لماذا يخطئ الغرب بشأن كأس العالم قطر 2022؟

عدد القراءات
1,581
عربي بوست
تم النشر: 2022/11/21 الساعة 11:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/21 الساعة 11:58 بتوقيت غرينتش
الحملة الغربية ضد مونديال قطر 2022/ مواقع التواصل الإجتماعي

عندما دافع "جياني إنفانتينو"، رئيس الفيفا، عن قطر المضيفة عشية كأس العالم 2022، لم يبد أن الكثيرين في الصحافة الغربية يقدرون تعليقاته. ووصفت شبكة "سي إن إن" تصريحات "إنفانتينو" بأنها "خطبة متفجرة"، ووصفتها "ياهو نيوز" بأنها "فجة ومثيرة للغضب"، في حين اعتبرتها صحيفة "الغارديان" "هجوماً غريباً على النقاد.
على مدى الأسابيع القليلة الماضية، اشتدت الانتقادات الغربية لقطر بشأن حقوق الإنسان والحرية الفردية إلى حملة تشهير مستمرة ومنسقة قبل كأس العالم 2022.
وفي الآونة الأخيرة، انتقدت وزيرة الداخلية الألمانية "نانسي فيزر" تنظيم قطر لكأس العالم، مشيرة إلى أنه "من الصعب جداً" أن ترتبط ألمانيا بالبلد المضيف بسبب ما زعمت أنه انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل قطر. ورداً على ذلك استدعت قطر السفير الألماني للتنديد بتصريحات فيزر. واستجاب "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" وزير الخارجية القطري بسرعة واتهم ألمانيا بـ"المعايير المزدوجة"، ونصح برلين بإجراء جرعة صحية من النقد الذاتي، ومع ذلك، فقد تحدثت فيزر بشكل طوعي بعد فترة وجيزة، وأشادت بقطر على "القوانين الجيدة للغاية" التي سنتها الدوحة لحماية حقوق الإنسان.
كما حذا مجلس التعاون الخليجي حذوه؛ حيث أشاد الأمين العام "نايف الحجرف" بالدور القيادي لقطر في "بناء الجسور بين الحضارات وتعزيز التفاهم بين الشعوب ضمن حدود الاحترام المتبادل"، وانتقد تصريحات ألمانيا.
وقبل أسابيع قليلة، اشتكى أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" من الحملة "غير المسبوقة" التي تستهدف البلاد.

 ووصف هذا التشهير الخبيث بأنه مليء بالمعلومات الخاطئة والمضللة، وهي حملة مطولة مستمرة منذ أن فازت قطر بشرف استضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2010.
فمن الصحيح أن منظمات حقوق الإنسان كانت في الماضي تنتقد المشاكل النظامية المتعلقة بحقوق العمال المهاجرين الناجمة عن نظام الكفالة الذي ألغي منذ ذلك الحين. ومع ذلك، في السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، أشادت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة بإصلاحات قطر، بما في ذلك إلغاء تأشيرة الخروج لعاملات المنازل، وإنشاء حد أدنى دائم غير تمييزي للأجور وتسهيل إجراءات تغيير الوظائف.

وبالمثل، تتفق النقابات العمالية الدولية والخبراء على أن هذه الجهود حقيقية وتشكل تقدماً كبيراً. وهذه الإجراءات أكثر تقدماً بكثير مما لدى دول الخليج الأخرى للقوى العاملة المهاجرة. بطبيعة الحال، هناك دائماً مجال للتحسين. 

ومن ناحية أخرى، نظراً للتقدم المحرز في هذه القضية، قد يتساءل المرء عما إذا كان هذا التشهير اللئيم ضد قطر له أي هدف أو غرض. قد يؤدي الحديث عن العقوبات وما إلى ذلك إلى نتائج عكسية للغاية، وكان على ألمانيا أن تفهم هذا جيداً من تجربتها الأخيرة في مواجهة الآثار السلبية للعقوبات الغربية على روسيا. 

في حين أن العديد من المراقبين يعتبرون الانتقادات التي تشنها الدول الغربية مخادعة في أحسن الأحوال، لا يزال يتعين التأكيد على نقطتين رئيسيتين في سياق تسليح حقوق الإنسان. 

أولاً، هذا النهج فعال من حيث التكلفة مقارنة بالأشكال الأخرى مثل الحظر أو الحصار أو النزاع المسلح. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تأطير الحالات عن طريق عدسات حقوق الإنسان يميل إلى اجتذاب الرأي العام الدولي. ومما يؤسف له أن النهج الاختزالي المستخدم في هذا السياق غير عادل وغير أخلاقي لأنه يتجاهل عمداً التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلد المستهدف. 

وتظهر مثل هذه الحملة المنظمة أنه تم التركيز بشكل كبير على مجرد مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان وظروف العمل السيئة للعمال المهاجرين. لم تذكر وسائل الإعلام الغربية سوى القليل عن الجهود الهائلة لاستضافة كأس العالم 2022 في الدوحة. على سبيل المثال، لم يكن هناك جزء واحد من التغطية حول كيف جعلت قطر البطولة في متناول المتفرجين ذوي الإعاقة. 

فيما قررت فرنسا أيضاً عدم بث مباريات كأس العالم في الأماكن العامة على شاشات كبيرة في مدنها المتعددة بذريعة مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان وظروف العمل السيئة للعمال المهاجرين، وبالنظر إلى تزايد حوادث الكراهية ضد المسلمين في فرنسا، وأحياناً حتى برعاية الدولة، فإن الرد المعقول الذي يمكن للمرء أن يتوقعه من قطر هو: "يجب أن تكون آخر من يتحدث عن حقوق الإنسان". إن الانتقادات الغربية لقطر لاستضافتها كأس العالم 2022 منافقة بطبيعتها وتؤدي إلى طريق مسدود. وبدلاً من الانخراط في حوار ومفاوضات دولية لتحسين حقوق العمال المهاجرين، تختار الدول الغربية ممارسة لعبة اللوم.
وقد أرسى قانون العمل الجديد الذي يلغي نظام الكفالة الأسس لتحسين ظروف العمل، ما يجعل قطر أول دولة تقوم بمثل هذا الإصلاح. ولا ينبغي أبداً استبدال النقد البناء القائم على الحقائق الواقعية بأحكام مسبقة عميقة الجذور واستغلال حقوق الإنسان كذريعة لتشويه سمعة أي بلد.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد