يا ترى هل تكفي الكلمات للحديث عن الشهداء، وعن وصفهم؟ وهل تكفي السطور لشرح تفاصيل التحدي والبطولة، أم أنهم أعظم وأكبر من أن يتحدث أو يصفهم أُناسٌ مِثلُنا؟ إنهم لا يختلفون عنا في شيء سوى أنّهم يمضون في الحياة الدنيا باحثين عن حياة العزة والكرامة.
لقد ألهبت مشاعر الشعب الفلسطيني، مشاهد مسرّبة من كاميرا مراقبة لحاجز الاحتلال الإسرائيلي، حيث امتشق عدي التميمي مسدسه الصغير، واستمر بإطلاق النار حتى الرمق الأخير، أمام جنود الاحتلال الإسرائيلي المدججين بأحدث الأسلحة الأتوماتيكية، والمختبئين خلف الجدران والحواجز الأسمنتية، في عمليته المزدوجة، التي لم يُظهر الشهيد عدي نفسه فيها سوى من خلال مقاومته لجنود الاحتلال الإسرائيلي، ليثبت الشهيد عدي أن المقاومة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها هذا الاحتلال، وليكشف هشاشة المنظومة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، الذي قام بمحاصرة مخيّم شعفاط، وفشل في العثور على منفذ العملية، ليعلن أن المطارد "أصلع الرأس"، فانتفض شباب مخيم شعفاط، لحلق رؤوسهم للتمويه، ثم حاول البحث عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فأربك الشباب الفلسطيني خوارزميات (فيسبوك) في البحث عن كلمة "عدي"، اسم الشهيد، الذي استمر الاحتلال يطارده مدة 11 يوماً متواصلة، فوجدنا أن عدي التميمي هو الذي كان يُلاحق جنود الاحتلال، فنفّذ عملية جديدة قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس المحتلة، وأصاب جندياً بجراح خطرة، ولكن عدي سقط شهيداً.
من هو عدي التميمي؟
عدي التميمي اسمٌ رددته مؤخراً وسائل إعلام العدو، بشكل مكثّف، فمن هو الشهيد عدي التميمي؟
وُلد عدي في شهر نوفمبر/تشرين ثاني عام 1999، وكان يفترض أن يطفئ شمعة عيد ميلاده الـ23 بعد أسابيع، لكن إعدامه على يد حراس مستوطنة "معاليه أدوميم" مساء الأربعاء الماضي حال دون ذلك.
ارتبط الشهيد عدي التميمي بعلاقات ممتازة مع أسرته وأقاربه وجيرانه، فكان محبًاً للجميع، ومحبوباً من الجميع، كما أكدت والدته، وكان إنسانياً اجتماعياً يحب الناس ويقوم بالواجب، ولا يتأخر عن مساعدة أحد، كانت معنوياته عالية جداً، وقد نال الشهادة التي كان يتمناها، وسعى إليها، وأنها راضية عنه.
وقالت والدته، في مقطع فيديو، ظهرت فيه اليوم، إن جيش الاحتلال (الإسرائيلي) اعتقلها مع زوجها وشاب من العائلة، فور انتشار خبر عملية "معاليه أدوميم"، شرق القدس، مؤكدة أن الاحتلال الجبان عاملها بقسوة شديدة.
وعن الأيام التي سبقت استشهاده، أكدت أنها كانت قلقة عليه، لكن قلبها مطمئن، "كنت قلقة على ابني، لكني كنت مرتاحة، ولا أعلم سبب ذلك، وكلت أمري لله رب العالمين يتولاه ويحميه، وفعلاً حماه وتولاه، حتى نال الشهادة التي كان يتمناها".
كان الشهيد عدي التميمي ملتزماً بواجبه تجاه دينه ووطنه، واتصف بأنه كان يهتم بنفسه كثيراً، خاصة في مجال الرياضة.
وصية الشهيد عدي التميمي
تداول الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصية تعود للشهيد عدي التميمي، والتي كتبها بتاريخ 2022/10/11، وتالياً نصها:
"أنا المطارَد عدي التميمي، من مخيم الشهداء شعفاط، عمليتي في حاجز شعفاط كانت نقطة في بحر النضال الهادر، أعلم أنني سأستشهد عاجلاً أم آجلاً، وأعلم أنني لم أحرر فلسطين بالعملية.
︎ تساؤلات الإعلام (الإسرائيلي)
قالت القناة العبرية 12 إنها وضعت أسئلة أمام لجان التحقيق للجيش والشرطة و"الشاباك" حول هذه العملية، وهي:
1 – لماذا فشلوا في تعقبه على مدار 11 يوماً، رغم أنه كان في مساحة صغيرة نسبياً؟
2 – كيف استطاع الهروب من العديد من القوى التي كانت تبحث عنه؟
3 – كيف خرج من مخبئه ووصل إلى مدخل معاليه أدوميم؟
4 – كيف استطاع مفاجأة حراس الحاجز وتنفيذ هجوم آخر قبل تصفيته؟
5 – هل هرب إلى شعفاط بعد الهجوم الأول، أم اختبأ في مكان آخر؟
كل هذه الأسئلة أثبتت أن الاحتلال الإسرائيلي بقوته وجيشه وأجهزة مخابراته، كان يبحث عن الشاب حليق الرأس في مخيم شعفاط والمناطق المحيطة، في وقت كان التميمي يخطط مرة أخرى لتنفيذ عملية فدائية جديدة.
︎ لقد استطاع عدي التميمي تلقين كيان الاحتلال الإسرائيلي درساً أمنياً قاسياً، ومرّغ أنفه بالتراب، وأثار الخوف والرعب في قلوب جنوده ومستوطنيه، أثبت الشهيد عدي التميمي أن المقاومة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها هذا الاحتلال الإسرائيلي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.