كانت وما زالت إيران كدولة، محوراً رئيسياً مهماً في محيطها، وخاصة في العالم العربي، ومؤثرة ومتأثرة به نظراً للكثير من العوامل الجغرافية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وكذلك لحجمها وتنوع مكوّنها البشري.
إلا أن نظامها القمعي الآيل للسقوط كان سبباً في بؤس الشعب الإيراني ودول وشعوب المنطقة طيلة عقود من الزمن. الأيديولوجيا الدينية استُخدمت لتبرر تحول إيران مستنقعاً للفساد والاستبداد تحت راية نظام الملالي المستبد، باتت اليوم محط اهتمام الكثير من السياسيين والكتاب ووسائل الإعلام. ثورة أو انتفاضة الإيرانيين التي بدأت أواخر العام الماضي، بعد مقتل الفتاة مهسا أميني، ورفعت شعارات (امرأة، حياة، حرية) قادرة على تغيير وجه الشرق الأوسط لو نجحت.
ثورة الشعب الإيراني تعتبر خلاصاً وانعتاقاً لهذا الشعب ولدول وشعوب المنطقة الذين ينتظرون قيام نظام عادل وجديد، مبني على أساس الحرية والديمقراطية والكرامة والعدل والمساواة في إيران، والصداقة والأخوة والسلام مع الجوار.
وإسدال الستار على حقبة الدم ومجازر الإبادة الجماعية والظلم والاستبداد والسلب والنهب والقمع الدموي الذي لا يزال قائماً حتى هذه اللحظات مع الثوار في الشوارع، والفتن والحروب الطائفية ونشر الإرهاب بالمنطقة والعالم باسم الدين المجني عليه.
كان العداء التاريخي للقومية الكردية مع حكومة الملالي سبباً مهماً في ظهور حلفاء جدد للتخلص من نظام خامنئي وأجهزته الأمنية، التي كانت وما زالت تعارض المرأة الإيرانية في الحصول على حقوقها، حيث إنه، وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول عام 1962، عُقد في منزل آية الله الشيخ عبدالكريم الحائري، في قم، أول اجتماع ضم عدداً من كبار رجال الدين، هاجم الخميني في تلك الجلسة الشاه وعارض بشدة إعطاء حقوق المرأة وإصلاحات الشاه التي كان يراها الخميني مستوردة وغربية بامتياز. أما مخالفة الخميني فلم تُثنِ محمد رضا شاه من الاستمرار بتنفيذ إصلاحات، حيث قام بعد 6 أشهر بتطبيقها.
ومع تزامن الحديث عن إسقاط نظام الملالي، ليس هناك أفضل من حفيد الشاه؛ ليكون البديل والحاكم المستقبلي للجمهورية الإيرانية، صاحب الفكر العلماني المحارب للايديولوجيا الدينية.
حيث إنه، ومع سقوط خامنئي ونظامه وعودة الشاه الحفيد للسلطة سيعود السلام العالمي مع اضمحلال الميليشيات الإيرانية التي تعبث بأمن العديد من الدول العربية بما فيها الخليج العربي.
محور المقاومة والممانعة
تحت شعار الموت لأمريكا وإسرائيل، الذي تتغنى إيران وميليشياتها في عدائها الوهمي لإسرائيل وأمريكا، وثائق أمريكية ثبت أن الخميني كان على صلة بالحكومة الأمريكية منذ الستينيات من القرن الماضي حتى قبل أيام من وصوله إلى طهران، قادماً من باريس وإعلانه الثورة عام 1979، من أبرز هذه الوثائق، التي نشرتها وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)، تبادل رسائل سرية بين الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي والخميني بعد أشهر من الإفراج عنه من السجن في إيران مطلع نوفمبر 1963، وأنه طالب خلالها بألا "يفسر هجومه اللفظي بطريقة خاطئة، لأنه يحمي المصالح الأمريكية في إيران".
سوريا وعلاقتها بإيران
علاقة آل الأسد بإيران علاقة استراتيجية مبنية على أسس أيديولوجية طائفية، توطدت تلك العلاقة عندما وقفت سوريا مع إيران ضد الجار صدام حسين في حربه ضد إيران.
وتوسعت العلاقة لبناء ودعم ميليشيات متطرفة تخدم مصالح الطرفين في عدة دول عربية، بما فيها حزب الله اللبناني مصدر المخدرات الأول عالمياً بتسهيلات الحكومة التي تسيطر عليها إيران في كل من بيروت واللاذقية.
فضلاً عن تورط تلك الميليشيات باغتيالات عديدة شملت قيادات وسياسيين لخدمة المصلحة المشتركة بين الأسد وخامنئي. لذلك فإن سعي طهران بكل قوتها وميليشياتها للحفاظ على بشار الأسد في السلطة خلال الأعوام الماضية سيكون في مهب الريح عند لحظة استلام الشاه الحفيد للسلطة بعد إسقاط نظام الملالي المستبد.
إيران وعلاقتها بالعراق
شهدت علاقتهما أسوأ حرب في التاريخ الحديث، والتي استمرت لثماني سنوات، ومع ذلك شهدت تلك العلاقات تطوراً ملحوظاً مع سقوط نظام صدام حسين من خلال توغل إيران في المنطقة عبر الأيديولوجيا الطائفية.
وخلال العام 2019 تحدّث رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي عن مصادر تهريب المخدرات إلى العراق، وذكر أنها تأتي من الأرجنتين إلى لبنان ثم سوريا فالعراق، ولم يذكر إيران التي يأتي من حدودها 80% من المخدرات، فأصبح العراقيون بعدئذٍ يستعملون اسم الأرجنتين كنايةً عن إيران.
ورغم المجاملات السياسية إلا أن العراقيين ليسوا على علاقة جيدة مع المحور الإيراني في العراق، حتى مع وجود ترابط عقائدي مشترك بين الشيعة الاثني عشرية في العراق، والذين يشكلون نسبة 65% من العراقيين.
لذلك، فإن دعم الشاه الحفيد في ثورته وتأييده للشارع الإيراني سيكون واجباً على جميع السوريين أولاً، والعرب ثانياً للتخلص من آفة العصر التي عبثت بأمن واقتصاد بلادنا خلال ٤٠ عاماً من الظلم المستفحل الذي قام به الملالي ضد المنطقة العربية.
ختاماً، لا بد من دعم الانتفاضة الشاملة ضد نظام الملالي صاحب النهج الإجرامي الدموي بحق الشعب الإيراني ودول وشعوب المنطقة التي يحتل 4 منها مُحطماً إياها، ومشرداً لأهلها، كما يُعدّ سبباً رئيسياً لزعزعة الأمن والاستقرار فيها.
انطلاقاً من إيماننا هذا، فإننا نعلن عن دعمنا وتضامننا مع ثورة الشعب الإيراني المُطالب بإسقاط وإزالة نظام الملالي من الوجود.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.