"ديرو النية" و"رضاة الوالدين" متلازمة المدرب العبقري وليد الركراكي منذ بداية مونديال العرب. المنتخب المغربي استطاع بقيادة هذا الرجل العظيم أن يحقق المستحيل، ويحقق أحلام آلاف من المقهورين والمستضعفين، وكذلك استطاع أن يدخل الفرحة على نطاق واسع في العالم الإسلامي (محور طنجة-جاكرتا) والعالم العربي (من المحيط إلى الخليج) وإفريقيا.
حلمٌ تحقق لأول مرة في التاريخ، فريق عربي-إفريقي يصل إلى مربع الكبار. لا شك أن المنتخب المغربي دخل التاريخ من أوسع أبوابه، على الرغم من النظرة الاستعلائية والاستشراقية للغرب، استطعنا بقيادة مدرب وطني أن نحقق المستحيل ونرسل رسالة للغرب أن العالم العربي والإسلامي يستطيع تحقيق المستحيل، وكما يقال "المستحيل ليس عربياً".
لقد أبهرت دولة قطر العالم بتنظيمها الأسطوري لكأس العالم، فهي الدولة الصغيرة جداً كما يراها الغرب والكبيرة في قلوب كل عربي ومسلم، فمنذ أن حصلت هذه الدولة على حق تنظيم أكبر فعالية في الكون، وهي تتعرض لكل أشكال الدعاية من أجل سحب التنظيم منها، لأنها في اعتقاد الآخر-الغرب، دولة مستبدة لا تؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن قطر حاربت من أجل تحقيق الحلم وتنظيم مونديال العرب لأول مرة في أرض عربية، ونجحت في ذلك رغم كيد الكائدين، وأكدت أن الحضارة العربية والإسلامية تستطيع أن تحقق المستحيل وتبهر العالم، ليس فقط في التنظيم المحكم لهذا العرس الكروي، بل أكدت أن العالم العربي والإسلامي يمتلك منظومة قيمية تتفوق على الغرب؛ "الكرم" و"الشهامة" و"الرجولة" و"بر الوالدين"… وغيرها من القيم الإسلامية والعربية.
نحن الحالمون نستطيع تحقيق المستحيل وهذا ما أكدته الوقائع من تنظيم أسطوري لدولة قطر وملحمة المنتخب المغربي. لقد أدرك العالم أن العالم العربي ليس كما يسوقه الغرب، ذلك العالم الغارق في ظلمات الجهل والتخلف، بل هو عالم يمتلك مقومات حضارية وثقافية تتفوق على الغرب الغارق في ظلمات اللذة والفساد القيمي والأخلاقي. وكما قال أحد المحللين العرب "إن دولة قطر تشبثت بهويتها ونجحت في المزج بين التنظيم المبهر والهوية الحضارية وتفوقت في ذلك… والمنتخب المغربي اختار بر الوالدين فاختاره التوفيق"؛ لذلك فالمنتخب المغربي استطاع أن يحقق الأماني وحقق المبتغى ووصل إلى نصف نهائي كأس العالم، وقطر نجحت في تنظيم هذا العُرس الكروي العالمي، وكل هذا يكفينا لنفتخر بعروبتنا وبديننا الإسلامي.
وأختم بما قاله المعلق الكبير عصام الشوالي سنة 2006: "لا تكن إنجليزياً أكثر من الإنجليز. لا تكن إسبانياً أكثر من الإسبان، نحن نمثل مجموعة أخرى من الأوطان. هم يروننا فقط كعالم ثالت، وصلنا لأوقات إلى درجة التعصب، شيء مبالغ فيه لرونالدو وميسي، فميركل لن تعطيك الشنجن، وإليزابيث لن تعطيك الجنسية، وفرانسوا هولاند لن يقبلك في بلده، لن يعطيك أحد منهم تذكرة دخول لبلدهم، ولو كانت آخر تذكرة للأوليمبيكو بين باولو ومحمد لأعطوها لباولو، أثبتت الأيام أنني على حق، هذا عاملّي فيها إنجليزي والآخر هولندي والآخر إيطالي، أنت عربي ابن الصحراء والبادية، لست إنجليزياً أو فرنسياً أو إسبانياً. إن أمي لم تكن شقراء اللون وأبي لم يكن أخضر العيون… بلاش ما تسبوا بعضياتكم من أجل ناس يعتبرونكم ناس بدون فائدة".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.