تصدَّر مسلسل ستيلتو مواقع التواصل الاجتماعي، وباتت حلقاته تلاحقني في كل المنصات، ولمن لا يعلم ستيلتو هو النسخة العربية من المسلسل التركي "جرائم صغيرة"، الذي عُرض عام 2017.
تدور أحداث المسلسل حول جريمة قتل تحدث أثناء حفل في أحد البيوت الفارهة، وتحضره شخصيات كبيرة، وأثناء ذلك يتعرض المسلسل لعلاقات الحب والكره والغيرة والحقد ومعالجة المشاكل اليومية الحياتية.
وبما أنني أعرف طبيعة مثل هذه المسلسلات سلفاً، فلم أكن حريصة على متابعة حلقاته كاملة، ولكن ما لفت انتباهي في المسلسل هو الترويج المبالغ فيه للعلاقات الشاذة غير الشرعية، التي تقف عندها لتسأل نفسك: ما الذي يروِّج له المسلسل؟
فمثلاً علاقة الصداقة بين ألمى، التي تؤدي دورها الفنانة "كاريس بشار"، وخالد الذي يؤدي دوره الفنان "بديع أبو شقرا"، غير مقبولة أبداً، فأنا لا أعلم ولم أرَ رجلاً طبيعياً يقبل بعلاقة كهذه، ولا أعلم أن رجلاً قد يقبل لحبيبته صديقاً كأنه امرأة يلازمها في كل الأوقات، نحن بشر ولسنا ملائكة، ولا أتذكر أنني تابعت مسلسلاً أو فيلماً أجنبياً يحمل مثل هذه الفكرة، وإذا كانت المرأة بحاجة لصديق بهذه الصورة فلماذا لا تكون صديقة؟
كذلك جعلني المسلسل أنفر من علاقة كريم المتزوج وألمى ومشاهد التقارب الحميمي بينهم، والترويج على أنها قصة حب رومانسية طبيعية، والتي تحتل أكثر من نصف الحلقات!
أتساءل بيني وبين نفسي عن تأثير هذه المشاهد والعلاقات التي يروج لها المسلسل بين المراهقين، وهم الفئة الأكثر مشاهدة للمسلسل، وأصحاب العقول غير الناضجة، واعتقادهم أن هذا واقع، وأن هذه علاقات عادية مشروعة، فعندما تؤمن المرأة بمثل هذه الأفكار التي تسعى جاهدة لتسليعها والعودة لزمن الجاريات، فهي أول من يدفع الثمن!
قديماً كان الرجل يدفع الثمن نقوداً، أما الآن فالمرأة هي التي تدفع الثمن من كرامتها وعفتها، ومن تؤمن بقلبها بمثل هذه الأفكار ستصحو لتجد نفسها وقعت في مصيبة أكبر منها، وستكره معها نفسها وجنس الرجال جميعهم، كما أن الرجل المتزوج حينما يبرر لعلاقة غير مشروعة، يدعي أنها كانت مجرد نزوة في حياته، أو أنها لم تكن حباً، فتلك حجة الرجال جميعاً حينما يقرون الترك لأجل امرأة أخرى، والنتيجة ماذا؟ تدمير أسرة!
بالإضافة إلى هذه العلاقات غير المشروعة، فإن المسلسل رتيب ولا توجد به أحداث قوية، وأداء الممثلين بارد جداً، فيما عدا فلك، التي تؤدي دورها الفنانة السورية ديما قندلفت، فدورها مقنع، وحضورها قوي، ولربما وجودها هو أحد عوامل نجاح المسلسل، أما ما تبقى فهو بارد بطريقة مملة.
إذا كان المسلسل ناجحاً، كما يقول البعض، فإنني أرى أن نجاحه يعود لعرضه حلماً جميلاً يحلم به أكثر من نصف سكان العالم العربي، الحياة الفارهة والنساء المعروضات كالفاكهة في محل راقٍ فخم، فحتى بالرغم من خسارة كريم "أحد شخصيات المسلسل"، استمرت حياته في الرفاهية، فما أجمل هذه الحياة الخيالية وسط الخدم والحفلات والأبهة الاجتماعية.
أضف إلى ذلك تلميحات الإعجاب والحب بين شخصيتي المسلسل كريم وألمى، التي أخذت أكثر حلقات المسلسل، وتغطي على هشاشة المسلسل والأفكار التي يروج لها، مثل مساكنة لؤي وحبيبته، وزميل نايلة، وكأن دخول وخروج زميل المرأة في العمل بيتها أمر طبيعي وعادي!
برأيي فإن مسلسل ستيلتو هو من عالم آخر، وفكرة تعدد العلاقات بين المتزوجين شاذة على مجتمعاتنا العربية، ولو أن المسلسل قام على تعدد الزوجات لقامت الدنيا وما قعدت، أما أن يعرض بهذا الشكل فهذه قمة الحضارة والتمدن، أجارنا الله من القادم، وحمانا وأطفالنا من الأفكار الهادمة التي بات يروَّج لها في كل مكان!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.