كانت الولايات المتحدة تعرض أنظمة صواريخ باتريوت كنظام دفاع جوي عالي التقنية لا يمكن أن يتفوق عليه أي من منافسيها. ومع احتدام الصراع في أوكرانيا، يرى الخبراء العسكريون أن موسكو من المرجح أن تطلق قوتها الجوية بكامل قوتها بحلول عام 2023، تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على صياغة استراتيجيات جديدة لمساعدة أوكرانيا في الاحتفاظ بالحصن لأطول فترة ممكنة.
أوكرانيا وموافقة الولايات المتحدة على إرسال الصواريخ
لذا فقد كانت نقطة تحول حاسمة عندما وردت أنباء عن موافقة الولايات المتحدة على إرسال بطارية صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا، وهو الأمر الذي سعى إليه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ أشهر لتعزيز الدفاعات الجوية لبلاده، في أوروبا والشرق الأوسط والمحيط الهادئ، تحمي تكنولوجيا الصواريخ هذه من الضربات المحتملة من إيران والصومال وكوريا الشمالية.
وأكد مسؤولون أمريكيون الاتفاق، ومن المتوقع صدور إعلان رسمي قريباً. يعد نظام باتريوت أحد الإنجازات المتوجة للدفاع الجوي الأمريكي في العقود الأخيرة. وكان لها دور كبير، وإن كان مبالغاً فيه، خلال حرب الخليج، ومنذ ذلك الحين أصبحت خاصة بها كنظام دفاعي مهم. وتم نشره في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في إسرائيل والخليج، ويتم استخدامه من قبل أكثر من اثنتي عشرة دولة.
يعتبر المشغلون جزءاً رئيسياً من الشراكة الأمريكية وشبكة التحالف، بما في ذلك اليابان والمملكة العربية السعودية والسويد وهولندا.
سيستغرق الأمر بعض الوقت لإيصال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا إذا مضت الإدارة قدماً في هذه الخطة. وستكون صواريخ باتريوت أكثر أنظمة الأسلحة الدفاعية طويلة المدى فعالية ويقول مسؤولون أمريكيون إنها ستساعد في تأمين المجال الجوي لدول الناتو في أوروبا الشرقية.
ليس من الواضح عدد قاذفات الصواريخ التي سيتم إرسالها إلى أوكرانيا، لكن بطارية باتريوت النموذجية تتضمن مجموعة رادار تكتشف وتتعقب الأهداف وأجهزة الكمبيوتر ومعدات توليد الطاقة ومحطة التحكم في الاشتباك وما يصل إلى ثماني قاذفات، كل منها يحمل أربعة صواريخ جاهزة للإطلاق.
تداعيات هذا التقرير مهمة. من خلال إرسال نظام متقدم ومكلف مثل باتريوت إلى أوكرانيا، سترسل واشنطن رسالة إلى الحلفاء الآخرين مفادها أنه يمكنهم أيضاً المخاطرة بإرسال أنظمة أكثر تكلفة إلى الدولة المحاصرة. وتلقت كييف بالفعل دفاعات جوية من الغرب، مثل IRIS-T من ألمانيا.
هذه الأنظمة مهمة جداً لمساعدتها في إسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار الروسية، والتي تُستخدم لمهاجمة البنية التحتية المدنية الأوكرانية، مثل مواقع الطاقة، في محاولة لإغراق أوكرانيا في الظلام في الشتاء البارد؛ وذلك لأن حرب روسيا في أوكرانيا لا تتعلق بالاستراتيجية، مثل هزيمة الجيش الأوكراني؛ إنه لمجرد إيذاء الأوكرانيين واقتصادهم ومحاولة إخلاء دولة ما بعد الاتحاد السوفييتي من السكان.
للدفاع ضد الهجمات الروسية على البنية التحتية المدنية، تحتاج أوكرانيا إلى الكثير من الدفاعات الجوية. هذا النوع من الدفاع ليس عادة صفقة جيدة للمدافع لأن الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن، ويمكن للعدو استخدام طائرات بدون طيار رخيصة الثمن تقدمها إيران، كما تفعل موسكو، لمضايقة خصمها. إذا أرادت دولة ما حماية المدنيين، كما تفعل إسرائيل مع دفاعاتها الجوية متعددة الطبقات، فإن إيقاف كل تهديد صاروخي يصبح مكلفاً.
تريد أوكرانيا إيقاف الطائرات بدون طيار وهي تحقق بالفعل نتائج مبهرة، حيث أسقطت معظمها في كثير من الحالات. ولكن حتى عدد قليل من الطائرات المسيرة أو الصواريخ التي تخترق هذه الدفاعات يمكن أن تعيث فساداً.
إن دراسة الكيفية التي قد ترسل بها الولايات المتحدة صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا وكيف تزن البلاد استخدامها سيكون أمراً مهماً، وقد يحفز مرحلة جديدة من الصراع. وروسيا تلقي بالفعل تلميحات بشأن التصعيد، وهو أمر تفعله موسكو في كل مرة تشعر فيها أنها تخسر.
وجانب آخر من قضية باتريوت هو أن كييف كثيراً ما طلبت من إسرائيل دفاعات جوية، وتحديداً نظام القبة الحديدية. وليس من الواضح مدى فعالية نظام الدفاع قصير المدى بالنسبة لأوكرانيا، لكنه مهم من الناحية الرمزية.
كانت إسرائيل مترددة في تزويد أوكرانيا بالدفاعات الجوية المتقدمة. ولقد دعمت الولايات المتحدة اسرائيل وعملت معها في تطوير أنظمة Arrow و David's Sling وتدعم "القبة الحديدية" مالياً. وتعمل إسرائيل الآن على تحسين القبة الحديدية من خلال إضافة أشعة الليزر إلى النظام، والتي من المفترض أن تقلل من تكاليف الاعتراض.
من المؤكد أن بلداً مثل أوكرانيا يرغب في رؤية منحنى مماثل من حيث تجربته الخاصة في محاولة اعتراض المزيد، مع تقليل تكلفة عمليات الاعتراض في الوقت نفسه وجعلها أكثر كفاءة.
في حين أن صواريخ باتريوت ستكون رمزاً مهماً لأوكرانيا، فمن غير المحتمل أن تفوز بالحرب. والدول التي ابتليت بتهديدات الطائرات بدون طيار والصواريخ، مثل المملكة العربية السعودية، استخدمت صواريخ باتريوت ضد الأعداء. هذا النظام لا يغير قواعد اللعبة دائماً في الحرب، لكنه يمكن أن يساعد في وقف بعض التهديدات باستخدام أنظمة الرادار، يمكن أن يساعد بلداً في تحذير شعبه منها.
في النهاية، يجب هزيمة الخصم بطريقة ما، أو توقيع اتفاقية سلام. ولا تكسب أنظمة الدفاع الجوي الحروب، لكنها يمكن أن تمنح الدول المزيد من الخيارات وتساعد المدنيين على عيش حياة أكثر طبيعية أثناء خوض الحروب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.