كيف اختبأ عدي التميمي من إسرائيل طيلة هذه المدة؟ السر الذي لا يود الاحتلال الاعتراف به!

عدد القراءات
771
عربي بوست
تم النشر: 2022/10/21 الساعة 10:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/21 الساعة 10:48 بتوقيت غرينتش

في مساء يوم السبت، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2022 اعتدى جنود الاحتلال على فتاة فلسطينية أمام باب العامود بوحشية مفرطة، واعتدوا على شاب فلسطيني هبَّ لنجدتها بعد أن استفزه منظر الجنود وهم يطرحون الفتاة أرضاً ويعتدون عليها. 

انتشرت صور هذا الحادث الأليم على وسائل التواصل الاجتماعي، فرآها شاب مقدسيّ من مخيم شعفاط لا يتجاوز عمره 22 ربيعاً يُدعى عدي التميمي. وبعد ساعات قليلة توجه عدي إلى حاجز شعفاط العسكري، الذي يفصل شعفاط وعناتا عن بقية القدس، تقلّه سيارة. 

ترجل عدي من السيارة مطلقاً النار من مسدسه على جنود الاحتلال، فقتل مجندة وأصاب جنديين آخرين وُصفت إصابة أحدهما بالخطيرة، ثم انسحب سيراً على أقدامه بسلام. 

عدي التميمي
عدي التميمي

كانت عملية عدي عملية بطولية بامتياز، فعادة العمليات أن يطلق المقاومون النار على حواجز الاحتلال وجنودهم عن بعد مسافات؛ نظراً للحراسة المشددة ووسائل الرقابة التي يفرضها الاحتلال على الحيز الجغرافي الفلسطيني. 

والأدهى أن المنفذّ انسحب من أمام الجنود المدججين بالسلاح بعد أن نفدت ذخيرته دون أن يتمكنوا من إطلاق النار عليه. 

ربما كان نشر مشاهد هذه العملية خطأ جسيماً لدى الاحتلال، فعادة الاحتلال أن يتكتم على قتلاه وجرحاه وأن يخفي مشاهد العمليات التي تضعف الروح المعنوية لدى جمهوره، وتعززها لدى الشعب الفلسطيني. فهذه العملية كان لها كبير الأثر في إذكاء معنويات الشعب الفلسطيني، فهي استهدفت أهم معالم الاحتلال التي يعاني منها الشعب الفلسطيني يومياً في الضفة الغربية بما فيها القدس.

الحواجز الإسرائيلية.. محطات لقهر الفلسطينيين


تشكل الحواجز الإسرائيلية العسكرية محطات قهر وإذلال ورعب للفلسطينيين، فهناك مئات من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية، حتى إن معظم القرى والبلدات الفلسطينية يوجد على بواباتها حواجز عسكرية دائمة للاحتلال، يضطر الفلسطينيون لعبورها يومياً. وعلى تلك الحواجز ينتشر جنود يصوبون الأسلحة على الفلسطينيين وأصابعهم على الزناد، وربما تؤدي أي حركة عفوية أو اشتباه لدى جنود الاحتلال إلى إطلاق النار على المارين على الحواجز. وكم من الشهداء، رجالاً ونساء وأطفالاً وشيوخاً، قد ارتقوا على حواجز الاحتلال؛ لأن جنوده توجسوا أو اشتبهوا بهم، فالحواجز فعلياً هي بوابات للموت اليومي والمتكرر دون أي سبب. 

عدي التميمي
حاجز إسرائيلي خارج مدينة رام الله الفلسطينية

وعدا عن الموت السائل المنتشر على الحواجز، فالحاجز مكان للإذلال والمعاناة. فالزمن الفلسطيني على حواجز الاحتلال يتباطأ كثيراً، فالمسافة لدينا لا تقاس بالساعات ولا الكيلومترات وإنما بالحواجز.  فحواجز مثل حوارة وقلنديا والكونتينر هي فواصل جغرافية كبيرة تقسم الضفة من شمالها إلى جنوبها، وهي محطات لفقد الوقت وإضاعته. 

ففي كل يوم يضطر الفلسطيني للبحث على وسائل التواصل عن حالة الحواجز والطرق ليتأكد إذا ما كانت هناك أزمة على أحد حواجز الاحتلال وسبب الأزمة وامتدادها، قبل أن يأخذ قراره بالتوجه من محافظة إلى أخرى. 

وغير ذلك، فالمرور على الحاجز يعني أنك معرّض في أي لحظة للتوقيف، أو تسليم هويتك للجنود ليفحصوها، وربما تفتيشك وتفتيش سيارتك واعتقالك. وهذه الأمور ليست سوى أمور مزاجية لجنود الاحتلال، فمتى شاؤوا أغلقوا الحاجز وبدأوا بالتفتيش، ومتى شاؤوا فتحوه دون أن يملك الواحد منا من أمره شيئاً، فليس هناك مناص من المرور على الحواجز.

ولذلك، فالحواجز تشكل تجربة إدراكية سيئة ومروعة لدى الفلسطينيين، وعندما ينفّذ شابّ عملية بطولية على حاجز، بهذه الصورة، فهذه العملية هي رد اعتبار وثأر من الحاجز وجنوده الذين يمعنون في قتل الشعب الفلسطيني وإذلاله.

وإلى ذلك، فقد جاءت عملية عدي في وقت تشهد فيه الضفة الغربية حالة ثورية متصاعدة، خاصة في شمالها مع بروز جنين ونابلس كبؤرتي مقاومة متنامية. 

الحالة الشعبية، فعلياً، متأثرة بالمقاومة وتترقب امتدادها لمناطق أخرى في الضفة الغربية، لا سيما القدس التي تواجه هجمة استعمارية تستهدف الوجود الفلسطيني فيها، والمسجد الأقصى الذي يشكل بؤرة لتفجر الأوضاع، خاصة مع المحاولات والدعوات اليهودية المتكررة لاقتحامه والسيطرة عليه في ظل الأعياد اليهودية الجارية في هذا الشهر.

غير أن المفاجئ في العملية هو قدرة عدي على الانسحاب من موقع العميلة بسلام، وهو أمر تقترب احتماليته إلى الصفر بالعادة، وبقاؤه مطارداً لأكثر من 10 أيام. وهو أمر ليس يسيراً في ظل منظومة الرقابة والتحكم التي يفرضها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، فالضفة الغربية تقع تحت الاحتلال العسكري المباشر وتقسمها حواجز الاحتلال العسكري، والتنقل بين مدن وقرى الضفة المختلفة منوط باستخدام الطرق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، والتي تحيط بها المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية من كل جانب. 

ولذلك لم تعد المطاردة ممكنة في هذه الظروف التي أصبح تأخر الاحتلال في القبض على مقاوم في ظلها، ولو ليوم واحد، انتصاراً في حد ذاته على آلة الرقابة والضبط والتحكم وجيش الاحتلال. وهذا الأمر يختلف عن حالتي جنين ونابلس التي يتخذ فيهما المقاومون من مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس قواعد ارتكاز لهم. 

وقد استطاع عدي أن يظل مطارداً، على الرغم من الحصار الذي فرضه الاحتلال على مخيم شعفاط، واستخدامه لأحدث وسائل التكنولوجيا، ونشره لمسيّرات المراقبة "الزنّانة" في سماء الضفة الغربية كلها ليل نهار. غير أن سياسات الاحتلال تلك أسهمت في زيادة نقاط التوتر وزيادة حدته أيضاً. 

فبحصاره لمخيم شعفاط أدخل الاحتلال القدس بمختلف أحيائها إلى خط المواجهة المشتعلة فعلياً في شمال الضفة الغربية وغيرها من المناطق. إضافة إلى امتداد الحالة التضامنية مع مخيم شعفاط إلى جميع الضفة التي شهدت إضرابات واحتجاجات مساندة للمخيم. 

فبدل أن يعزل الاحتلال مخيم شعفاط عن بقية الضفة الغربية والقدس بالحصار المفروض عليه، إذ به يسهم في ربط أواصر الشعب الفلسطيني في حالة تضامنية ثورية مع مخيم شعفاط بتأثير من الحالة الثورية المتصاعدة في الضفة الغربية.

في يوم الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول عاد المطارد ليظهر من جديد، ولكن في مكان بعيد عن المنطقة التي كان الاحتلال يكثّف فيها جهوده بحثا عنه. عاد ليكون مطارِداً لا مطارَداً من حيث لم يحتسب جنود الاحتلال.

ففي مساء ذلك اليوم أغار عدي على الحاجز العسكري المنصوب على بوابة مستعمرة "معالية أدوميم"، المقاومة على التلال المقابلة للخان الأحمر المعروفة فلسطينية بـ"طلعة الدم" للونها المايل للحُمرة، وقد اشتبك عدي مع حراس الحاجز وأصاب أحدهم، واستشهد وهو يحاول أن يلتقط مخزن الرصاص، الذي سقط منه بعد أن أصيب، ليُعمّر مسدسه الذي نفدت ذخيرته. فظل يقاوم حتى الرمق الأخير، وحتى بعد أن أصيب، ونفدت ذخيرته، ليرتقي شهيداً مقبلاً غير مدبر.

لم تكن عملية الشهيد عدّي الثانية تقل بطولة عن الأولى، فقدرته على التغلب على كل منظمومة الرقابة والأمن وقوات الاحتلال المنهمكة في البحث عنه، شكلت صدمة للاحتلال. فمع أن العملية الثانية كانت خسائر الاحتلال فيها أقل إلا أنها كانت ضربة أمنية كبيرة للاحتلال، وتحدياً لمنظومته الأمنية جمعاء. يحاول الاحتلال أن يبرر فشله في القبض على عدي منذ اللحظة الأولى وطوال أيام مطاردته بأنه كان بعيداً عن وسائل الاتصال بشكل كامل، ولذا لم تستطع أجهزة أمن الاحتلال العثورعلى طرف خيط يدلهم عليه. 

غير أن ذلك لا يمثل الحقيقة، فالاحتلال واقع في وَهْم قوته وتفوقه التكنولوجي على كل الدول العربية، فكيف الحال بشاب صغير يحمل بيده مسدساً؟!

هناك آلاف الحالات والنماذج التي أثبت الفلسطينيون فيها قدرتهم على التغلب على منظمومة الأمن والرقابة الإسرائيلية، حتى في السجون التي تعد مختبرات رقابة وتحكم، وليس أدل على ذلك من عملية هروب أسرى جلبوع الستة المعروفة باسم عملية "نفق الحرية" في عام 2021. والنماذج متعددة ولا مقام لعدها.  

وتعود عوامل نجاح الفلسطينيين في التغلب على منظومة الرقابة والأمن الإسرائيلية إلى إدراك الفلسطينيين لمكامن ضعف هذه المنظومة. وأول مكمن من مكامن ضعفها هو قوتها المفرطة، فهذه القوة المفرطة تجعل الاحتلال يطمئن إلى قوته وإلى عدم قدرة الفلسطينيين على التغلب عليها أو اختراقها.

كيف نجح عدي في الاختباء؟

 تقودنا هذه الحالة إلى حكاية الأرنب والسلحفاة التي تعلّمناها في صغرنا، فالأرنب السريع اطمأن إلى سرعته وإلى بطء حركة السلحفاة، فنام ولها في السباق حتى تفاجأ بالسلحفاة وهي تسبقه وتفوز عليه. وهذا ما يحدث بالعادة لدى منظومة الرقابة والأمن لدى الاحتلال، فالاحتلال، مع أنه يظل يطوّر ويحدّث أساليبه ووسائله، إلا أنه عادة ما يركن إلى نفس الأساليب القديمة. فحصار المخيم وسياسة العقاب الجماعي و"الزنانات" ونشر الحواجز؛ كلها وسائل ظن الاحتلال أنها ستكون كفيلة بالإيقاع بالمنفّذ في أسرع وقت، ولكن ما لم يكن يتنبه له هو أن الكثافة السكانية والعمرانية التي أنتجها في المخيم ستكون عائقاً أمامه في ضبط الشعب الفلسطيني والتحكم فيه.

فرويداً بدأت تتحول المعازل الجغرافية والسكانية، المكتظة الكثيفة والمختنقة بسكانها وأبنيتها؛ إلى قواعد ارتكاز وتخفٍ للمقاومين والمطاردين. وهذا ما يحدث الآن في جنين ونابلس، وهو مرشح للحدوث في غيرهما من المناطق. وعليه فنجاح الشهيد عدي في البقاء مطارداً طوال هذه المدة هو ناتج عن البيئة المعقدة التي أنتجها الاحتلال، وأيضاً عن قدرة الفلسطينيين على التعامل مع هذه البيئة.

عدي التميمي
المخيمات الفلسطينية

شكّل عدي للشعب الفلسطيني نموذجاً للبطولة والفداء، فهو هب انتقاماً للشرف الفلسطيني الذي دنسه جنود الاحتلال وهم يعتدون على الفتاة أمام باب العامود. وهو أيضاً قد وجّه ضربات أمنية مخزية للاحتلال في أحصن مواقعه، وتغلب على منظومة الرقابة الكثيفة، واختار أخيراً الشهادة فتقدم لها بقدميه مقاوماً. وقد ساهم نشر الاحتلال لصور ومشاهد العملية الثانية في تعزيز صورة البطولة التي ارتسمت حول الشهيد عدي، على عكس ما أراد الاحتلال.

فأغلب الظن أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية أذنت بنشر هذه الصور حتى ترفع معنويات الجمهور الإسرائيلي وتثبت فاعلية أجهزة أمن الاحتلال في التصدي لعمليات المقاومة. ولكن على العكس من ذلك، فقد صدرت عن صحافيين إسرائيليين انتقادات للمؤسسة الأمنية تتهمها بالفشل، في ظل تمكن الشهيد عدي من البقاء مطارداً طيلة هذه المدة، ثم إقدامه على تنفيذ عملية أخرى في مكان لم يكن يتوقعه الاحتلال.

أما على صعيد الشعب الفلسطيني، فقد كانت المشاعر مختلطة بين الافتخار والحزن. فعمليتا الشهيد كانتا مثالاً للبطولة منقطعة النظير، في وقت كان فيه الشعب الفلسطيني بأمس حاجة لمشاهد البطولة والتحدي في ظل عنجهية الاحتلال وتغوله في سياسات العقاب والإذلال والاعتقالات والاغتيالات المتكررة. وفي الوقت ذاته كانت مشاعر الحزن والغضب بادية على فقد هذا البطل الذي قلما يجود الزمان بمثله.

جيل ما بعد الانتفاضة الثانية

عدي ابن الـ22 ربيعاً هو نموذج للجيل الفلسطيني الجديد "جيل ما بعد أوسلو" أو "جيل ما بعد الانتفاضة الثانية"، الذي كبر وترعرع في ظل أسوأ مرحلة من مراحل القضية الفلسطينية. ففي هذه المرحلة تعاظم الاستيطان الصهيوني وازدادت غطرسة مستوطنيه في الضفة الغربية حتى غدا هو القاعدة وليس الاستثناء. وفيها أيضاً واصل الاحتلال هجمته المسعورة على كل ما هو فلسطيني في الداخل والقدس والضفة الغربية. وفيها أيضاً وصلت القضية الفلسطينية إلى أدنى درجات الانحدار، وتراجعت على المستويين الدولي والإقليمي، وأصبحت اليوم قضية متعلقة بالأحزاب الإسرائيلية وتوجهاتها وليست قضية شعب يناضل للتحرر.

كما أن هذا الجيل، الذي هو في مقتبل عمره، اصطدم بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني. فالأزمة الاقتصادية هي ضيف دائم لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية وحتى القدس، إذ إن البطالة منتشرة بين الشبان، وحتى إن وجدت الوظائف والأعمال فالدخل متدن جداً، لا يمكّن الشاب من بناء مستقبله في ظل ارتفاع أسعار كل شيء خاصة الأراضي والسكن. كما أن الجيل الجديد لم يستفد من سياسة التسهيلات الاقتصادية الإسرائيلية، فمعظم التسهيلات تذهب لقيادات السلطة الفلسطينية، وليست هناك تسهيلات حقيقية تمس كل الشعب الفلسطيني. ولذلك فالأزمات تحاصر الشعب الفلسطيني من كل جانب، وخاصة الجيل الجديد، ومنبع هذه الأزمات الأول والأخير هو الاحتلال الإسرائيلي.

وغني عن القول إن هذا جيل لم يعاصر الانتفاضاتين الأولى والثانية، وليس من السر القول إن ذاكرته التاريخية والمعرفية حول قضيته متواضعة. وهذا ما يثير استغراب بعض المحللين أحياناً، ولكن في ظل وجود الاحتلال والاستعمار ليس المهم أن تعاصر انتفاضات سابقة، وإنما يكفي أنك تعيش تحت حكم الاستعمار. ومهما قدّم الاستعمار من تسهيلات و"جزر" فإنه سيظل يحرم الشعب الفلسطيني من أهم حقوقه وأبسطها، وهي "الحرية"، بكل ما تشتمل عليه هذه الكلمة من معنى.

ولكن من ناحية أخرى، فالانتفاضة الثانية كانت بمكانة "الصدمة" للشعب الفلسطيني بما خلَّفته من قتل ودمار واسع وكثيف. وكان المفترض أن تشكل الانتفاضة الثانية نقطة التحول التي يمكن للاحتلال عندها أن يطبق "صهر الوعي" على الشعب الفلسطيني، أو إعادة تشكيل وعيه ليتلاءم مع السياسات الإسرائيلية ويكون بعيداً عن المقاومة للمشروع الصهيوني.  وقد تلا هذه الصدمة  التحول النيولبيرالي في المجتمع الفلسطيني بعد مجيئ رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض، وهو ما ترافق مع أطروحة "السلام الاقتصادي" التي كان ينادي بها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو؛ الهادفة إلى إنتاج "الفلسطيني الجديد" البعيد عن قضاياه الوطنية والعامة لحساب مصالحه الخاصة. 

عدي التميمي
الانتفاضة الفلسطينية الثانية

غير أن الجيل الفلسطيني الجديد، الذي لم يعاصر الانتفاضة الثانية أو كان صغيراً حينها، لم يتأثر كثيراً بتلك الصدمة، ولذلك فليست لديه الخشية من المواجهة الواسعة مع الاحتلال، وهو ما يجعله أكثر قابلية للثورة والتمرد. وفي المجمل، فالأحداث الحالية غير مقتصرة على الجيل الصغير، فقد ظهر في الميدان العديد من المقاومين الأكبر سناً ممن عاصروا الانتفاضة الثانية، وحتى الأولى. كما أن الشارع الفلسطيني بشكل عام متأثر بحالة المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية، غير أن الفراغ التنظيمي الذي تعاني منه الضفة الغربية، بفعل الاستهداف المستمر للبنى التنظيمية منذ  بداية الانقسام الفلسطيني عام 2007، أفرز حالة يغيب فيها الكبار عن الواجهة ليتصدرها الجيل الجديد متجاوزاً الانتماءات التنظيمية وعابراً لها. 

وقد نجح هذا الجيل في إنتاج رموزه وقدواته، مثل الشهيد جميل العموري والشهيد إبراهيم النابلسي والشهيد عدي التميمي، لتساهم في إذكاء روحه المقاومة الثائرة على الواقع المتردي الذي يعيش في ظله. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

كريم قرط
باحث في الدراسات السياسية والاستراتيجية
باحث في مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية برام الله
تحميل المزيد