تُعتبر دول الاتحاد الأوروبي من أكثر الوجهات التي يقصدها المهاجرون العرب والأفارقة، فبعد الحرب العالمية الثانية قامت أوروبا باستقطاب الأيدي العاملة من الدول الإفريقية، لما كانت تعانيه من نتائج الحرب، ومع تعرض الدول الصناعية في أوروبا إلى أزمة الطاقة، بدأت في الاستغناء عن العديد من الأيدي العاملة ومواجهة تدفق اللاجئين.
تُعرف الهجرة غير الشرعية بأنها خروج المواطن من إقليم دولته بطريقة غير مشروعة، مثل استخدام وثيقة سفر مزورة أو خروجه متخفياً، وتستقبل أوروبا المزيد من المهاجرين غير الشرعيين، الذين اختاروا ركوب قوارب الموت في رحلات محفوفة بالمخاطر.
وشهدت اليونان ارتفاعاً كبيراً في أعداد الوافدين، فهي الدولة الأكثر استقبالاً للمهاجرين غير الشرعيين في دول الاتحاد الأوروبي، تليها دول البلقان كبلغاريا وكرواتيا، التي يحاول المهاجرون استخدامها كنقطة عبور إلى دول غرب أوروبا.
للهجرة غير الشرعية خطورة كبرى، في عام 2021، وثقت المنظمة الدولية للهجرة 896 وفاة من النساء والرجال والأطفال، وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط.
ووقعت 123 حالة وفاة في أوروبا في عام 2019 خلال الرحلة، من نقطة دخول الاتحاد الأوروبي إلى أوروبا الغربية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وهو الرقم الأعلى منذ موجة اللجوء الكبرى عام 2015. وكانت الأرقام: 116 في 2018، و97 في 2017، و60 في 2016، و135 في 2015.
وفي اليونان، ارتفعت أعداد المهاجرين غير الشرعيين إليها، حيث منعت حوالي 260 ألف مهاجر من عبور حدودها مع تركيا خلال عام 2022، معتبرة أن الجدار الحدودي الذي شرعت ببنائه أسهم في تحسين قدرات حرس الحدود بأداء مهماتهم بهذا الخصوص، ساعية إلى استكمال بناء الجدار على طول الحدود مع تركيا، البالغة 192 كلم.
لوقف تدفقات المهاجرين على أراضيها من جارتها تركيا، شرعت اليونان ببناء جدار حدودي على طول امتداد نهر إيفروس، يبلغ ارتفاعه خمسة أمتار، ومزود بتقنيات حديثة لمراقبة الحدود، والكشف عن تحركات الأشخاص على الجهة المقابلة، ويمتد الجدار حالياً على طول 27 كلم قريباً، وتسعى أثينا حالياً إلى إضافة 35 كلم إضافية، بهدف نهائي هو تغطية معظم الحدود المشتركة مع تركيا.
يأتي معظم المهاجرين الوافدين إلى اليونان من بلدان مزقتها الحروب والأزمات الاقتصادية والسياسية، لا سيما أفغانستان وسوريا، عبر الأراضي التركية، وتعرضت أثينا على مدى السنوات القليلة الماضية للكثير من الانتقادات، من قبل منظمات حقوقية وإنسانية بشأن سياسة مكافحة الهجرة التي تعتمدها، والتي تتضمن إجبار المهاجرين وطالبي اللجوء على العودة قسراً إلى تركيا.
يعاني المهاجرون إلى اليونان كثيراً، فقد تم تسجيل عدد من الحوادث التي أسهمت في تعزيز تلك الصورة عن اليونان، سواء في بحر إيجه أو على الحدود البرية مع تركيا، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم العثور على 92 رجلاً، معظمهم من أفغانستان وسوريا، شبه عراة ومصابين بجروح متنوعة عند نهر إيفروس، وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أنها حزينة للغاية من التقارير المروعة بشأن العثور على هؤلاء المهاجرين، وتعرضهم للضرب والإعادة القسرية.
اتهمت اليونان مراراً تركيا باستخدام أزمة المهاجرين كسلاح بوجه الاتحاد الأوروبي، من خلال تشجيعهم على عبور الحدود، للضغط على اليونان وبقية دول الاتحاد، والتعاون بشكل فعال مع مهربي البشر، واتهمت تركيا اليونان بارتكاب عمليات صد عنيفة بحق المهاجرين، تُعرض حياتهم للخطر. وسبق لقوات خفر السواحل التركية أن وثقت عدداً من عمليات الإنقاذ لمهاجرين في بحر إيجه، قالوا عقب إنقاذهم إنهم تعرضوا للإعادة القسرية من قِبل خفر السواحل اليوناني، وفي بعض الحالات تعرضوا للضرب والتهديد بإغراق زوارقهم.
يشكل صعود اليمين المتطرف في أوروبا أحد أهم الأسباب الجذرية التي أسهمت في تدفق أزمة اللاجئين، حيث يعد حزب الفجر الذهبي من أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في اليونان، دخل البرلمان بـ18 مقعداً في عام 2012، ووصفه المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان في عام 2013 بالنازي الجديد، بسبب نظرته المتشددة تجاه المهاجرين.
يسعى اليمين المتطرف في أوروبا إلى التدخل القسري واستخدام العنف، للحفاظ على التقاليد والأعراف داخل المجتمع، ومعاداة الهجرة بشكل عام، وهجرة المسلمين بشكل خاص. وهناك مخاوف من وصول اضطرابات الشرق الأوسط إلى أوروبا، بسبب إثارة المخاوف من انتقال الأفكار والممارسات العنيفة إلى داخل المجتمعات الأوروبية، وخاصةً بعد انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، التي ينتهجها قطاع واضح من الأوروبيين، تجاه الجاليات الإسلامية في أوروبا.
تُمثل قضية الهجرة واللجوء في أوروبا ركيزة أساسية لليمين المتطرف، يعتمد عليها كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية معينة، ولحصد الأصوات الانتخابية، ويمكن أن يكون لوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دور كبير نسبياً في تغذية أنصار اليمين المتطرف بالأفكار المتطرفة، وتجنيد واستقطاب أعضاء جدد.
لدينا أزمة اجتماعية سياسية كبيرة، فَقد خلالها مئات الآلاف من اليونانيين ما يملكونه، ولدينا أعداد من المهاجرين تتزايد كل يوم، كثير منها غير قانوني، خلقت هذه الظروف وضعاً متفجراً، حيث إن جميع المؤشرات التقليدية لازدهار قوة اليمين المتطرف مثل الفجر الذهبي حاضرة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.