شخص يبتسم بجنون للناس حتى ينتحروا من الخوف! هل قصة فيلم الرعب smile حقيقية؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/19 الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/19 الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش
فيلم الرعب smile / يوتيوب

ما مقدار التهديد الذي ستشعر به حين ترى شخصاً لا تعرفه يبتسم لك بجنون في أحد الأماكن العامة؟ زميل لك ربما في الجامعة لا تعرفه ولا يعرفك، لكنه لا ينفك عن صنع ابتسامة جنونية، بينما يراقبك وسط المحاضرة، أو حتى أحد الناس الذين يجلسون حولك في المواصلات العامة، ما الذي ستشعر به حينها؟ سينتابك القلق، وستدخل معركة كر وفر مع فضولك، وستغزو جسدك القشعريرة، لأنك لا تفهم ما يحدث، ولأن هناك تهديداً ما قد يقترب منك.

يمنحك فيلم Smile، والذي يُعرض في السينما حالياً هذه التجربة المفزعة، لذا دعني آخذك في رحلة حول هذا الفيلم الذي حقق نجاحاً غير مسبوق في السنوات القليلة الماضية داخل قاعات السينما.

فيلم Laura Hasn't Slept

في عام 2020، قدّم المخرج الشاب والمبتدئ، باركر فين، فيلمه القصير Laura Hasn't Slept، والذي يسرد قصة لورا، الفتاة المسكينة التي تعاني من كابوس يطاردها بلا نهاية، تطلب لورا المساعدة من طبيبها النفسي بارسونز، لكن خلال 11 دقيقة، وهي مدة الفيلم، نشهد الكابوس الذي تعيشه لورا قبل أن يصل لنهايته.

فيلم smile

حقق فيلم باركر القصير هذا نجاحاً مبهراً في مهرجانات سينما الرعب، فقد استطاع حصد جائزة مهرجان فيلم SXSW، وكذلك جائزة مهرجان Mile High Horror Film، مع ترشحه لأربع جوائز أخرى في مهرجانات سينمائية مختلفة.

والآن، وبعد ذلك النجاح المثير للإعجاب، يقرر المهرّج الشاب اقتحام شاشات السينما بإعادة إنتاج لفيلمه القصير في صورة فيلم كامل ممتد لما يقرب الساعتين، وهو فيلم Smile.

فيلم Smile

يسرد الفيلم هذه المرة قصة مقتبسة من الفيلم القصير، ولكنها جديدة عنه بعض الشيء، فهو يتبع الطبيبة النفسية روز كوتر، والتي تشهد حادثة انتحار بشعة ومأساوية لمريضة كانت تدعي أن كياناً خفياً ما يطاردها، ودائماً يظهر لها في شكل شخص يبتسم لها بجنون وبلا توقف.

فيلم smile

بعد انتحار المريضة، تبدأ روز في سلسلة من الأحداث الغريبة الخارقة والعصية على التفسير، حيث ترى بنفسها ما كانت تراه مريضتها قبل أن تنتحر، ولهذا تبدأ بالبحث عن تفسير وحل قبل أن تلقى ذات المصير.

استطاع الفيلم، رغم كونه فيلم رعب، أن يحصد تقييمات مرتفعة من النقاد، فقد حصل بالفعل على تقييم 78% على موقع Rotten Tomatoes،  وتقييم 6.9 على موقع IMDB، وكذلك 68% على موقع Metacritic.

ولكن ماذا عن النجاح الجماهيري؟

كانت تكلفة صناعة الفيلم حوالي 17 مليون دولار، واستطاع تحقيق حتى أكثر من 105 ملايين دولار في شباك التذاكر حتى الآن، وهو ما يعتبر نجاحاً خارقاً، في وقت تراجعت فيه دور السينما بعد جائحة كورونا وانتشار شبكات العرض كنتفليكس.

وهنا يأتي السؤال الأهم، هل فكرة فيلم smile خيالية بالكامل، أم أن بعض تفاصيل قصته حقيقية؟

منذ 10 سنوات كاملة، نشر مستخدم على موقع Reddit تحت الاسم المستعار blue_tidal  قصته الحقيقية حول تجربة مرعبة مرّ بها في إحدى الليالي.

ويسرد فيها ما حدث له حين كان يقضي وقته بالسير ليلاً في شوارع مدينة سياتل، حيث كان معتاداً على قضاء وقته في المشي بالطرقات كل ليلة، وعلى مدار 4 سنوات، ولكن تلك الليلة كانت مختلفة تماماً بالنسبة له.

ففي تلك اللية وبين ظلمة الطريق، وجد المستخدم رجلاً غريباً يقف أمامه، كان الرجل يرقص ويسير تجاه المستخدم المرتعد بلا توقف، ورغم محاولات المستخدم لتجنبه والهرب منه، كان ذلك الغريب يقترب منه أكثر فأكثر، أراد المستخدم المسكين الهرب، ولكنه قبل أن يهم بالركض استطاع الحصول على رؤية واضحة لوجه ذلك الشخص.

وكان وجهه مرعباً، حيث صنع ابتسامة جنونية على وجهه تجاه المستخدم قبل أن يهرب، ومنذ تلك المرة لم يجرؤ المستخدم على ممارسة تمشيته الليلية مجدداً.

انتشرت قصة المستخدم على مدار السنوات الـ10 السابقة كالنار في الهشيم، أصبحت إحدى أساطير الإنترنت المشهورة تحت مسمى The Smiling Man، وتحوّلت بالفعل لعدد من الأفلام القصيرة، ورغم أن المخرج باركر فين، مخرج فيلم Smile، لم يُشر لها من قريب أو من بعيد، فإنني لا أنفك عن الربط بين تلك القصة المرعبة وبين فيلمه المفزع.

كيف يماثل فيلم Smile أفلاماً أخرى في تجربته المخيفة؟

لا يمكننا القول إن فيلم Smile، رغم نجاحه الملحوظ، قد قدم تجربة أصلية، فهو بالفعل يتبنى أكثر من فكرة من أعمال مختلفة سابقة، ولكن معالجته لتلك الأفكار هي ما جعلته مميزاً، فالفيلم بالفعل يمكنك ملاحظة تماثل حبكته مع عدة أفلام أخرى أظن أنها ستثير إعجابك.

أولها هو فيلم It Follows، الذي يسرد قصة فتاة تتعرض للمطاردة من قبل كيان بلا توقف، حيث يتبعها ذلك الكيان في كل مكان وفي كل وقت، والطريقة الوحيدة لتجنب لعنته هي عن طريق نقلها لشخص آخر عبر علاقة جنسية.

بالطبع لا يمكننا أيضاً أن نغفل التأثير الواضح كذلك لفيلم The Ring، والمقتبَس من رواية يابانية بنفس الاسم صدرت عام 1991، وقصته تتبع صحفية تحاول البحث في أمر شريط فيديو يقتل من يشاهده بلعنة تلاحقه لـ7 أيام.

وبالتأكيد لا يمكننا تجنب التأثير الواضح لأحد أفلامي المفضلة، وهو فيلم Oculus لمايك فلاناجان، الذي يسرد قصة أخ وأخت يحاولان التخلص من المرآة الملعونة التي قتلت والديهما.

لماذا الابتسامة اللطيفة تصبح مرعبة في Smile؟

حين تشاهد فيلم Smile ستسأل نفسك هذا السؤال، لماذا الابتسامة اللطيفة التي قد نسعد برؤيتها من أي شخص، تصبح مرعبة ومفزعة في سياق الفيلم؟

ورغم كون الإجابة بسيطة، فإنها لا تُدرك من المرة الأولى، فالفيلم هو من تصنيف الرعب النفسي، وهو نوع الرعب الذي يعبث بعقلك، فالابتسامات اللطيفة تصبح مرعبة، لا تحدث في وقت لا يمكن أن يبتسم فيه إنسان، وبالتأكيد هذا هو ما يصنع الفرق.

في فيلم Joker كان أرثر فليك يضحك بشكل مرضي في أوقات غريبة لا يجب أن يضحك فيها أحد، وهذا ما كان يدفع الناس حوله للريبة منه، وفي فيلم Smile  يداعب المخرج باركر فين هذه الفكرة، فيقدم لنا ابتسامات قد تبدو عادية، ولكنها في سياق زمني يجعلها مفزعة، ولهذا نجح فيلم Smile في تقديم تجربته.

في النهاية، يقدم الفيلم تجربة استثنائية، حتى وإن كانت معالجة مختلفة لأفكار سابقة، استحق الفيلم كذلك بالطبع نجاحه السينمائي العالمي، لذا لا تبخل على نفسك بجلسة رعب من النوع الممتاز، وتوجه لأقرب سينما إليك، فبالتأكيد ستجده يعرض الآن.

أما بالنسبة للمخرج الشاب باركر فين، فأنا أتشوق كثيراً لرؤية ما سيصبح عليه وما سيقدمه من أعمال قادمة بعد نجاح فيلمه السينمائي الطويل، فهل نحن على أعتاب موجة من المخرجين الشباب الذين يمتلكون رؤية حقيقية لما يجب أن يكون عليه الرعب؟

لننتظر ونرَ، لا أظن أننا سننتظر طويلاً فهذه السنة كانت سنة مثالية للعديد من أفلام الرعب، أولها Nope  لجوردان بيل، وآخرها Smile لباركر فين.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد جمال فرانك
روائي مصري وكاتب متخصص في السينما
روائي مصري وكاتب متخصص في السينما، من مواليد محافظة الدقهلية عام 1996، صدر لي: رواية صلوات العبيد، وكتاب كريبي باستا، وكتاب المسكوت عنه في سينما الرعب.

التأثير العميق للسينما: تنوير العقول وتشكيل المجتمعات

عربي بوست
تم النشر: 2024/05/19 الساعة 07:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/05/19 الساعة 07:16 بتوقيت غرينتش

"بالنسبة لي، الوجه الإنساني هو أهم موضوع في السينما" إرنست إنغمار برغمان

في نسيج التعبير الإنساني الواسع، تقف السينما نصباً تذكارياً شاهقاً للإبداع والتعاطف والتغيير الاجتماعي، فمنذ بدايتها قبل أكثر من قرن، من الصور الوامضة للعرض العام الأول للأخوين لوميير إلى التجارب الغامرة للمسارح الرقمية الحديثة، تطورت السينما لتصبح وسيلة قوية لسرد القصص، والتبادل الثقافي، والتأمل الجماعي، باعتبارها العدسة التي ترى الإنسانية نفسها والعالم من خلالها، توفر السينما نافذة على تعقيدات التجربة الإنسانية، وتدعو الجماهير لاستكشاف أعماق العاطفة، وتعقيدات الهوية، والحقائق العالمية التي تربطنا معًا.

السينما، في جوهرها هي رواية القصص التي تنبض بالحياة، من خلال التفاعل بين الصور والصوت والسرد، إذ يتمتع صانعو الأفلام بالقدرة على نقل الجماهير إلى أراضٍ بعيدة، وفترات زمنية مختلفة، وحقائق بديلة، كما يرى ذلك المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو: "السينما عبارة عن فسيفساء مصنوعة من الزمن". إذ يضيف كل فيلم قطعة أخرى إلى فسيفساء التجربة الإنسانية الآخذة في الاتساع، مما يثري فهمنا للعالم والأشخاص الذين يعيشون فيه.

وإن واحدة من أعظم نقاط القوة في السينما تكمن في قدرتها على تعزيز التعاطف والتفاهم، بينما يشهد الجمهور انتصارات وكفاح الشخصيات على الشاشة، فإنهم مدعوون للوقوف في مكانهم، لرؤية العالم من خلال أعينهم، بمثابة مرايا. كما يصف ذلك المخرج مارتن سكورسيزي: "السينما هي مسألة ما يوجد داخل الإطار وما يخرج منه".

من خلال فن التأطير والتركيب، يستطيع صانعو الأفلام إثارة استجابات عاطفية قوية، مما يخلق إحساساً بالارتباط بين المشاهد والقصة التي يتم سردها؛ حيث عرّضت وجهات نظر ولغات وعادات متنوعة من جميع أنحاء العالم.

تتمتع السينما بالقدرة على تضخيم الأصوات التي غالباً ما يتم تهميشها أو إسكاتها في الخطاب السائد. فكانت على وجه الخصوص، بمثابة أدوات قوية، حيث سلطت الضوء على القصص غير المروية والأصوات المهمشة من الأفلام الرائدة مثل "Moonlight" و"Parasite" إلى صانعي الأفلام الرائدين مثل Ava DuVernay وAlfonso Cuarón، إذ أصبحت السينما منصة للمجتمعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً لمشاركة قصصهم وتجاربهم مع العالم، على نقل الجمهور إلى خلفيات وثقافات وتجارب مختلفة، من خلال غمر المشاهدين في قصص مقنعة، تعمل على تنمية التعاطف والتفاهم، وسد الفجوات وتعزيز الشعور بالإنسانية المشتركة.

وعلى مر التاريخ، لعبت السينما دوراً محورياً في قيادة التغيير الاجتماعي وتحدي الوضع، وإثارة المحادثات، وإلهام العمل الجماعي، بدءاً من نضالات الحقوق المدنية في الستينيات وحتى حركة #MeToo اليوم، ومن الأفلام الوثائقية الرائدة لرواد مثل دزيجا فيرتوف وليني ريفنستال إلى الروايات الثورية لصانعي الأفلام مثل سبايك لي وكاثرين بيجلو. مضمار حافز للحوار، ورفع مستوى الوعي حول القضايا الاجتماعية المهمة والأحداث التاريخية والحركات الثقافية، وللتعبير عن العالم من حولنا وتفسيره، برؤية الواقع من خلال عدسات مختلفة، ووجهات نظر ورؤى فريدة في مختلف جوانب الحياة.

وبينما نقف على أعتاب حقبة جديدة في السينما، تتميز بالتقدم التكنولوجي وتقنيات رواية القصص المتطورة، فمن الضروري أن نستمر في تسخير قوة الوسيط لتحقيق تأثير اجتماعي إيجابي، سواء من خلال تجارب الواقع الافتراضي، أو رواية القصص التفاعلية، أو العوالم السينمائية الغامرة، فإن إمكانات السينما لإلهام البشرية وتثقيفها وتوحيدها لا حدود لها، وبهذا مدخل برأي المخرج الأسطوري أندريه تاركوفسكي: "هدفي هو صناعة أفلام تساعد الناس على العيش، حتى لو كانت تسبب لهم التعاسة في بعض الأحيان".

في الختام، السينما ليست مجرد شكل من أشكال الترفيه، بل هي قوة تحويلية لديها القدرة على تشكيل القلوب والعقول والمجتمعات. وبينما نواصل استكشاف الإمكانيات التي لا حدود لها للوسائط، دعونا نتذكر كلمات المخرج الرائد جورج ميليي، في عبارته الشهيرة: "السينما هي السحر في أنقى صوره".  في الواقع، السينما سحر لديه القدرة على تنويرنا وإثرائنا وتمكيننا جميعاً بطرق لا حصر لها، حيث أثرت الوجدان، وعززت التعاطف، وشكلت فهمنا للعالم، متاح لنا فرصة لتشكيل إطار مستقبلنا الجماعي وبناء عالم يعكس أفضل ما في الإنسانية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد الشريفي
مدون كويتي
مدون كويتي
تحميل المزيد