التدخين، السمنة، التسويف.. لماذا من الصعب تغيير عاداتنا؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/14 الساعة 07:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/15 الساعة 08:42 بتوقيت غرينتش

لماذا لا يستطيع أغلب المدخنين الإقلاع عن التدخين بسهولة؟

لماذا لا يستطيع أغلب من يعانون من الوزن الزائد اتباع نظام غذائي صحي؟

لماذا أغلبنا أسرى ما تعودنا عليه؟

قد يصدق عزمنا على الالتزام بعادة معينة، ونؤديها فعلاً لعدة أيام، ثم ننسى ما قررناه أو نملّ مما نبذله من جهد فيها.

لكي تنجح فعلاً في اكتساب عادة جديدة هناك خطوة مهمة تسبق التزامك بأدائها، تلك الخطوة هي فهمك للأسباب الحقيقية وراء عاداتك الحالية، وما الذي تُشبعه تلك العادات بالضبط، وما الذي يُحفزك للقيام بها؟

"الفهم الصحيح" للنفس وخباياها هو سبيل الوصول.

يروي أحد المتخصصين في مجال تغيير العادات قصة طريفة:

"في شركة أمريكية اعتاد أحد الموظفين الذهاب إلى الكافيتريا وتناول الكعك مع زملائه كل يوم في فترة الغداء، ما تسبَّب في زيادة وزنه، كيف يتغلب هذا الموظف على تلك العادة؟

الحل الذي قد يخطر على البال تلقائياً هو أن يتناول ثمرة فاكهة مثلاً كبديل للكعك وسعراته العالية.

لكن ليحدث تغيير حقيقي لا بد من تفكير حقيقي في أسباب السلوك وعدم الاكتفاء بالظاهر، أو افتراض أسباب وهمية.

طلب المتخصص من الشخص أن يسأل نفسه: لماذا آكل تلك الكعكة كل يوم، رغم ضيقي بهذا التصرف وندمي عليه لاحقاً، لماذا كل يوم، هل أكون جائعاً، هل لأني أحب مذاقها، ما الأسباب الحقيقية؟

عندما فكَّر الشخص في الأمر تفكيراً عميقاً اتَّضح له أن ما يحتاجه فعلاً، وما يذهب بسببه كلَّ يوم إلى الكافيتريا هو "الصحبة" التي يجدها في مكان تناول الطعام، والجلوس مع زملائه والدردشة لبعض الوقت.

عندما تعرّف على الاحتياج الفعلي وراء السلوك الذي اعتاده أصبح من السهل عليه تغييره، باستبداله بعادة أخرى تُشبع الاحتياج الذي تهبه له رحلة الكافيتريا اليومية.

عندما تهاجمه الرغبة في تناول الكعك/الذهاب إلى الكافيتريا يتوقف عن العمل، وينظر حوله باحثاً عن زميل يمكنه التحدث معه لدقائق، ويعود بعد ذلك لأداء عمله بلا سعرات إضافية ولا شعور بالذنب.

بمنتهى السهولة واليسر تخلّص صديقنا من مشكلة الأكل الزائد، عندما وضع يده على الاحتياج الحقيقي الكامن وراءها.

كل طعام نتناوله دون أن نكون جائعين هو تعبير عن جوع نفسي/ألم/فراغ داخلي، علامة احتياج غير مشبع، مؤشر للاحتياج وللاهتمام، أو للترفيه، أو للراحة، أو للتواصل، أو للخروج من ضغوط الحياة اليومية، هو محاولة لإذابة مرارة نعاني منها في لذة طعام شهي عابرة، تنتهي وتتركنا محمّلين بوزن زائد وصحة معتلّة وشعور بالذنب!.

عندما نفكر بتركيز وصدق في تصرفاتنا ودوافعها يمكن أن نغيرها، يمكن أن نبحث عن طرق أفضل لإشباع ما نحتاجه.

الخلاصة للإقلاع عن عادة سيئة:

1- فكِّر جيداً في أسبابك الحقيقية في التعلق بها: ماذا تجني من ورائها، هل يصاحبها روتين معين، ما هو؟ ما مدى أهميته لك، ما الظروف والملابسات التي تحثك/تستفزك/تدفعك للقيام بها؟

2- عندما تعرف الاحتياج الحقيقي وراء تمسكك بعادة مضرة، فكِّر في عادة أفضل بديلة، وتشبع نفس الاحتياج بلا ضرر لك.

3- عند وقوع الدافع/المحفز، الذي يدفعك للقيام بالعادة القديمة التزم بخُطتك واتَّبع العادة الجديدة.

4- لتعتاد سلوكاً وتؤديه بلا تفكير لا بد من المداومة على ممارسته شهراً كاملاً بلا انقطاع.

أعِن نفسَكَ على تذكُّره، سواء بعمل جداول متابعة مكتوبة، أو بوضع تذكيرات على هاتفك المحمول، أو على أجندة مواعيدك، أو باستخدام تطبيقات مثل Coach.me.

لا تهم الأداة، المهم أن تضمن وجود تذكير يومي للتدرب على العادة الجديدة.

5- كافِئ نفسك على كل تغيير حَسَنٍ تنجح فيه.

مع كل تغيير إيجابي تنجزه تكتسب دفعة معنوية تعينك على تغيير عادة أخرى وأخرى.

تغيير العادات ليس مقتصراً على أشخاص محظوظين حباهم الله قوة العزيمة، هو في نهاية الأمر عِلم، له خطوات يمكن لأي منا اتِّباعها وتحقيق التغيير المنشود.

مع خالص تمنياتي لكم بحياة أفضل وأسعد، تجتهدون في كل يوم منها لتكونوا أفضل نسخة منكم.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سهى جاد
خبيرة في الإدارة ومهارات التواصل
تحميل المزيد