العرب في مونديال قطر.. كيف جعلوه مميزاً واستثنائياً؟

عدد القراءات
5,278
عربي بوست
تم النشر: 2022/11/29 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/29 الساعة 10:33 بتوقيت غرينتش

بقدر ما كان التنظيم القطري متميزاً وناجحاَ لحد الآن، كان إخفاق المنتخب القطري مخيباً، وكان بالمقابل أداء المنتخبات العربية الأخرى رائعاً، والحضور الجماهيري قياسياً ومثالياً زاد من جمالية كل الأشياء الجميلة التي نعيشها في مونديال العرب فعلاً من كل الجوانب التنظيمية والجماهيرية وحتى الفنية بعد جولتين من دور المجموعات، قطع فيها المنتخب المغربي شوطاً كبيراً نحو التأهل إلى الدوري الثاني، وحافظ فيها المنتخب السعودي على كامل حظوظه في اجتياز الدور الأول، بعد فوزه التاريخي على الأرجنتين، ومباراته البطولية أمام بولندا رغم الخسارة، كل ذلك في أجواء جماهيرية بنكهة عربية، صنعها حضور عربي تاريخي خاصة للمشجعين السعوديين بأرقام لم يسبق لها مثيل، في انتظار معجزة تونسية تمكن نسور قرطاج من عبور الدور الأول لأول مرة في التاريخ. 

بداية الإبهار العربي كانت بالسعودية التي صنعت ملحمة كروية عند مواجهة الأرجنتين والفوز عليها بثنائية تاريخية في حضور جماهيري قياسي على ملعب لوسيل فاق 80 ألف متفرج، استمتع بأداء سعودي تميز بالروح العالية واللياقة البدنية القوية والجرأة الهجومية التي مكنته من العودة في النتيجة والفوز باللقاء أمام منتخب أرجنتيني لم يجد ضالته بعد أن فقد توازنه وترك زمام المبادرة للسعوديين الذين أدخلوا العرب مبكراً في أجواء المونديال بأدائهم، وجماهيرهم الغفيرة التي كانت سنداً كبيراً للاعبين، أعطت البطولة نكهة خاصة اعتبرها البعض معجزة، والبعض الآخر مفاجأة، بينما كانت في الحقيقة نتيجة مستحقة بالنظر لمجريات وسيناريو اللقاء الذي كان الأفضل في تاريخ المنتخب السعودي على الإطلاق. 

 العرب في مونديال قطر

تألق السعودية حفز عناصر المنتخب التونسي في مباراتهم الأولى أمام الدنمارك التي كاد فيها نسور قرطاج أن يحدثوا مفاجأة أخرى ضد أحد أفضل المنتخبات الأوروبية حالياً، فحققوا تعادلاً بطعم الفوز سمح لهم بدخول أجواء البطولة بمعنويات وطموحات كبيرة، وهو نفس السيناريو الذي كاد يصنعه المنتخب المغربي أمام وصيف بطل العالم المنتخب الكرواتي في مباراة بطولية أخرى انتهت بالتعادل السلبي، الذي شكل فوزاً معنوياً لمنتخب يملك من المؤهلات الفنية الفردية والجماعية ما يسمح له بالاستمرار في البطولة لأطول مدة ممكنة لو حافظ على تركيزه، ولعب بقدراته الفعلية التي نعرفها عن لاعبيه الذين ينشطون في أقوى الدوريات وأفضل النوادي في أوروبا. 

السعودية حفزت تونس والمغرب بفوزها على الأرجنتين، واستقطاب مزيد من المشجعين السعوديين والعرب الذين لم تسعهم مدرجات ملعب المدينة التعليمية ليشهدوا ملحمة أخرى لم تكن نهايتها سعيدة أمام بولندا رغم الجهد والإصرار والروح والجرأة التي لعب بها أشبال ايرفي رونار، الذين استحوذوا على الكرة وضغطوا، وسيطروا على بعض أطوار اللقاء، لكن تضييعهم لركلة الجزاء في نهاية الشوط الأول أثر على معنوياتهم وكلفهم غالياً في نهاية المطاف أمام منتخب تحلى بواقعية كبيرة سمحت له بإضافة هدف ثان في الشوط الثاني، وإنهاء المباراة بفوز، لا يرهن حظوظ المنتخب السعودي في التأهل إلى الدور ثمن النهائي قبل مواجهة المكسيك هذا الأربعاء في حضور جماهيري آخر قياسي على ملعب لوسيل الذي سيكون شاهداً على ملحمة أخرى مرتقبة. 

يبدو أن خسارة السعودية انعكست بالسلب بعد ذلك على عناصر المنتخب التونسي الذين اعتقدوا أن تعادلهم ضد الدنمارك يشفع لهم للفوز على المنتخب الأسترالي الذي خسر مباراته الأولى بالأربعة أمام فرنسا، قبل أن يفاجئ التونسيين بواقعيته هو أيضاً ولياقة لاعبيه وتنظيمه الجيد فوق الميدان، في حين فوت المنتخب التونسي على نفسه فرصة الاحتفاظ بكامل حظوظه في التأهل قبل مواجهة بطل العالم المنتخب الفرنسي في الجولة الثالثة التي يبقى فيها مصير نسور قرطاج معلقاً على نتيجة مواجهة الدنمارك ضد أستراليا. 

عكس المنتخب التونسي، ومثل المنتخب السعودي سيكون مصير المنتخب المغربي بين يديه في مواجهته الثالثة أمام كندا، بعد فوزه التاريخي المستحق على المصنف الثاني عالمياً منتخب بلجيكا في مباراة تشبه إلى حد بعيد المباراة التي أداها المنتخب السعودي ضد الأرجنتين، حيث تمكن من الفوز بهدفين لصفر، بعد أن تفوق على كل المستويات الفردية، والجماعية والفنية والتكتيكية وحتى النفسية والذهنية وسط حضور جماهيري مغربي قياسي، قام بدوره كما ينبغي في تشجيع منتخب بلاده، مثلما فعلت قطر قيادة وشعباً عندما ساندت المنتخبات العربية بكل جوارحها إيماناً منها بأن فرحة القطريين بالتنظيم الجيد لن تكتمل إلا بفرحة الجماهير العربية واستمرار منتخباتها في المنافسة لأطول مدة ممكنة. 

العرب في المونديال، جعلوا من المونديال عربياً لحد الآن بفضل مردودهم ونتائجهم، وبفضل حضور جماهيرهم التي صنعت الفارق وخطفت الأضواء من جماهير أوروبية وأمريكية جاءت لتشهد على معجزة قطرية من كأس العالم فيفا 2022، وليكون مونديالاً عربياً بالفعل وليس بالقول.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حفيظ دراجي
المُعلق الرياضي الجزائري
إعلامي شهير، ومُعلق رياضي جزائري.
تحميل المزيد