مضى عام 2022 بكثير من أحداثه ومجريات أموره العامة والخاصة، وتأثر كل منا بها بحسب طبيعته وأفكاره ومعتقداته في الحياة.
بالطبع هناك الأحداث الشخصية التي تأثر كل منا بها في إطار حياته الخاصة، لكن هناك الكثير من الأحداث الاجتماعية والعالمية التي لم يسع ذوو قلب السليم إلا التأثر بها.
لم يبخل علينا عام 2022 بالكثير من الأحداث المروعة من جرائم القتل والخطف والاعتداء، وقد قادنا جميعاً -أياً كانت طبقتنا الاجتماعية- لتغيير أسعار وقيمة العملة إلى صدمات حقيقية لم نتمكن من التغافل عنها، مهما كانت درجة إيماننا بالله الرزاق.
لذا فإن الناس عموماً خرجوا من هذا العام على صورتين على الأغلب:
مجموعة البشر (أ): أولئك الذين خرجوا بيأس حقيقي، ولن يروا في عام جديد إلا استمراراً لمحاولات التعايش مع الحياة مع الكثير من الندب على الحظ في الخلفية، ما يؤثر بالطبع على صحتهم النفسية وربما العقلية.
مجموعة البشر (ب): أما هؤلاء فالأقرب إلى قلبي والذي يمكنني أن أقول إنني أنتمي إليهم، أناس واقعيون وليسوا حالمين، رأوا اضطراب الأوضاع العالمية فقرروا النجاة منها على قدر استطاعتهم، يقف جميعهم أمام المسؤوليات الملقاة على عاتقه ويفكر في أفضل الطرق لمواجهتها بدلاً من البكاء على اللبن المسكوب، والذي لا نملك أي طريقة لوضعه في الكوب مرة أخرى، وإن كنا نتمنى ألا يقع من البداية، ولكنها الحياة.
عزيزي القارئ، هذا الكلام ليس كلاماً من كتب التنمية البشرية التي لا أحبها على الإطلاق، بل إنه كلام واقعي حد التمسك بالتراب من زوجة ثلاثينية تعيش في مصر من طبقة اجتماعية أقل من المتوسطة، لكن لا بد لها أن تحاول الحفاظ على حياتها وحياة ابنتها.
لذا أتشارك بعض الأفكار الخاصة التي قررت بالفعل البداية بها في عام 2023، وأصبحت بمثابة مانيفستو لمحاولة الحفاظ على السلام النفسي والعقلي، والوصول لدرجة من الاستقرار المالي، أو المحاولة على الأقل.
مانيفستو عام 2023
قررت هذا العام أنه لا بد لي من المحافظة على سلامي النفسي لأعلى درجة، ببساطة لأنه لم يعد لدي رفاهية أن أكون في أي اضطراب أو ضيق يمنعني عن العمل وكسب المال الحلال، لذا فإن كل النقاط التالية متصلة بشكل مباشر أو غير مباشر بالحالة النفسية والمادية.. فلنبدأ.
1- الادخار
لا تتهمني بأن البداية تدل على شخص منفصل عن الوضع الاقتصادي في أغلب البلدان، لكنني ذكرت لك أن تلك الكلمات محاولة للنجاة.
على الرغم من ارتفاع أسعار الدولار والتغييرات في قيمة العملة، إلا أنه يمكنني ادخار ولو أقل من 5% من دخلي الشخصي، فكل فرد يتمكن من الحياة بـ97%من دخله مثلاً.
لا يعد الادخار رفاهية مطلقاً، بل إنه وسلية من أجل الحياة الكريمة، إن وجود المال يمنحك بعض الاطمئنان والحرية وتأمين نسبة من الأمان عندما تضطرب الأمور في أي وقت.
2- تبديل حالة نفسية واحدة لا تحبها
كلنا يعلم أن به بعض العيوب والاضطرابات المختلفة التي يسعى لتغييرها لأنها تؤثر على صحته النفسية، أما أنا فأكثر ما يأخذ من وقتي هو التفكير في كلام بعض الأشخاص المؤذين في حياتي، سواء في الحاضر أم في الطفولة.
يأخذ ذلك مني ساعات في بعض الأوقات، لأن الأمر يبدأ بمجرد تذكر كلمة ثم ينتهي بمئات الحوارات التي كان يمكنني أن أرد بها، قررت استبدال تلك العادة القميئة بألا أنجرف وراء ذلك، فبمجرد تذكر أحد المؤذين أو السلبيين سأستبدله بأحد الأحباب من أجل تعزيز طاقتي.
3- الاستمرار في التعلم
لا يمكننا التعايش مع التقلبات الاقتصادية إلا من خلال محاولة زيادة الدخل بعمل إضافي، لذا يمكن تعلم مهارة واحدة جديدة، ومن ثم التفكير في كيفية الاستفادة منها بعمل إضافي يجني المال.
هناك الكثير من قنوات اليوتيوب والمنصات التعليمية المجانية التي يمكن البدء بها، بحيث تمنحك العلم الذي تريده بأيسر الطرق.
4- قلل سوشيال ميديا وأكثر من أناس حقيقيين
لست ممن يتحسرون على الأيام الخوالي التي كان الناس لا يملكون أي حسابات على السوشيال ميديا، بل إنني أرى أن لها الكثير من الجوانب الإيجابية، بالنسبة لي لا أتخيل حياتي الآن من دونها؛ لأن رزقي بالكامل مرتبط بوجودها.
لكن ماذا عن المتابعة المستمرة وأولئك الذين تنكسر أظافرهم فيملؤون الدنيا صياحاً عليها؟
لا ألوم أحداً على نشر ما يحب، لكن بالتأكيد يمكنني أن اختار ما أضعه في حيز تفكيري واهتماماتي.
كما يجب الالتفات قليلاً للحياة الواقعية، فالتجربة ومشاكل الحياة ليست كما تحدث ويصورها البعض على مواقع التواصل، لذا فإن الاهتمام بالخبرة الحقيقية في الحياة هو ما يمكنك بالفعل من النجاح الحقيقي بها.
5- متابعة بودكاست أو قناة يوتيوب
نحن في عصر يمكننا أن نغذي عقولنا بأبسط الطرق، فقط بعض ضغطات على أزرار اللابتوب أو الموبايل تمكنك من الوصول إلى أي مما تريده من المعلومات، قرر أن تبدأ بالمتابعة والمعرفة عن موضوع محدد.
6- الاهتمام بالصحة
نصيحة كلاشيهية جداً، فبالطبع لا يقدم لك أحد النصيحة بضرورة إهمال صحتك، لكن القصد هو التخلص من عادة واحدة غير صحية، مثلاً شرب المشروبات الغازية وعدم تناول كميات كافية من الماء يومياً.
يمكن ألا تلمس تأثير تلك العادات على صحتك الآن، لكن تذكر دائماً أنك لن تستبدل جسدك بآخر إلى نهاية عمرك، فعليك أن تحافظ عليه ليبقى وفياً معك… على الأقل لا تتسبب بشكل مباشر بإلحاق الضرر به.
7- تقديم مساعدة للغير
الإنسان كائن اجتماعي يحب أن يؤثر بمن حوله، وواحدة من أكثر ما يشعر الشخص بالارتياح والسعادة هي قدرته على مساعدة الغير، سواء مساعدة مادية أم معنوية.
يمكنك أن تساعد أحد زملائك في العمل أو تنشر معلومة واحدة خاصة بعملك على صفحتك الشخصية على مواقع التواصل، وصدقني إن رأيت إعجاباً واحداً، أو تواصل معك أحدهم ليسألك عن تلك المعلومة، فإن سعادتك تصل حد السماء في حينها.
8- تنظيم الوقت
في نهاية عام 2022 أخذت قراراً بإجازة مفتوحة من العمل، هكذا أبلغت معظم المواقع والعملاء الذين أتعامل معهم. كنت أشعر بضغط رهيب، وأن كل الأمور خارجة عن سيطرتي تماماً.
لا تتعجب إن علمت أن كل ذلك الاضطراب تم التعامل معه تماماً عن طريق ضبط ساعات النوم وتقليلها نصف ساعة فقط.
ساعدني الاستيقاظ ثلاثين دقيقة باكراً عن موعدي على تنظيم اليوم وتحديد أولوياتي ورسم خطة بسيطة لشكل اليوم.
أنت أيضاً إن ادخرت 30 دقيقة فقط في يومك يمكنك أن تتعلم مهارة جديدة بنهاية العام، لتدخل عامك الجديد بمهارة حقيقية يمكنها أن تفيدك في عملك وحياتك.
9- الاهتمام بالجانب الروحاني
لا يمكن إغفال أهمية الجانب الروحاني في حياة أي شخص سوي، أياً كان معتقدك فلا بد من وجوده.
لذا عليك بتغذيته، ليس فقط من خلال العبادات المفروضة، لكن هناك الكثير من الجوانب التي تساعدك على تعزيزه للوصول لأعلى درجات الاستقرار النفسي الذي يعينك في مواجهة الحياة.
تابعت منذ فترة وقرأت الكثير من الأبحاث والمقالات عن أهمية التأمل في الوصول لحالة صفاء ذهني وعقلي، لذا قررت من بداية العام التعرف عليه أكثر وممارسته من خلال قنوات اليوتيوب المجانية.
10- لا تنس أنك من بني آدم
بنو آدم ليسوا كاملين للأسف، وليسوا آلات كذلك، هم بشر طبيعتهم النقص في كل أمورهم، لذا لا تجلد نفسك على أي تأخير أو عطل في رحلتك الخاصة.
فقط قف عنده واعرف الأسباب لتتمكن من مواجهتها، ومن ثم انطلق.
ولا تنشغل بغيرك، فإن الملتفت لا يصل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.