تخلت عن عملها ونجاحها وهربت من العنوسة لتصبح زوجة ثانية! حين تكون المرأة عدوة نفسها

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/15 الساعة 09:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/15 الساعة 09:07 بتوقيت غرينتش

كنت في زيارة لمجموعة من الأصدقاء، بعد انقطاع لمدة طويلة عن مشاركة أخبارهم، حيث إنهم مجموعة يعملون في مكان واحد داخل بيئة عمل واحدة، لكن لكل  منهم اختصاصه وعمله الذي يختلف عن الآخر.

وكنا كلما التقينا، من وقت لآخر، نخبئ لبعضنا البعض الكثير من الأخبار والأحاديث التي لا نتوقف عن سردها، وغالباً لقاؤنا تملؤه الضحكات المتعالية وسرد الذكريات الجميلة لكثير من المواقف التي جمعتنا.

لكن هذه الزيارة كانت مختلفة نوعاً ما، فلقد حدثني أحدهم عن صديقة لنا، أنها تزوجت ولم يمضِ سوى شهور قليلة على زواجها حتى تكشفت لها حقيقة زوجها التي جعلت منها امرأة تعيسة، وقلبت حياتها رأساً على عقب.

أذكر أنها فتاة ذات شخصية قوية وصلبة، تحسبها حادة الطباع للوهلة الأولى، تعمل في مهنة تُعد من أقوى المهن للمرأة، وكانت دوماً تهتم بلباسها وأناقتها وشكلها، كما كانت دائماً مبتسمة متكلمة، تفرض احترامها وهيبتها على كل من يتعامل معها.

مع ذلك، فإنها تزوّجت برجل تقول إنها أحبته بعدما أقنعها بالحياة الوردية، رغم أنه رجل متزوج ولديه أطفال، يكبرها بسنوات عديدة ويعيش مع عائلته في نفس البيت، مع ذلك فإنها وافقت على الارتباط به، ليس ذلك فحسب، بل عاندت عائلتها التي كانت تعترض عليه لظروفه غير المناسبة بها.

يقول صديقنا على لسانها إنها أخبرته بعد زواجها من هذا الرجل شعرت وكأنه تزوّجها فقط لخدمة زوجته الأولى وأمه وأطفاله، ناهيك عن وضعه قيوداً على عملها ولباسها وعلاقاتها، حتى أنه يحدد لها نوع الأحاديث التي يجب أن تسردها أمام عائلته، ويجب أن تلتزم الصمت في مواضع عدة.

ويجب ان تكون جميع الأوامر مطاعة، وليس عليها الاعتراض على أي أمر، ووصل بها الحال أن أعدم شخصيتها تماماً، وقصص أخرى كثيرة أصابتنا بالدهشة والاستغراب، أوصلتها إلى أن تضعها أمام خيارات صعبة، إما أن ترضخ للوضع الراهن (ضعيفة وتعيش في ذل)، أو تنفصل، ويقال عنها إنها أساءت الاختيار، وتبقي في موضع شماتة طيلة حياتها.

هذه القصة تحديداً جعلتني أثق تماماً أنه لا شيء يحط من قيمة المرأة وكرامتها سوى اختياراتها الخاطئة والتفكير بالعاطفة، فلا شيء يدمّر شخصية المرأة ويهدمها ويعدمها سوى عدم ثقتها بنفسها، وعدم اكتفائها بذاتها، لا شيء يفقدها احترامها وأهميتها في المجتمع سوى انعدام إرادتها وعزيمتها، لا شيء يمنع المرأة من التقدم سوى عدم إيمانها بنفسها ولا أحد يعادي المرأة سوى نفسها بالدرجة الأولى.

قد يكون للمجتمع تأثير، وقد يكون للعادات والتقاليد تأثير، وقد يكون للبيئة المحيطة تأثير، وقد يكون لفرض القوانين وتقييد الحريات تأثير على كيان المرأة.

لكن لو أن المرأة آمنت بنفسها وقوتها وشعرت بقيمتها وكرامتها،  لا شيء يستطيع أبداً إيذاءها، ربما تحارب بعض النساء مصطلحات خلقها المجتمع مثل مصطلح "العنوسة" بالاختيارات الخاطئة، وربما ترضخ المرأة لواقع مرير خوفاً من نظرة سلبية تبناها المجتمع وأوجدها ضد المرأة، فهي تحاول إصلاح خطأ مجتمعي شائع بخطأ أكبر تقترفه بحق نفسه.

 ورغم الدراسات والأبحاث التى تجريها المؤسسات النسوية المناهضة لحقوق المرأة في المجتمع العربي وتسليط الضوء حول الظلم الواقع على المرأة وحول العنف ضد المرأة وتقييد حرية المرأة، والمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الحقوق، ورغم الأنشطة والفعاليات والمؤتمرات التي تُعقد للنهوض بالمرأة وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً وحتى سياسياً، كل هذا لا يساوي شيئاً أمام رغبة المرأة الحقيقية في التغيير.

قبل رفع كل هذه الشعارات يجب علينا تمكين المرأة منذ الصغر وتنشئتها تنشئة صحيحة وتعليمها حبها لنفسها واحترامها وتقديرها لنفسها، فوالله حب الذات يخلق المعجزات.
حبها لذاتها يقويها ويعظم شأنها ويرفع مكانتها ويجعلها تبصر النور ويجعلها قيادية.. ريادية.. قوية.. متمكنة.. مبدعة.. مفكرة.. منتجة.. حب الذات يجعلها تقف أمام العالم وأمام المجتمع وأمام التحديات والعقبات مهما بلغت صعوبتها.

فلا شيء يضاهي حب المرأة لنفسها!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحرير مرتجي
صحفية وكاتبة فلسطينية
صحفية وكاتبة فلسطينية
تحميل المزيد