هل يعيد ترامب إلى منصته؟! تويتر إيلون ماسك الجديد والاستغلال السياسي

تم النشر: 2022/11/05 الساعة 12:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/05 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
دونالد ترامب وإيلون ماسك / الشبكات الاجتماعية

فور دخوله مقر سان فرانسيسكو بدأ الملياردير الأمريكي إيلون ماسك المالك الجديد لتويتر حملته التطويرية التي سماها "إطلاق العصفور من القفص"، ولكن هل سيتمكن هذا الطائر من التحليق عالياً ومجاراة المنصات الأخرى والتفوق عليها؟ وكيف ستؤثر ميول ماسك السياسية على تويتر؟

رغم كل التحديات التي مر بها تويتر مسبقاً لكن هناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي فشل مارك وكل منصات شركة ميتا في منافسة تويتر أو التغول الذي تعرفه منصة تيك توك، لذلك راحت تطلق أفكاراً مستنسخة من تيك توك على غرار الفيديوهات القصيرة ودعم هذا النوع من المحتوى، في الوقت الذي أظهرت فيه الأرقام تراجعاً ملحوظاً في أرباح الشركة، إذ قدرت حسب الإحصائيات الأخيرة انخفاض قيمته 52%، وهذا دليل آخر على أن الشركة تتقهقر وتسجل تراجعاً في عدد مستخدميها، ولم يعد بإمكانها إغراء العديد من المشاهير وصناع المحتوى قياساً بما يقوم به تيك توك الذي تسمح خوارزمياته بالانتشار أكثر فأكثر.

ولعل إيلون ماسك قد دخل هذا الباب بإعلانه فكرة إعادة إطلاق تطبيق فاين للفيديوهات القصيرة بعد أن أدرك أن هذا النوع من المحتوى قد أصبح دارجاً بكثرة ومحبباً لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، كما أطلق العنان للمطورين في شركة تويتر لطرح العديد من المزايا والخدمات الجديدة على المنصة التي من شأنها أن تحافظ على رواد تويتر وأن تجعله أكثر شبابياً وأكثر قابلية لمجاراة المنصات المنافسة.

وقد تكلم ماسك سابقاً عن أن نيته في شراء تويتر كانت خدمة الإنسانية، ولكن ها هو يؤكد خلال الأيام الأولى من امتلاكه الرسمي المنصة أن الربحية لا يمكن أن تكون غائبة عن ذهن الملياردير وراح يعلن ضريبة 8 دولارات على كل حساب موثق يحمل الشارة الزرقاء!لكن هذه الفكرة الربحية بإمكانها أن تدمر المنصة خاصة إذا قرر أشهر مستخدميها تركها احتجاجاً على قرار إيلون ماسك، وهنا ستكون الثمانية دولارات التي سيفرضها ماسك أحد أكبر القرارات الارتجالية المتسرعة في حالة ما لم تكن هنالك ميزات مقدمة لأصحاب الحسابات الموثقة تستحق الدفع، وسيكون قرار ماسك كاسراً للقاعدة التي تقول إن منصات التواصل هي التي تدفع لأشهر مستخدميها وليس العكس.

شراء منصة ذات انتشار واسع في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا نسبياً بدل التفكير في إنشاء منصة جديدة والعمل على تطويرها وتسويقها، يعد اختزالاً للزمن والجهد ولكن في نفس الوقت تعتبر هذه مخاطرة إذا ما تكلمنا عن حجم المنافسة التي يعرفها عالم السوشيال ميديا، بعد أن تحولت من مجرد وسيلة جديدة للتواصل بين البشر إلى شركات تتصدر البورصة العالمية ولها مفعول قوي في السياسة وفي بلدان العالم الثالث وتأثير خفي في البلدان المتقدمة.
ونخص بالذكر هنا الولايات المتحدة الأمريكية، بدليل أن التضييق الذي مارسته وسائل التواصل الاجتماعي على ترامب كان كفيلاً بتجنيب أمريكا فوضى كادت أن تقضي على الديمقراطية فيها.
وهنا نطرح تساؤلاً مهماً عن توجهات إيلون ماسك فيما يخص الجانب السياسي وعن نواياه بالتأثير في الانتخابات الرئاسية القادمة في بلاده باستغلال هذه المنصة العملاقة، وعن إمكانية إفساح المجال مجدداً أمام ترامب ورفع حظوظه في العودة إلى البيت الأبيض.

وإلى هذه الساعة لم يوضح ماسك قراره بخصوص عودة ترامب إلى تويتر واكتفى بتغريدة مازحة قال فيها: "لو جنيتُ دولاراً واحداً على كل سؤال فيما يخص عودة ترامب إلى تويتر لجنيت الكثير المال"، وربما تمزج هذه التغريدة بين المزاح والإجابة الذكية بما معناه أن التفكير الربحي لإيلون ماسك لا يتأثر برغبته في استغلال منصة تويتر لفرض الكثير من التوجهات السياسية، والتي تعتبر سلاحاً ذا حدين حيث من الممكن أن تخرب منصته الجديدة خاصة إذا ما تم التضييق على تويتر بقوة القانون الأمريكي تحت تأثير خصوم ترامب.

لقد استعمل إيلون ماسك ذكاءه أيضاً عندما نشر استطلاعاً للرأي يتضمن حلولاً للحرب الدائرة في أوكرانيا وعن جزيرة القرم وأحقية روسيا التاريخية فيها، قبل أيام قليلة من إتمام الصفقة وقد كانت هذه نية لمغازلة بوتين، ورغبة منه في العودة إلى السوق الروسية بعد أن قرر القضاء الروسي حجب توتير واعتباره منصة محرضة وغير مرغوب فيها، وربما تكون أيضاً رسالة مشفرة يعلن فيها أن أفكاره لا تتفق مع رؤية الإدارة الأمريكية الحالية.

قد يكون ماسك رجل أعمال لا يتقن لغة السياسة لكنه قد يستغل منصة تويتر لدعمه في الانتخابات الرئاسية القادمة إذا أقدم على الترشح شخصياً وهو أمر غير مستبعد، خاصة أنه يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة في الولايات المتحدة الأمريكية وبإمكانه الاقتراب أكثر فأكثر من المشهد السياسي تحت دعم منصة تويتر.

لقد سرقت وسائل التواصل الاجتماعي صفة السلطة الرابعة من الإعلام بصورته الكلاسيكية التي لم تعد تتماشى مع عصر التكنولوجيا والأجهزة الذكية، ويمكنها اليوم أن تسرق دور شركات سبر الآراء الانتخابية وحتى نتائج الانتخابات في حد ذاتها ولا نستبعد أن يأتي يوم تتحول فيها هذه المنصات إلى صانعة رؤساء في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا ندري ماذا يدور في رأس إيلون ماسك لكن الأكيد أن تويتر الآن بات في يد رجل جريء بإمكانه أن يوظف بذكاء منصته لصياغة المشهد السياسي القادم.

أما نحن كعرب فنتمنى ألا تحذو منصة تويتر حذو فيسبوك الذي يقوم بالتضييق على المحتوى الفلسطيني من خلال حجب الصور التي توثق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

جميلي عمار الحاج
كاتب جزائري
كاتب جزائري
تحميل المزيد