ليست المرة الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، في السويد تحديداً، أن يقوم شخص أخرق بحرق القرآن الكريم، وَسَط حماية أمنية رسمية، وأمام سفارة تركيا، وهذا له مدلولات كثيرة، وإذا لم تكن هنالك ردة فعل رسمية من حكومات دول العالم الإسلامي، فعلينا نحن الشعوب الإسلامية واجب نصرة كتاب الله.
الطريقة التقليدية، وهي مقاطعة البضائع السويدية، أحد الأسلحة التي يجب أن نفعلها فوراً، ويوجد في أسواق بلاد المسلمين العديد من المنتجات السويدية التي تدر المال على شركاتهم، وبالتالي تشغل ملايين من مواطنيهم الذين يدعمون هذا العمل الأخرق، ولذلك يجب علينا المباشرة بتحديد أسماء المنتجات السويدية وتعميمها على عامة الناس، بواسطة وسائل التواصل، للوصول لأكبر عدد من المقاطعين.
الصراعات السياسية والاقتصادية بين بعض الدول الغربية وبعض دول المسلمين مثل تركيا ليست مبرراً لكي تسمح الحكومة السويدية لأي سلوك عدواني تجاه عامة المسلمين، وإنما كراهية أغلبية مواطني ذلك البلد لدين الإسلام، وطريقة نشأتهم وتربيتهم التي تتناقض جذرياً مع الدين الإسلامي، هي الحقيقة وراء أي تصرف أرعن مثل حرق القرآن الكريم، أو الإساءة للحبيب المصطفى، وغيرها من التصرفات الشاذة.
وتلك الكراهية تزداد يومياً مع تغلغل النظام الرأسمالي بشقه الليبرالي في الجانب الاجتماعي في العالم، وذلك لتعارضه جذرياً مع التشريعات الإسلامية، ليس ذلك فحسب، بل تتعارض مع كافة التشريعات السماوية، التي لا تبيح الربا مثلاً أو المثلية الجنسية، وقد استطاعوا في بلادهم تحييد مؤسساتهم الدينية في مواجهة المَدّ الرأسمالي، ولم يبق في العالم غير دين الإسلام في قوته من حيث القبول والانتشار، ولذلك سيبقى لهم العدو.
وهذه البلدان، للأسف، لا تفهم غير لغة القوة والمصلحة، ولن تثنيها عن دعمها لمعاداة الإسلام إلا القوة، وما دامت حكومات دول العالم الإسلامي في سبات عميق، فإننا نحن شعوب العالم الإسلامي نمتلك كل أسباب القوة لكي نرد عليهم بكل قوة، كيف لا ونحن نُشكّل قرابة ربع سكان المعمورة؟!
لماذا لا تتسم المواقف الرسمية العربية بالقوة، عندما يتعلق الأمر بالقرآن الكريم والنبي المصطفى، كقوة الشارع العربي؟ خصوصاً أن الشارع العربي في هذا الشأن غير منقسم على نفسه، وماذا كانت نتائج ردود الفعل الرسمية السابقة من شجب واستنكار وغيرها من المواقف الهزيلة؟ لماذا نستمر في استقبال مسؤوليهم؟
يجب أن ترتبط تلك الردود والعلاقات الرسمية بإجراءات تتعلق بالاقتصاد والمال ومراجعة بعض الاتفاقيات، التي تستفيد منها الدول الغربية أكثر بكثير مما يستفيد منه المواطن العربي!
أيضاً يجب أن يُسمح للشباب بالتعبير عن غضبهم أمام بوابات سفارات الدول، وهذه ردود فعل معنوية أقل بكثير من مستوى الجرم المقترف، لكنه على الأقل معبر، وهي طريقة للتعبير عن نصرة الدين.
أما السويد ومن قبلها الدنمارك والنرويج، التي سمحت بحرق القرآن الكريم، ووفرت حماية لمن قام بهذه الجريمة، فإنها قد كشفت عن وجهها العنصري القبيح للكثير ممن كانوا مخدوعين بها وبالعديد من الدول الغربية التي عادت الدين الإسلامي.
ومع القناعة التامة بأننا في صراع ديني، إلا أن ذلك الجرم في حقيقته جريمة على كل القيم النبيلة التي يحتويها القرآن الكريم، ولا يندرج تحت مفاهيم حرية الرأي، علماً أن الدول الغربية كشفت عن تناقضها في طريقة تعاملها مع الإساءة لدين الإسلام، وعلى نحو معاكس معاقبة بعض اللاعبين ممن رفض دعم المثليين جنسياً.
صحيح أن استهداف القرآن الكريم يمس بجميع المسلمين، وفي بعض الدول الغربية، ومنها السويد، يتم استهداف العديد من المهاجرين المسلمين الذين يعيشون هناك، ويعانون العنصرية وعدم احترام خصوصيتهم الدينية، التي لا يفترض أنها تتعارض مع المجتمع السويدي أو غيره من المجتمعات الغربية.
منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في أمريكا، بدأت وسائل الإعلام الغربية بنشر مفهوم "الإرهاب" وإلصاقه بالمسلمين، مع أننا شعوب مسالمة محترمة في غالبيتها، وبمرور الوقت تكشفت الحقائق أن الإرهاب المزعوم هو صناعة غربية أمريكية بامتياز، وهذه المرة صنعته بدناءة مملكة السويد، وعليهم أن يتحملوا تبعات حمايتهم لحرق القرآن الكريم، وكشعوب مسلمة لن يكون من الكافي لنا كلمات اعتذاركم الرخيصة بالمقارنة مع الحدث الجلل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.