“لسنا من استخدم السلاح النووي يا بايدن”.. هل باكستان من أخطر الدول في العالم حقاً؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/19 الساعة 08:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/19 الساعة 09:13 بتوقيت غرينتش
iStock/ القوات الخاصة الباكستانية

تمكنت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الطائشة بشأن باكستان، في حفل استقبال للجنة الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي في الكونغرس، من إثارة غضب جميع القيادات السياسية في باكستان تقريباً.

ففي حديثه بهذه المناسبة عن القضايا الخارجية والشواغل الداخلية، ذكر بايدن باكستان مرتين، الأولى فيما يتعلق بالصين، ثم انتقل إلى البرنامج النووي الباكستاني، ثم وصف باكستان بأنها "واحدة من أخطر الدول في العالم" التي تمتلك "أسلحة نووية دون أي تماسك".


بالنسبة لزعيم أجنبي كبير، استخدم بايدن لغة غير دبلوماسية بشكل صادم في لقاء عام. وعلاوة على ذلك، فإن تأكيده على عدم وجود تماسك فيما يتعلق بترسانة باكستان النووية بعيد كل البُعد عن الحقيقة. وللأسف، لم تكن هذه حتى تصريحات غير رسمية، إذ أشار نص رسمي للبيت الأبيض إلى أنه يقصد ما قاله، مما أثار ردود فعل قوية من حكومة باكستان.


وبالنظر إلى جوهر بقية تعليقاته في لوس أنجلوس -مع التركيز على التنافس الأمريكي المتزايد والخطير مع روسيا والصين- ربما كان التعليق تهديداً مبطناً بعزل باكستان إذا استمرت في الحفاظ على روابط مع موسكو وبكين. 


إذا كان الأمر كذلك، فسيكون تكراراً للإنذار "إما أن تكون معنا أو ضدنا" الذي أصدره جورج دبليو بوش إلى باكستان بعد 11/9. ومهما كانت نواياه، فقد كان تصرفاً غير مسؤول من الرئيس الأمريكي أن يستخدم سياسة الكتلة للإدلاء بتعليقات لا أساس لها حول الأسلحة النووية الباكستانية. 

العلاقات الباكستانية الأمريكية


والحقيقة هي أنه في الماضي القريب، شهدت العلاقات الباكستانية الأمريكية مرحلة باردة. وتبدو المؤسسة الأمريكية، التي تأثرت بخروجها الفوضوي من أفغانستان، مريرة تجاه باكستان بسبب إخفاقاتها في المسرح الأفغاني. علاوة على ذلك، كان موقف بايدن تجاه إدارة حزب "حركة الإنصاف" بعيداً، في حين أن نظرية المؤامرة الأمريكية لعمران خان لم تساعد بالتأكيد. وكان يعتقد أنه بعد وصول حكومة الحركة الديمقراطية الشعبية إلى السلطة، ستتحسن الأمور. ولكن الغضب الحالي للرئيس بايدن يشير إلى أنه لا يريد أن يرى باكستان كدولة لديها قدرة نووية.


والحقيقة هي أن الأسلحة النووية الباكستانية في أيدٍ أمينة. وفي حين أنه ربما كانت هناك بعض المخاوف في العقود الماضية فيما يتعلق بأمن البرنامج الذري، فقد عولجت هذه المخاوف منذ وقت طويل؛ حتى إن المسؤولين الأجانب ومراكز الفكر المستقلة أيدوا التزام باكستان بالسلامة النووية؛ لذلك، يبدو أن تعليقات بايدن سياسية بحتة.

فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، يجب على باكستان أن تسعى إلى تحقيق التوازن. وينبغي ألا تقع في فخ أن تصبح دولة عميلة، كما كان الحال خلال سنوات أيوب وضياء ومشرف؛ كما أن السعي بلا داعٍ إلى المواجهة مع الولايات المتحدة لن يكون بناءً.

وهناك حاجة إلى التعاون في المجالات التي تلتقي فيها مصالح الدولتين، بينما في مجالات الاختلاف -مثل روسيا والصين- يجب أن تتفق واشنطن وإسلام أباد على الاختلاف.
وقد تم توضيح أن باكستان هي دولة نووية مسؤولة وأن قيادتها التي لا تشوبها شائبة للبرنامج النووي والتزامها بالمعايير العالمية وأفضل الممارسات الدولية معترف بها جيداً، بما في ذلك من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كان التهديد الحقيقي للسلم والأمن الدوليين ناتجاً عن انتهاك بعض الدول للمعايير العالمية، وتكرار حوادث الأمن النووي دون أي مساءلة، وسباق التسلح بين الدول الرائدة الحائزة للأسلحة النووية، وإدخال هياكل أمنية جديدة تخل بالتوازن الإقليمي.

لسنا من استخدم السلاح النووي يا بايدن

 
ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية في تاريخ البشرية؛ حيث استخدمت قنابل نووية ضد اليابان في عام 1945. لا توجد دولة أخرى على هذه الأرض استخدمت الأسلحة النووية. وعلى الرغم من أن عدداً قليلاً من الدول قد أعلنت عن نفسها دولاً نووية إلا أنها لم تستخدمها أبداً.


وباكستان دولة نووية قادرة تماماً على حماية مصالحها الوطنية مع احترام القانون والممارسات الدولية. وإن برنامجها النووي لا يشكل بأي حال من الأحوال تهديداً لأي بلد. ومثل جميع الدول المستقلة، تحتفظ باكستان بالحق في حماية استقلالها الذاتي، وسيادة الدولة، وسلامة أراضيها. لهذا الغرض، طوّرت ردعها إلى أعلى مستوى.

تراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية البرنامج النووي الباكستاني على أساس منتظم وتفيد التقارير بأنه مرض. إنه أحد أكثر البرامج حماية وأماناً. 


إن باكستان دولة عاقلة وناضجة، وهي تتفهم التزاماتها الدولية وأثبتتها بذكاء في مناسبات عديدة. ومن ناحية أخرى، يباع اليورانيوم علناً في السوق السوداء للبلد المجاور ولكن لم يتخذ أي إجراء ضده. ومن الحقائق أيضاً أن الإطلاق العرضي للصاروخ الفرط صوتي في الهند يمثل تهديداً حقيقياً للدول والمناطق المجاورة خاصة باكستان. 

وأخيراً، تمثل الأزمات الداخلية والفوضى المستمرة في المجال السياسي صورة ضعف تسمح للآخرين بإبداء تعليقات غير دقيقة بشكل فادح حول هذا البلد، وهو مجرد سبب آخر لمعالجة أوجه القصور الداخلية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد