في سن الثلاثين من عمره، يخوض البرازيلي نيمار واحداً من مواسمه الواعدة في مشواره الكروي مع النادي الباريسي، في سبيل التتويج معه بلقبي دوري الأبطال وكأس العالم مع البرازيل.
بعد مشوار طويل يمتد على مدى خمسة عشر عاماً، قضى منها خمسة مواسم في باريس لحد الآن تميزت بتقلبات كثيرة بسبب إصاباته المتكررة وتذبذب مردوده، لكن يبدو أن موسم 2022/2023 لا يشبه أي موسم آخر، يبدو فيه قريباً من أفضل أحواله الفنية والبدنية وحتى الذهنية والنفسية التي جعلت منه أحد أفضل لاعبي العالم عشية مونديال قطر.
فرغم تواجد ميسي ومبابي معه في باريس سان جيرمان، وكل المصاعب التي صادفته خاصة عندما علم بأن إدارة "البياسجي" تريد التخلي عنه بطلب من مبابي مقابل تجديد عقده بسبب سوء التفاهم بينهما، خاصة داخل أرضية الميدان، لكن نيمار راح يبرهن كل أسبوع بأنه أهم قطعة في الفريق، ولا يمكن الاستغناء عنه.
نيمار مسجل هدف الفوز أمام مارسيليا الأحد الماضي في "كلاسيكو" فرنسا استعاد ثقته في نفسه وثقة أنصار باريس في قدراته التي مكنته من تسجيل 13 هدفاً في 16 مباراة في جميع المسابقات، من بينها تسعة أهداف في الدوري.
ليبلغ رصيده 112 هدفاً في 160 مباراة مع "البياسجي" منذ 2017 تاريخ التحاقه بالفريق الفرنسي قادماً من نادي برشلونة الذي سجل معه 105 أهداف في 186 مباراة، توج معه بلقب دوري الأبطال سنة 2015 لكنه لم يتمكن من فعل ذلك مع باريس سان جيرمان لحد الآن.
كما لم يتمكن من التتويج بكأس العالم مع منتخب بلاده البرازيل الذي لعب له 121 مباراة، سجل فيها 75 هدفاً، في انتظار قيادته في مونديال قطر الذي يسعى فيه لمنافسة رونالدو وزميله ميسي وحامل اللقب مبابي ليدخل مصاف الكبار .
كل المؤشرات توحي بأن 2022/2023 سيكون موسم نيمار مع التتويجين الكبيرين بكأس العالم مع البرازيل، ودوري الأبطال مع باريس سان جيرمان، بعد أن بلغ مستوى عالياً في بداية هذا الموسم، ونضجاً كبيراً من الناحيتين الفنية والنفسية، وحتى الصحية بعد أن تجاوز عاداته السيئة التي كلفته إصابات متكررة، أبعدته عن الملاعب لأشهر عديدة.
وكذا تجاوز مشاكله مع مبابي الذي كان يريد رحيله كأحد شروط تجديد عقده، قبل أن يستسلم للأمر الواقع ويطلب هو الرحيل حسب التسريبات الإعلامية الأخيرة التي تحدثت عن تذمر الدولي الفرنسي في وقت يمر فيه نيمار بأفضل فترته مع الفريق الباريسي، وينذر بموسم استثنائي يعوض به ما فاته ويجعل البرازيل في مقدمة المرشحين للتتويج بكأس العالم بعد أن بلغ معه نصف نهائي مونديال البرازيل 2014، وخرج منه بخسارة تاريخية مذلة أمام ألمانيا بطلة العالم.
إذا كان التتويج بالدوري الفرنسي هو تحصيل حاصل للبرازيلي مع فريقه، فإن استمراره بنفس المستوى والنسق سيمكنه من الظفر بجائزة هداف الدوري، وربما بلقب دوري الأبطال رفقة ميسي ومبابي ليمنح الفريق الباريسي أول لقب من نوعه يبحث عنه منذ سنوات.
إذا تمكن من تجاوز الحساسية بينه وبين الدولي الفرنسي والعلاقات المشدودة بينهما منذ أشهر، والتي تلقي بظلالها على أدائهما فوق أرضية الميدان رغم احتلالهما ريادة ترتيب هدافي الدوري مناصفة بتسعة أهداف، لكن مع ذلك تريد إدارة النادي الاستثمار في اللياقة العالية لثلاثي الهجوم الأبرز في أوروبا اليوم لتحقيق المبتغى، قبل نهاية عقودهم، خاصة أن ميسي بدوره استعاد لياقته ومتعته في اللعب بعد موسم أول كان صعباً عليه من كل الجوانب، لينصب نفسه منسقاً بين النجمين نيمار ومبابي، ومساعداً ومرافقاً لهما على التميز والتألق مع باريس.
تألق الثلاثي بشكل لافت سيكون مفيداً للنادي الباريسي في دوري الأبطال، ومفيداً للبرازيل والأرجنتين وفرنسا في كأس العالم فيفا قطر 2022. خاصة أن الصراع الخفي والظاهر بين نيمار ومبابي يحفزهما على التألق وتسجيل الأهداف، مثلما فعلت رغبة مبابي في أن يبقى النجم الأوحد للفريق، وحفزت نيمار على بذل جهد إضافي، خاصة بعد أن أبدى رغبته الشديدة في الالتزام بعقده مع الفريق الذي يمتد إلى غاية 2027، في وقت لا تزال بعض وسائل الإعلام الفرنسية تتداول خبر رحيل مبابي رغم نفيه ذلك على هامش حفل الكرة الذهبية، مما وضع نيمار في موقع قوة بفضل مهاراته وانسجامه مع زميله السابق في البرسا ليو ميسي صاحب سبعة أهداف وثماني تمريرات حاسمة في اثنتي عشر مباراة هذا الموسم، رغم غيابه لأول مرة على مدى خمسة عشر عاماً عن قائمة المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية التي نالها بنزيمة هذه السنة، وجاء فيها مبابي سادساً.
نيمار الذي الذي لم يصنف في ترتيب أفضل لاعبي العالم سيكون نجم الفريق هذا الموسم، وأحد نجوم مونديال قطر إذا واصل بنفس المردود والنسق، وتجنب الإصابات المتكررة التي كان يتعرض لها، خاصة أن نزوات مبابي ومتاعبه معه لم تؤثر عليه لحد الآن على الأقل، وتقويه أكثر لو تفوق عليه وعلى زميله في الفريق ليو ميسي في مونديال قطر وتوج بكأس العالم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.