شهدت الجولة الثانية من مباريات المجموعتين الأولى والثانية من بطولة كأس العالم، فيفا قطر 2022، إثارة بالغة، وأهدافاً غزيرة وأخرى قاتلة في دقائقها الأخيرة، عاشت معها الجماهير ليلة لا تنسى من المتعة الكروية، في أروع الاستادات الكروية في تاريخ هذه البطولة.
الأسود الثلاثة تُرسل رسائلها للجميع
استهل المنتخب الإنجليزي الشاب البطولة بأفضل ما يكون أداءً ونتيجة بعد اكتساح خصمه المنتخب الإيراني الذي بدا بلا حول ولا قوة أمام الطوفان الإنجليزي، الذي تمكن من تسجيل نصف دستة من الأهداف على مدار الشوطين، حيث أرسل لاعبو منتخب الأسود الثلاثة رسالة قوية للمنافسين بأن هذا الجيل الشاب قادم بقوة للمنافسة على اللقب كهدف أول، والوجود على الأقل في المربع الذهبي كهدف ثانٍ.
وفي وقت كان فيه تركيز لاعبي إيران أكثر على الهداف هاري كين في منع وصول الكرة إليه وتشديد الرقابة عليه، إلا أن حيوية وعنفوان الشباب، وعلى رأسهم اللاعب بيلينجهام وساكا، كانا شعلة من النشاط في وسط الملعب والأطراف، وتمكنا بمعاونة لاعبي الوسط رايس وماونت وسترلينج من تفكيك دفاعات منتخب إيران الذي يعتبر من أقوى الدفاعات في مرحلة التصفيات.
في الليلة الظلماء يفتقد البدر
منذ الوهلة الأولى وضح جلياً أن منتخب السنغال كان متأثراً بغياب نجمه وهدافه الأول ساديو ماني، حيث لم يتمكن لاعبو المقدمة من التصرف أمام مرمى المنتخب الهولندي في الكثير من الأحيان، وفي الوقت نفسه تمكن الدفاع الهولندي من التعامل بشكل جيد مع انطلاقات أخطر لاعبي السنغال إسماعيل سارا، الذي وضح عليه تأثره بغياب اللاعب ماني الذي لديه دائماً الحلول المناسبة للهروب من الرقابة وتشكيل الخطورة في وضعية اللاعب ضد اللاعب.
وما زاد الأمور سوءاً هو الحالة الذهنية الضعيفة والأداء الهزيل الذي لا يزال مرافقاً للحارس ميندي منذ فترة طويلة جعلته حبيساً لدكة البدلاء في فريقه تشيلسي معظم مباريات الدوري الإنجليزي هذا الموسم، حيث لا يزال يرتكب الهفوات والأخطاء التي تكلف فريقه غالياً، وقد كان له من الأخطاء نصيب أيضاً في هذه المباراة بخروجه الخاطئ في لقطة الهدف الأول، وتعامله الأسوأ في لقطة الهدف الثاني.
وبالنسبة للمنتخب الهولندي فإن ما يميزه هو خط دفاعه الذي يقوده أحد أفضل المدافعين في الفترة الأخيرة، وهو المطلوب لمنتخب يدخل دائماً أي بطولة وهو من ضمن المرشحين الأقوياء للفوز بها، وبعد هذا الأداء يمكن القول إن المنتخب الهولندي لديه من الأسلحة ما يجعله منافساً قوياً للذهاب بعيداً في هذه البطولة.
تعادل عادل في أكثر مباراة متكافئة حتى الآن
بعكس معظم المباريات التي لعبت حتى الآن في المجموعتين الأولى والثانية، جاءت مباراة منتخبي ويلز والولايات المتحدة الأمريكية كأحد أكثر المباراة تكافؤاً حتى الآن، حيث تبادل المنتخبان الندية والسيطرة منذ الدقيقة الأولى وحتى الأخيرة، وقد كانت نتيجة التعادل بينهما أيضاً أكثر من عادلة بالنظر للمستوى الذي قدمه المنتخبان في أحد أكثر المباريات حركية وندية حتى الآن.
تعادل عادل بين منتخب يشارك في المونديال لأول مرة منذ 64 عاماً، ومنتخب أمريكي شاب وضح أنه سيكون النواة والأساس للمونديال القادم الذي سيقام لأول مرة بتنظيم ثلاثي مشترك (الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك)، ومن المرجح جداً أن يتم فيه رفع عدد المنتخبات المشاركة إلى 64 منتخباً دفعة واحدة.
هل اتضحت معالم المتأهلين في المجموعتين الأولى والثانية؟
بصورة عامة يمكن القول إن الأمور شبه اتضحت في هاتين المجموعتين، وإن كان صعباً التكهن إلا أنه قياساً لما قدمته المنتخبات الثماني في المجموعتين في الجولة الأولى، فإن المتصدرين والمغادرين يمكن التنبؤ بهما، خاصة أن الانتصار في الجولة الأولى مهم للغاية، ففي المجموعة الأولى عرفت هولندا أن تخطي أحد أبرز منافسيها ليس كافياً، فالمنتخب الإكوادوري لديه من الدوافع الكثير لتأمين ولو نقطة واحدة لوضع قدم في الدور القادم بعد سقوط السنغال أمام هولندا.
بينما المنتخب القطري لا مجال لديه سوى الفوز فقط أمام المنتخب السنغالي للبقاء في المنافسة ومحاولة تحقيق تأهل تاريخي للدور القادم، بينما أي نتيجة للمنتخب السنغالي بخلاف الفوز ستضعف من حظوظه في التأهل للدور القادم، وقد يعود مبكراً إلى دياره.
في المجموعة الثانية نجد أن الانتصار العريض للمنتخب الإنجليزي على المنتخب الإيراني سيشكل دفعة معنوية هائلة من الصعب زوال تأثيرها، حيث سيحاول جاهداً استغلال هذه الحالة المعنوية المميزة في تأمين التأهل للدور القادم أمام المنتخب الأمريكي الباحث بشدة عن تأهل تاريخي للدور القادم، بينما المنتخب الويلزي لا يحمل أي ضغوط في سعيه لتسجيل مشاركة مميزة وإكماله بتأهل تاريخي للدور القادم أمام منتخب إيراني ظهر باهتاً، وإن كان التعويض أمامه لا يزال مفتوحاً أمام منتخب قد يكون مكافئاً له في الإمكانيات والقدرات.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.