحكومة الصهيونية المتطرفة من ردة الفعل السريع وعدد القتلى.
القتلى ليسوا عسكراً، أو رجال شرطة، بل هم مستوطنون، والحكومة الصهيونية الجديدة حاضنتها هي المستوطنون، لأن المستوطنين هم من فرضوا بأحزابهم وفوزهم بالانتخابات الأخيرة تشكيلة الحكومة الجديدة الحالية بقيادة "نتنياهو"، ووزرائه المتطرفين الذين أرادوا حسم أمن إسرائيل بانتهاج سياسة أمنية متشددة.
كما صرح وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي "إيتمار بن غفير" الذي تحدى العالم والفلسطينيين لاقتحامه المسجد الأقصى، ومنع السفير الأردني من زيارة المسجد الأقصى، وهو ما يمثل تحدياً للرعاية الهاشمية الأردنية للمقدسات بالقدس، وكان المنع بأمر من "بن عفير" وزير الإسرائيلي المتطرف.
شاب مجهول لدى السلطات الأمنية
العملية نفذها الشاب خيري علقم، الذي ليست له سوابق، ولا يعرف لدى التنسيق الأمني والسلطات الأمنية بأنه خطر لدى الكيان الصهيوني، وهذا ما يجعل هذه النوعية من العمليات من الصعب توقع حدوثها.
كما جاءت العملية كرد فعل سريع، ولا تخضع للابتزاز والمساومة لأنها فردية، ولا يتحكم فيها فصيل يمكن مقايضته بالأمن، أو مفاوضة أصحابها فهي ردة فعل طبيعية لها أوقاتها عند منفذها وكانت رد فعل على ما حدث في مدينة جنين من مجزرة دموية ارتكبتها إسرائيل.
انتقلت المقاومة من دائرة توازن الرعب إلى توازن الألم والضرر، وأصبح الصهاينة يدركون أنهم كلما شنوا عملية عسكرية بحق الفلسطينيين، ينتظرون ردة فعلهم ويتجهزون لذلك بكل ادواتهم الامنية، ولكن المشكل لدى الإسرائيليين أنهم لا يمكنهم بأي حال من الأحوال استباق العمليات النوعية من شباب تفلت عن النظر والمتابعة وبعد عن أعين التنسيق الأمني.
فعملية القدس سبقتها عملية شعفاط للشهيد عدي التميمي، ولقد رأينا حجم الألم في وجوه الصهاينة وساساتهم وضباطهم وجنودهم ومستوطنيهم، وفي تقاسيم وجوههم وأعينهم، وهم يلملمون جراحهم ويحسبون عدد قتلاهم بشهداء جنين، حيث انقلب ألم أمهات الشهداء وأبنائهم من بعد عملية القدس والسلوان إلى ألم الصهاينة وهو أشد وقعاً عليهم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.