تشغيل رحلات مؤقتة بين تل أبيب والدوحة طوال فترة كأس العالم يتيح للمشجعين الإسرائيليين والفلسطينيين حضور المونديال، اعتبره البعض تنازلاً قطرياً، ووصفه البعض الآخر بأنه تطبيع، رغم توضيحات الجانب القطري عند إعلان الخبر من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وتقديمه لكل تفاصيل الاتفاق، وتجديده لموقفه الذي لم يتغير من التطبيع ما لم يحصل الجانب الفلسطيني على كامل حقوقه في إقامة دولته المستقلة، بينما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الخبر بالرائع، دون أن يأتي على ذكر التفاصيل، وما أشار إليه بيان الفيفا بشأن سفر الفلسطينيين أيضاً عبر مطار بن غوريون لحضور مباريات المونديال، أو ما أشارت إليه السلطات القطرية بأن الأمر يتعلق بطيران قبرصي يتولى المهمة وليس إسرائيلياً، تنتهي مهمته بانتهاء المونديال.
الفيفا قال في بيانه إنه "سيتم مؤقتاً تشغيل رحلات مستأجرة مباشرة بين مطار بن غوريون ومطار حمد الدولي طوال مدة كأس العالم فقط، من قبل شركة طيران قبرصية، تملك أصلاً حقوق الهبوط في قطر، وتكون متاحة للإسرائيليين كما للفلسطينيين، بشرط أن يكون بحوزتهم تذكرة سفر صالحة ذهاباً وإياباً، تذكرة حضور إحدى المباريات، وبطاقة "هيا"، التي تعتبر بمثابة تأشيرة دخول لكل مشجعي العالم، علماً أن التقديرات تشير إلى حصول 8000 مشجع فلسطيني من عرب 48 على التذاكر، مقابل 2000 إسرائيلي فقط، ما يجعل الاتفاق في صالح الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، حيث يسمح وجودهم في مدرجات الملاعب، وفي وسط جماهير العالم بالترويج لقضيتهم العادلة، من خلال القيام بحملات إعلامية وجماهيرية، بدأ التحضير لها في قطر منذ مدة.
مسؤول قطري رفيع المستوى، أشار إلى أن الاتفاق يدخل في إطار التزامات قطر باحترام سياسات الفيفا ومتطلبات الاستضافة، التي تسمح لكل حاملي التذاكر عبر العالم بدخول قطر، دون استثناء أو تمييز، كما ينص عليه دفتر شروط التنظيم، لكن قطر رفضت فتح قنصلية مؤقتة لتسهيل إجراءات السفر والإقامة للجماهير الإسرائيلية، والتي تتولاها شركة سفريات دولية خاصة، يديرها القطاع الخاص في الدوحة، بينما يحظى الفلسطينيون بخدمات سفارتهم في الدوحة عند الحاجة، كما رفضت قطر السماح لشركات الاتصالات الإسرائيلية بتشغيل هواتف جماهيرها في الدوحة، وتوعدت بإلغاء الاتفاق وإيقاف الرحلات المؤقتة في حالة وقوع أي تصعيد إسرائيلي في القدس أو الضفة الغربية، أو قطاع غزة المحاصر، تأكيداً منها على أن الأمر لا يعدو أن يكون وفاء بالتزاماتها مع الفيفا وليس تطبيعاً.
وسائل الإعلام الإسرائيلية وبعض الأطراف العربية المطبعة مع إسرائيل هللت للاتفاق، ورحّبت بانضمام قطر إلى قائمة الدول المطبعة على حد تعبيرها، قبل صدور بيان الفيفا وتوضيحات الجانب القطري، الذي أكد أن فتح المجال الجوي للرحلات المباشرة هو أمر مؤقت، يشمل الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، في حين راحت بعض المنابر الإعلامية تتهكم على قطر التي تعارض التطبيع قبل استعادة الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربية، لكن يبدو أن المطبعين لا يخفون سعادتهم بانضمام دول جديدة إلى حظيرتهم ويزايدون على غيرهم، وهم الذين تجاوزوا مرحلة التطبيع إلى درجة التطويع والتركيع، والتحالف الأمني والعسكري، والتعاون الاقتصادي والثقافي مع الكيان، استجابة لأوامر أمريكية، نظير حماية عروشهم من ثورات شعوبهم عليهم.
الفلسطينيون كانوا أكثر سعادة، ليس بما اعتبره البعض تطبيعاً، حتى وإن كان مؤقتاً، لكن بالتسهيلات التي توفرت لهم لأول مرة من خلال هذا الاتفاق بين الفيفا وقطر، خاصة أن سكان الضفة الغربية سيتمكنون لأول مرة من السفر عبر مطار بن غوريون الذي كان حكراً على الإسرائيليين وسكان القدس الشرقية، الذين يستخدمون وثائق سفر أردنية، بينما يعاني البقية ويلات المعابر الحدودية مع الأردن ومصر، وممارسات إسرائيلية عنصرية وتعسفية مجحفة في تنقلاتهم، باعتبارهم شعباً محتلاً ومحاصراً خاضعاً للسيطرة، لم يكن بإمكانه حضور مباريات كأس العالم قبل التسهيلات التي قدمتها قطر، والتي تدخل ضمن التزاماتها بضرورة السماح لكل جماهير العالم دون استثناء بدخول قطر .
كأس العالم، فيفا قطر 2022، هي بطولة عالمية تابعة للفيفا وليس لقطر، من يتقدم لاحتضانها عليه الالتزام بدفتر الشروط، وقطر التزمت ببنوده "مؤقتاً" حتى نهاية المنافسة، خاصة أنها لم تكن بحاجة إلى إعطاء أسباب إضافية للمنتقدين والحاقدين، حتى يصعّدوا من حملاتهم المسعورة ضد قطر، تحت عنوان حقوق الإنسان والعمال والمرأة، وحرية التنقل، وقيم التسامح وتعايش الأديان التي ينادون بها، عندما يتعلق الأمر بهم، لكن يكفرون بها عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين والعرب والمسلمين.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.