تحديات وتداعيات.. معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/04 الساعة 09:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/04 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش

يواجه اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان، مستويات متدنية، بل مثيرة للقلق البالغ، من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019، التي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أكبر 10 أزمات على مستوى العالم منذ القرن الـ19.

وكذلك تأثيرها الاجتماعي الذي خيّم على جميع الفئات السكانية في لبنان، فالأسعار تواصل ارتفاعها، مع تزايد ندرة السلع الأساسية، بما في ذلك الأدوية والوقود، في حين انخفضت فرص العمل والرواتب انخفاضاً حاداً، مما أدّى إلى انعدام الأمن الغذائي وتهديد حياة العديد من العائلات في لبنان عامة، والعائلات في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين خاصة، الذين يُكابدون البؤس وآلام اللجوء وحالات القهر وارتفاع نسبة الفقر والبطالة.

إضافة إلى تقليص في خدمات وكالة الأونروا وتباطؤ في تقديم المساعدات الإغاثية لجميع العائلات الفلسطينية، بعد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين بسبب غياب فرص العمل وزيادة مستوى البطالة، إذ إن معدلات الفقر قد طالت جميع العائلات، دون وجود أي مصادر دعم، والتي تفرض على وكالة الأونروا، المسؤول المباشر عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، إطلاق "برنامج طوارئ، واعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين كارثياً في ظل انسداد أفق الحل أو إطالة عمر الأزمة اللبنانية.

الأزمة غير المسبوقة التي يترنح تحت ثقلها غالبية اللاجئين الفلسطينيين، جعلتهم عرضة للخطر الاقتصادي، كما أن أكثر من 90% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون اليوم في فقر شديد، وهذا ما يتسبب بخسائر اجتماعية ونفسية فادحة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، الذين غالباً ما يشعرون، يوماً بعد يوم، بأن آفاقهم مقفلة، ملبّدة بالمصاعب، وأن إمكانية وصولهم الى حياة أفضل باتت شبه مستحيلة.

يشتكي كثير من اللاجئين الفلسطينيين، عدم استطاعتهم تحمل تكلفة أكثر من وجبة واحدة يومياً، وسط أوضاع اقتصادية متدهورة وصعبة يمرون بها جراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية.

يُشكّل اللاجئون الفلسطينيون ما نسبته عُشر سكان لبنان، وهم لا يعتبرون مواطنين رسميين لدولة أخرى، وبناء عليه، هم غير قادرين على اكتساب الحقوق نفسها التي يتمتع بها الأجانب المقيمون في لبنان، الأمر الذي زاد من معاناتهم.

كما أظهرت دراسة قامت بها وكالة الأونروا، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية خلال العام 2015، أن عدد اللاجئين الإجمالي المسجل لدى وكالة الأونروا يصل الى 425 ألفاً، يعيش 62% من اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات المنتشرة في الأراضي اللبنانية، حيث يصل عدد المخيمات الفلسطينية إلى 12 مخيماً. ويعاني ثلثا هؤلاء، أي ما حجمه 160 ألف لاجئ فلسطيني من الفقر، فيما يعاني 7.9% منهم من الفقر المدقع، لذا بات واضحاً أن وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، هو الأسوأ من بين لاجئي العالم، يمنعهم القانون اللبناني من ممارسة أغلب المهن، وهم من بين الفئات الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ نحو 3 سنوات في لبنان.

وبحسب الدراسة المقدمة من وكالة الأونروا، فإن نسبة العاطلين عن العمل تبلغ 90% من مجموع التعداد السكاني للاجئين، في حين يصل حجم القوة العاملة إلى حوالي 120 ألف شخص، يعمل منها 53 ألفاً فقط. وتبلغ نسبة النساء من بين الفئة التي تعمل 13%، مقابل 65% من الرجال. وأظهرت الدراسة أن 21% من اللاجئين الفلسطينيين العمال، يعملون في أشغال موسمية، فيما يعمل 7% منهم فقط وفقاً لعقود عمل قانونية. وهناك 3% من اللاجئين يعملون في أكثر من مهنة، إلا أن السبب الأساسي لتردّي أوضاع فلسطينيي لبنان هو عزلهم، بما لا يسمح لهم بالانخراط في الحياة المدنية في لبنان.

بالإضافة إلى إقفال أسواق العمل في وجوههم، وحرمانهم من الضمان الصحّي وحق التملّك، على الرغم من أن العمال الفلسطينيين يقيمون في لبنان منذ فترة طويلة، إلا أنه تجري معاملتهم كأجانب، ففي عام 1964 على سبيل المثال، وضعت وزارة العمل – بموجب المرسوم الوزاري رقم 17561 – سياسة تُقصِر المهن في لبنان على المواطنين اللبنانيين، وقد حرمت تلك اللائحة الفلسطينيين من العمل في نحو 70 فئة وظيفية.

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يواجهون تحديات عديدة أهمها: انعدام الأمن الغذائي في لبنان. فقد أثرت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية المستجدّة على كل العائلات، ممّا أسفر عن مستويات مقلقة من الفقر وفقدان سبل العيش وجعلت المعاناة عامة، على الرغم من الجهود التي تقوم بها العديد من الجمعيّات، إلّا أنّ الدور الذي تضطلع به وكالة الأونروا والفصائل الفلسطينية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، لا يزال دون حجم المعاناة والاحتياجات، ما يجعل الحاجة إلى تحرك سريع على نطاق واسع، خصوصاً مع ما يمكن أن يشهده لبنان من انهيار اقتصادي إضافي.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ظاهر صالح
كاتب وصحفي فلسطيني
كاتب وصحفي فلسطيني
تحميل المزيد