بلاد النيلين تتجه نحو المجهول.. إلى أين يسير العسكر بالسودان بعد عام كامل من انقلابهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/29 الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/29 الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش
عناصر من الجيش السوداني

لقد مر عام كامل منذ انقلاب البرهان، قائد الجيش السوداني، الذي قاده في نهاية العام الماضي، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عندما قطع الاتصالات والإنترنت، وبث بياناً على الإذاعة الحكومية، يحل الحكومة المدنية، قصيرة الأجل ولم يجنِ إلا القتل المستمر.

لا يزال الوضع في السودان يراوح مكانه من السيئ إلى الأسوأ، والوضع يتفاقم نحو المجهول.

الثلاثاء 25 أكتوبر 2022، في يوم الذكرى السنوية الأولى للانقلاب، تظاهر الآلاف من السودانيين في العاصمة السودانية (الخرطوم) في مدنها الثلاث، الخرطوم، أم درمان وبحري، وعدد كبير من مدن البلاد المختلفة، عطبرة القضارف، سنجة، مدني، كسلا، الدمازين، الأبيض، الدويم، بورتسودان، الفاشر، نيالا والجنينة.

في الخرطوم، سيرت لجان المقاومة المواكب الجماهيرية الكبيرة، التي بدأت من محطة "باشدار" جنوباً، نحو القصر الجمهوري، مزينة بالأعلام واللافتات المكتوبة، وصور الشهداء الذين سقطوا تباعاً مع الاحتجاجات المستمرة منذ عام.

حيث واجهت القوات الأمنية حشوداً كبيرة من المتظاهرين، وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة لتفريقهم، لكن جموع المتظاهرين صمدت في الشوارع ما بين الكر والفر حتى عشية اليوم.

كما شهدت مدينة "أم درمان" على الضفة الأخرى للنهر، أيضاً مواكب قوية وصلت إلى مباني "البرلمان"، لكنها قوبلت بالعنف وأصيب عدد من المتظاهرين بجروح متفرقة، قُتل أحدهم شهيداً بدهسة سيارة (دفار)، تابعة لقوات السلطة الانقلاب، وفقاً لـ"تقرير" صادر عن لجنة الأطباء المركزية غير الحكومية التي اكتفت بالبيان دون تفاصيل.

لكنّ ناشطين بمواقع  التواصل الاجتماعي في السودان نشروا صور وتفاصيل الطفل القتيل.

سائلين الله له القبول والدعوات لأسرته بالصبر والسلوان والمطالبة بالقصاص من قتلته وكل الشهداء.

لم تتوقف آلة القتل العسكرية عن قتل المتظاهرين العزل بدم بارد منذ صبيحة الانقلاب خاصة الأطفال، ولا تزال تبرر قتلهم ببيانات واهية، وغير منطقية، في محاولة منها فقط لإضعافهم، وإسكات الذين يطالبون بإصلاح هذه الأجهزة العسكرية، التي فقدت مكانتها وثقتها عند الناس، بسبب القتل اليومي للمواطنين على أيدي أفرادها دون محاسبة أو توقيف، والتخلي عن واجباتها في حماية أمن واستقرار المواطن، الأمر الذي يزيد الغضب كل يوم ويجعل الناس يخرجون إلى الشوارع للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم، ولكن لا حياة لمن تنادي ما لم يذهب هذا الكابوس.

سيظل 25 أكتوبر يوماً راسخاً في ذكرى شعبنا البطل، ولن ينساه السودانيون في سواد أيامه وكمية الدماء تلك التي سفكت في الشوارع، عندما خرجوا إلى الشوارع بصدورهم العارية، فقابلتهم رصاصات الغدر والخيانة، وقُتل من قتل وجُرح من جرح، ولا تزال الجرائم مستمرة، مع خذلان تام من المجتمع الدولي، الذي يغضّ الطرف عن جرائمهم التي يريد لها التسويات لإنهاء الأزمة، وما هي إلا دوران في ذات الصفرية غير المفضية إلى حل.

فالذي يجب تفهمه هو أنه لا حل إلا برضا الشارع، الشارع الذي يملك الشرعية المستحقة لا المزايدة المستخفة لصاحب القرار.

ومما لا شك فيه أن سلطة "الانقلاب" المتدثرة اليوم غير قادرة على قول الحقيقة، وغير قادرة على مواجهة إرادة للشعب، إلا بالعنف والاعتقالات التعسفية، كما هو واضح بدليل التظاهرات المستمرة لمدة عام كامل، تناهض الانقلاب وترفض التسويات مع الشعب.

إضافة إلى إغلاق الجسور وقطع الإنترنت، والاتصالات وتسميم الأجواء بخطابات الكراهية بشكل متكرر، وتلك مسألة تفهمها الشعب وعاش تجربتها.

ليظل السؤال الأهم 119 شهيداً ولا يزال الجرح ينزف؟ ما الذي يريده الانقلابيون غير الدم؟

ستبقى المطالب قوية مرفوعة حتى يسقط الانقلابيون ويذهبوا إلى مزبلة التاريخ، وتنتزع البلاد الحكم المدني الكامل، ونبني كل ما حطمته الانقلابات العسكرية على مدى السنوات الماضية، ويُحاسب المجرمون ويستعيد المواطن حقه في الحياة والعيش الكريم، لا محالة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

معمر إبراهيم
محرر ومحلل سياسي
تحميل المزيد