رفض تنفيذ طلبات واشنطن، ووجّهت لبايدن ضربة قاضية.. هكذا وضعت “أوبك+” أمريكا في ورطة

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/10 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/10 الساعة 13:45 بتوقيت غرينتش
بايدن يريد معاقبة أوبك، لكن هل يستطيع؟(عربي بوست)

اجتماع "أوبك+" الأخير في العاصمة النمساوية، فيينا، هو أحدث علامة فارقة في علاقة متنامية الحدة بين الرياض وحلفائها التقليديين وعلى رأسهم واشنطن. من جهة أخرى، تنفس بوتين الصعداء بذلك القرار، الذي منحه بعض الراحة في خضم المعارك الحاسمة التي يخوضها في التراب الأوكراني.

 وفقاً لقرار تخفيض الإنتاج البترولي ابتداءً من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن كلا البلدين (السعودية وروسيا) سيحصلان على عوائد مرتفعة بسبب ارتفاع أسعار النفط.

 
تأتي هذه الخطوة في أعقاب انقطاع واسع النطاق في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بسبب الحرب وتوقعات بتفاقم أزمة الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء.


كما أن هذه الخطوة تنفّر واشنطن، الحليف الذي حاول تجنيد الرياض لخدمته بفتحها خزائنها النفطية وخفض أسعار البترول، لكن بدلاً من ذلك، يجد جو بايدن نفسه يحدق في شريكه الأساسي في الشرق الأوسط وقد أدار له ظهره في قلب أهم معاركه منذ دخوله البيت الأبيض.

ونتيجة لذلك، يواجه بايدن احتمالاً مخيفاً بخسارة انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس. ولعل الأخطر بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة هو أن ارتفاع أسعار النفط سيساعد بوتين في تمويل حملته الحربية على أوكرانيا لمدة أطول.


وبالنسبة للمسؤولين الأمريكيين، الذين أمضوا الأيام القليلة الماضية في جهود ضغط محمومة لإقناع الرياض وأعضاء آخرين في مجموعة منتجي النفط بتغيير مسارهم، فإن المعنى الضمني واضح: في حرب الطاقة العدائية المتزايدة بين روسيا والغرب، تميل المملكة العربية السعودية نحو فلاديمير بوتين وتتجاهل جو بايدن.
قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير للصحفيين: "من الواضح أن أوبك + تتماشى مع روسيا".

في حين قال مسؤولون سعوديون إن الخفض مدفوع بالقلق بشأن الاقتصاد العالمي، إلا أن التأثير كان يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 10% من أدنى مستوياتها الأسبوع الماضي. وعلى خلفية انخفاض المخزونات، حذر بعض المحللين من أن هذه الخطوة قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع. وقال داميان كورفالين من مجموعة "غولدمان ساكس" إن التخفيضات قد تضيف 25 دولاراً للبرميل في عام 2023. قال كورفالين إن هناك "احتمالية لارتفاع الأسعار إلى مستويات أعلى إذا استنفدت المخزونات بالكامل".

بالنسبة لبايدن، يعتبر قرار خفض الإنتاج بمثابة ضربة قاضية. فخلال الحملة الانتخابية، تعهد الرئيس بجعل المملكة العربية السعودية "منبوذة"، ولكن هذا العام، على أمل تأمين إمدادات نفطية أعلى، حاول إصلاح العلاقات بزيارة لأراضي المملكة ولقاء محمد بن سلمان.

ووفقاً للمحللين السياسيين، تعرقل السعودية أيضاً محاولات بايدن لخفض الأسعار وضغط عائدات روسيا – من خلال الضغط من أجل تحديد سقف أسعار النفط الروسي والإفراج عن المخزونات من احتياطيات النفط الاستراتيجية الأمريكية.
في الموقف الأخير، تقاوم "أوبك +" الجهود التي يبذلها مستوردو النفط لضبط السوق وفقاً لمصالحهم، بما في ذلك تحديد سقف أسعار النفط الروسي، وإنتاج الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة، والعمل المنسق بين المشترين.


وقد فوجئت الولايات المتحدة بقرار الخفض الكبير، وعندما أصبحت خطط مجموعة المنتجين واضحة في الأيام القليلة الماضية، دعت سلسلة من المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم وزيرة الخزانة جانيت يلين نظراءهم في دول الخليج الأعضاء في "أوبك" لمحاولة إقناعهم بتغيير مسارهم. وأجرت مكالمات مع العديد من الوزراء الإقليميين لكنها لم تحصل على التزامات مؤكدة منهم. وبعد الاجتماع، قال البيت الأبيض إن بايدن "أصيب بخيبة أمل من القرار قصير النظر الذي اتخذته أوبك + لخفض حصص الإنتاج" وهدد بالنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات "للحد من سيطرة أوبك على أسعار الطاقة". 


من جهة أخرى، يسير الاقتصاد السعودي على الطريق الصحيح ليكون واحداً من أسرع الاقتصادات نمواً في "مجموعة العشرين"، وقد ساعد محمد بن سلمان للتو في التوسط في تبادل السجناء بين روسيا وأوكرانيا. وقال مسؤولون سعوديون إن قرار "أوبك +" يسلط الضوء على الشراكات الخارجية المتطورة للمملكة.

وفي حين سعى بعض كبار المسؤولين الأمريكيين إلى إصلاح العلاقة، لم يكن ذلك كافياً للتغلب على الانقسامات التي أحدثها الرئيس نفسه جزئياً، على حد قول السعوديين. وخلال حديثه، رفض وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، مناقشة سياسة قرار خفض الإنتاج. ورداً على سؤال لتبرير قرار خفض الإنتاج في السوق التي تظل فيها الأسعار مرتفعة نسبياً، على الرغم من الانخفاض من أكثر من 130 دولاراً في مارس/آذار، أشار إلى أن أسعار الغاز الطبيعي والفحم قد ارتفعت أكثر بكثير من النفط.
وبالنسبة للبعض، فإن هذا التصريح ينذر بالشؤم: فالارتفاع الحاد في أسعار الغاز والفحم هو نتيجة لما يعتبره الغرب استخدام روسيا للغاز سلاحاً سياسياً من خلال تقليص الإمدادات إلى أوروبا. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد