صعود رئيس الوزراء الجديد ريشي سوناك إلى أعلى منصب في السياسة البريطانية أمر لافت للنظر، فقبل فترة وجيزة فقط تعرض لهزيمة شاملة من قبل ليز تراس في مسابقة قيادة حزب المحافظين، الآن يصبح رئيساً للوزراء.
الرجل الذي شغل منصب وزير مالية في عهد بوريس جونسون لمدة عامين ونصف، يواجه الآن مهمة لا يحسد عليها، تتمثل في انتشال أمة بريطانية "مترددة" بعد فترة رئيسة الوزراء السابقة تراس "الكارثية".
وعلى رأس التحديات التي تواجه رئيس وزراء المملكة المتحدة الثالث هذا العام، إصلاح الاقتصاد الذي ينزلق نحو الركود، ويترنح بعد تجربة سلفه القصيرة و"الكارثية" في الاقتصاد التحرري.
كما يتعين عليه توحيد حزب المحافظين "المحبط"، و"المنقسم"، والذي بات يتخلف كثيراً عن المعارضة في استطلاعات الرأي.
وبصفته وزيراً سابقاً للمالية، فقد قاد سوناك الاقتصاد البريطاني خلال جائحة فيروس كورونا، وحصل على الثناء لدعمه المالي للعمال المسرحين، والشركات المغلقة.
وسيواجه الآن تحديًا كبيرًا، يتمثل في تهدئة الأسواق ومحاولة كبح جماح التضخم، في وقت يتسم فيه بالضعف المالي للحكومة، وتدهور الآفاق الاقتصادية وموجة من الإضرابات.
وتواجه بريطانيا معه مشاكل اقتصادية أوسع نطاقاً ناجمة عن الوباء، والحرب في أوكرانيا وخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي في عام 2020، وقد كان الرجل مؤيداً قوياً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأثارت خطط رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس الإصلاحية فوضى في السوق، وأدت إلى تفاقم التضخم، في وقت كان فيه ملايين البريطانيين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف الاقتراض وأسعار الطاقة والمواد الغذائية.
وأما في حزبه الذي بات يحتاج إلى شخص لتصحيح السفينة بعد شهور من الفوضى فقد استقبل سوناك بهتافات شديدة خلال اجتماع خاص في البرلمان بعد دقائق من فوزه في المنافسة، ويجب عليه وضع ذلك في الحسبان إلى جانب غضب من مؤيدي جونسون لترك زعيمهم الحكومة في يوليو/تموز الماضي.
وبعد أزمة حزب المحافظين ظهرت المطالب بإجراء انتخابات وطنية في ظل النظام البرلماني البريطاني، إلا أن هذا يبدو غير مرجح، حيث تشير استطلاعات الرأي في بريطانيا إلى أن الانتخابات ستؤدي إلى كارثة بالنسبة للمحافظين، حيث يفوز حزب العمال يسار الوسط بأغلبية كبيرة.
ويمكننا القول أيضاً إن استثمارات الخليفة الجديد لبوريس جونسون في "بنك غولدمان ساكس" وثروة زوجته أكشاتا مورتي الهائلة -وهي ابنة ملياردير هندي- قد تغذيان شعوراً لدى الشعب البريطاني بأنه بعيد عن نضالات الناس العاديين، وهو ما قد يشكل تحدياً آخر له.
ويعد ريشي سوناك أصغر رئيس وزراء بريطاني منذ 200 عام، حيث تولى زمام الأمور، بعد أن ترك بوريس جونسون السباق، منهياً محاولة قصيرة الأمد ورفيعة المستوى للعودة إلى منصب رئيس الوزراء الذي أطيح به منه منذ أكثر من ثلاثة أشهر بقليل وسط فضائح أخلاقية.
وكان احتمال عودة جونسون، آنذاك، قد ألقى بحزب المحافظين المنقسم بالفعل في مزيد من الاضطرابات. وقاد الحزب إلى فوز ساحق في الانتخابات في عام 2019، لكن رئاسته للوزراء خيمت عليها الفضائح حول المال والأخلاق التي أصبحت في النهاية أكثر من أن يتحملها الحزب.
والآن ينتظر البريطانيون الكثير من الشاب القادم من الهند إلى سدة أحد أهم المناصب في بريطانيا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.