الحكومة الأكثر تطرفاً: إلى أين سيقود نتنياهو إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/01 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/12/31 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش

 ستكون الحكومة الإسرائيلية القادمة من أكثر الحكومات تشدداً، ولعل الوصف الدقيق لهذه الحكومة هو أنها "حكومة حرب" بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. 

ائتلاف حزب الليكود اليميني المتطرف مع أحزاب أكثر تطرفاً  

في الواقع لقد وُلدت حكومة الحرب هذه نتيجة مخاض عسير ومفاوضات ماراثونية بين الأحزاب اليمينية المتطرفة وأغلب ما يجمع هذه الأحزاب هو تقديم تنازلات متبادَلة للحفاظ على هذا الائتلاف قائماً.

 خوفاً من المستقبل غير المستقر لنتنياهو، في ظل اتهامه في قضايا فساد ورشاوى، اشترطت الأحزاب الأخرى (اليسارية والعربية وغيرهما من الأحزاب) أن يتنحى نتنياهو عن قيادة حزب الليكود للدخول في ائتلاف لتشكيل الحكومة بدون الأحزاب اليمينية المتطرفة، ولكن حزب الليكود رفض التخلي عن نتنياهو، ونتنياهو نفسه أصرّ على البقاء على رأس الحزب ليشكل الحكومة. يرى نتنياهو في تشكيل الحكومة مع الأحزاب اليمينية المتطرفة فرصة لا تتكرر في سبيل التخلص من قضايا الفساد وإغلاقها بشكل نهائي، من خلال إجراء تعديلات على المستوى القضائي يسمح له بتأجيل النظر بقضايا الفساد أو حتى وضعها في أدراج النسيان.

4 أحزاب كانت على استعداد للدخول في ائتلاف مع حزب الليكود هي: (شاس، كاخ، يهوديته توراه والصهيونية اليهودية). هذه الأحزاب بالطبع دخلت في هذا الائتلاف بشروط واضحة للغاية وهي:

فيما يتعلق بالداخل الإسرائيلي: تقديم امتيازات غير مسبوقة للطبقة الدينية، سواء على الحقائب الوزارية المتعلقة بوزارات مهمة، كالأمن والدفاع ومحاولة تقديم تسهيلات داخل موازنة الدولة للدعاية الدينية لهذه الأحزاب. كما اشترطت هذه الأحزاب ممارسة ضغوط على اليسار اليهودي وتقليل الاعتماد على اليهود الأمريكيين، وتقديم بعض الخدمات بناء على أسس دينية. 

فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني: تطالب هذه الأحزاب بتصفية حق العودة للفلسطينيين بشكل كامل، ودعم عمليات الاستيطان على كل الأراضي الفلسطينية، وضم الضفة الغربية إلى الاحتلال الإسرائيلي وإقرار قانون لإعدام الأسرى الفلسطينيين اشترطه رئيس حزب القوة اليهودية، بن غفير، ووافق عليه حزب الليكود، بعد أن أصر بن غفير على تحديد موعد محدد للمصادقة على هذا القانون، واعتبر الموافقة عليه شرطاً لإقرار موازنة 2023.

 كما اشترطت الأحزاب اليمينية قوننة تجريد الفلسطينيين من المواطنة أو إبعادهم وطردهم في حال القيام بعمليات داخل الأراضي المحتلة. وتضمن بيان حزب الليكود قبل يوم واحد من أداء القسم أمام الكنيست العديد من الخطوط الحمراء فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني والأراضي العربية المحتلة. فأكدّ نتنياهو على أن للشعب اليهودي حقاً حصرياً وغير قابل للتصرّف في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية والعربية. حيث ستشجّع الحكومة وتطوِّر الاستيطان في الجليل والنقب والجولان والضفة الغربية المحتلة. كما ستمنح الحكومة المقبلة صلاحيات وحصانة أوسع وأكبر لقوى الأمن أثناء تصديها للعمليات من قبل الشعب الفلسطيني.

وضع الحكومة على الساحة الدولية

في خطوة فريدة من نوعها أرسل 100 سفير ودبلوماسي إسرائيلي متقاعد يعملون في وزارة الخارجية برسالة إلى نتنياهو، يعبرون فيها عن قلقهم البالغ من إمكانية أن تلحق سياسة الحكومة المستقبلية الضرر بعلاقات تل أبيب الخارجية. يخشى هؤلاء أن يدفع اليمين المتطرف العلاقة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي إلى مستوى لم تشهده إسرائيل من قبل. 

وبالفعل، ففي مهد جماعات الضغط اليهودية (الولايات المتحدة) دفعت هذه اللوبيات الولايات المتحدة إلى دعم إسرائيل بشكل غير مشروط خلال السنوات الماضية، ولكن هذه الجماعات اليوم متخوفة من اليمين المتطرف، وهي من أكثر الجماعات التي ستتعرض للضرر من السياسات الخارجية لحكومة نتنياهو المتطرفة.

لا تزال الإدارة الأمريكية تؤمن بحل الدولتين (وإن كان في العلن فقط) ويؤيدها في ذلك أغلب اليهود الأمريكيون. إن إصرار نتنياهو والأحزاب المؤتلفة معه على تصفية حل الدولتين ومصادرة الأراضي الفلسطينية وضرب القرارات الأممية بعرض الحائط سوف يدفع هذه العلاقة إلى مزيد من التوتر، ليس فقط مع الولايات المتحدة، بل مع الاتحاد الأوروبي كذلك.

أما على المستوى العربي، فنحن نرى أن الهدف الأول والأخير لنتنياهو سيكون التطبيع مع الشرق الأوسط. ولكن جهوده هذه ستواجه أيضاً بمعارضة من قبل هذه الأحزاب التي تمتلك إيديولوجية معادية للعرب والمسلمين لا يمكن تغييرها بين ليلة وضحاها.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حامد أبو العز
باحث سياسي فلسطيني
باحث سياسي فلسطيني
تحميل المزيد