دائماً ما ظلت كلمات من قبيل "بطولة كل العرب" تتردد على ألسنة المسؤولين القطريين منذ نيل بلادهم فرصة احتضان كأس العالم؛ وأكدت المعطيات والدلائل أن هذا البلد يترجم الأقوال إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع.
ولعل ما شاهدناه في نموذج مصغر تمثل في بطولة "كأس العرب" وعودتها بتلك الصورة وذاك الزخم والتوهج غير المسبوق كان فقط مجرد لمحة مصغرة عما يتم التحضير له كي يحق فعلاً لكل العرب الافتخار بأنهم وأخيراً وبعد سيل جارف من المحاولات الفاشلة نالوا المراد وبإمكانهم صنع التاريخ وتقديم صورة مشرقة عنهم وعن حضارتهم وإرثهم العريق.
ولعل من الومضات المنيرة الكثيرة التي تزين الأجواء العامة المحيطة بالمونديال والتي سنتوقف عند إحداها اليوم وتندرج تحت نفس الإطار العام الذي ذكرناه في المقدمة نجد مبادرة "رابطة الجمهور العربي" التي أعلن عنها السيد فيصل التميمي ويقف ساهراً رفقة فريق عمل مجند خصيصاً للم شمل جماهير المنتخبات الأربعة المتأهلة لكأس العالم؛ وهي كما يعرف الجميع: قطر والمغرب وتونس والسعودية.
تشكيل رابطة موحدة للجمهور العربي؛ بحيث تحضر مباريات المنتخبات الأربعة وتقف خلف تشجيعها جميعاً؛ خطوة مميزة لطالما حلمنا ببلورتها على أرض الواقع؛ والآن جاءت الفرصة المواتية على أرض قطر كي تحقق الحلم الذي طال أمده ونرى الجماهير العربية موحدة تلهب المدرجات وتقف وقفة رجل واحد خلف كل المنتخبات التي تحمل لواء العرب على أمل قطع دابر النتائج السلبية.
والأهم من كل هذا استئصال "عقدة النقص" في مواجهة المدارس العالمية الأخرى، وهي برأيي الشخصي المتواضع السبب الرئيسي في ترنح نتائجنا منذ عقود.
وهنا لابد أن نذكر بعض ما جاء على لسان صاحب المبادرة الأستاذ فيصل التميمي، الذي صرح: "اقترحنا هذه المبادرة تقريباً منذ شهر ووجدنا تجاوباً كبيراً من الجميع؛ حيث قمنا بعرضها على الجهة الرسمية المنظمة للبطولة ولقيت ترحاباً كبيراً منهم وأعربوا عن سعادتهم بهذه الفكرة الريادية وأنهم محتاجون لوجودها".
وبخصوص الإقبال الجماهيري شدد على أن "المشاركة في هذه المبادرة فاق كل التوقعات؛ حيث كان هدفنا في بادئ الأمر في مرحلة جس النبض أن يصل عدد المشاركين إلى 5 آلاف مشجع كحد أدنى و20 ألفاً كحد أقصى، ووجدنا تجاوباً جماهيرياً كبيراً من داخل قطر ومن خارجها للانضمام لهذه المبادرة".
وما يؤكد حقاً الكلام المذكور هو مقاطع الفيديو التي توثق للقاء الأول الذي احتضنته قاعة "لوسيل الرياضية"؛ حيث بدأت التدريبات بحماس منقطع النظير، ورسم المشاركون لوحات غاية في الروعة؛ طبعا في انتظار التحاق باقي المشجعين من الدول العربية الأخرى التي ستحل بقطر لدعم منتخباتها.
ولعل من النقاط المضيئة التي رصدناها في اللقاء الأول هي وجود مشجعين يمثلون منتخبات لم تتمكن مع الأسف من التأهل للمونديال لكنهم أصروا على الحضور ونسجوا صوراً تبهج القلب مع أشقائهم الآخرين، على غرار الصور الجميلة بين المشجعين المغاربة والجزائريين بالإضافة الى الحرص على وضع الأعلام الفلسطينية في الريادة من لدن الجميع.
ومن هذا المنطلق لا نبالغ إذا هلّلنا للخطوة وتحية صناعها والبلد الذي يحتضنها لأننا في أمس الحاجة لردم الهوة ولم الشمل وتوحيد الصفوف، وللساحرة المستديرة وفي تجارب عديدة وقع السحر في إذابة الجليد وإزالة سوء الفهم.
وقبل إسدال الستار على هذا الموضوع لابد من الإشادة أيضا بخطوة استقبال رؤساء روابط المشجعين المعروفين عربياً مع تكفل الرابطة بالمصاريف الخاصة بالإقامة والتنقل؛ ونحن نعي جيداً وجود أسماء عربية أفنت عمرها في التشجيع وحياتها مرتبطة بالمدرج وكرة القدم فقط ومنهم من يعاني ظروفاً اجتماعية معقدة للغاية.
كما أن الرابطة تعتبر نسخة مونديال قطر تجريبية ويمكن أن تستمر لاحقاً أيضاً وتنتقل لأنواع رياضية أخرى؛ وهذه مسألة نتمنى صادقين أن تكلل بالنجاح، وتخلف الخطوة الأولى أصداء إيجابية ونجاحاً قياسياً كي تمهّد لاستمرارها وانتشارها في بلاد عربية أخرى ومنافسات عالمية قادمة.
ختاماً نحيي القائمين على مبادرة "رابطة الجمهور العربي" الفريدة من نوعها وسنكون حريصين على مواكبة حضورها وتألقها في المدرجات؛ وكم سيكون رائعاً توحيد الشعارات والأغاني بلهجاتنا الجميلة؛ فيصدح التونسي ويرد عليه القطري، ويهتف المغربي ليكمل السعودي مع باقي المشجعين الآخرين من كافة البلاد العربية التي ستتجند لإنجاح مونديال العرب، وبالتالي الرد على كل المشككين وحملات الاستهداف التي نعاينها في الإعلام الغربي مؤخراً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.