أنتج أول رواية حديثة ومبيعاته مليونية.. كيف بدأ الأدب الإسباني في غزو العالم؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/10 الساعة 08:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/10 الساعة 08:40 بتوقيت غرينتش

لقرون طويلة ظلت رواية "دون كيخوتي دي لامنشا" (1605) للروائي الإسباني الأهم والأشهر ميجيل دي ثربانتس هي العلامة الأبرز والأهم عند الحديث عن الأدب الإسباني، بل تم اعتبارها إحدى أهم كلاسيكيات الرواية في كل العصور والأهم في تصنيفات أخرى، واعتبرها النقاد أول رواية أوروبية حديثة، ومعها تطور أسلوب الكتابة وأصبح أكثر بساطة وقرباً للناس. تُرجمت الرواية لأكثر من 60 لغة، بل توجد أكثر من ترجمة لها في بعض اللغات. لدينا باللغة العربية أربع ترجمات لكل من عبد العزيز الأهواني وسليمان العطار وعبد الرحمن بدوي ورفعت عطفة. 

حصد الكثير من الأدباء والشعراء الإسبان جائزة نوبل للآداب في القرن العشرين مثل خوسيه أتشاجارا 1900 وخاسينتو بينابنتي في 1922 والشاعر الكبير خوان رامون خيمينس في 1956 وبيسنتي ألكسندريه في 1977 وكاميلو خوسيه ثيلا الذي حصل على الجائزة بعد عام من حصول الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ عليها أي في عام 1989. كذلك يمكن اعتبار ماريو بارغاس يوسا أديباً إسبانياً لأنه يحمل الجنسية الإسبانية منذ عام 1990 رغم أنه من مواليد دولة البيرو، وقد حصل على الجائزة في عام 2010. وعلى الرغم من كثرة الأسماء التي حلقت في سماء العالمية بحصولها على الجائزة الأرفع في عالم الأدب إلا أنه لم يستطِع أي كاتب أن يتخطى شهرة ثربانتس وروايته الخالدة حتى ظهرت رواية "ظل الريح" للكاتب البرشلوني كارلوس رويث ثافون في عام 2001.

الروائي الإسباني ميجيل دي ثربانتس

تمثل "ظل الريح" الرواية الأولى من رباعية خصصها الكاتب لمدينته برشلونة تحت مسمى كبير وهو "مقبرة الكتب المنسية". ظهر الجزء الثاني من الرباعية في عام 2008 باسم "لعبة الملاك" وظهر الجزء الثالث في 2011 باسم "سجين السماء" واختتم الكاتب رباعيته برواية "متاهة الأرواح" في عام 2016.

جاءت أول إشادة دولية برواية ظل الريح من خلال يوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا في الفترة من 1998 وحتى عام 2005 والذي أوصى في برنامج تليفزيوني بقراءتها. بسرعة البرق بدأت الرواية في غزو العقول والقلوب والأسواق حتى وصلت مبيعاتها إلى أكثر من 10 ملايين نسخة.

 في عام 2007 تم اختيار "ظل الريح" من خلال لجنة مكونة من 81 كاتباً من إسبانياً وأمريكا اللاتينية كأحد أفضل 100 كتاب باللغة الإسبانية في الخمس والعشرين سنة الماضية.

في عام 2014 وضعت دار نشر "بنجوين ثافون" بين أفضل 26 كاتباً في تاريخ الأدب مثل جين أوستن ومارسيل بروست وتشارلز ديكنز وجيمس جويس.

رحل ثافون سريعاً عن عالمنا في 2020 متأثراً بالسرطان، ولا نجد أفضل من كلمات الروائي الإسباني الشهير خابير سييرا كرثاء لهذا الكاتب العظيم، وهي أنه أحد أهم فنارات الأدب العالمي في القرن الحادي والعشرين.

برباعية الكتب المنسية التي تمت ترجمتها إلى أربعين لغة ووزعت أكثر من 25 مليون نسخة على مستوى العالم تحول كارلوس رويث ثافون إلى ثاني أشهر أديب إسباني بعد ثربانتس. أصبح ثافون بعد هذه المبيعات الأسطورية ما يمكن تسميته بالميغا مبيعات؛ وهي كلمة تُمنح عندما تتخطى مبيعات كاتب معين عدد 10 ملايين نسخة؛ وهو ما تحقق بمقبرة الكتب المنسية. 

قبل أن نترك الحديث عن هذا الكاتب الفذ، أذكر هنا بعض الإحصائيات التي توضح قدر الانبهار الإسباني والدولي بهذه العلامة الفارقة "مقبرة الكتب المنسية" في تاريخ الأدب الإسباني والعالمي. عند صدور لعبة الملاك وهي الرواية الثانية في رباعية مقبرة الكتب المنسية وكان ذلك في 2008، حققت الرواية 300 نسخة مبيعاً في الثانية أو ما يعادل 20000 ألف نسخة في الدقيقة، وبعد مرور 12 ساعة كانت المبيعات قد وصلت إلى 250 ألف نسخة فقط في كتالونيا بإسبانيا. 

فتحت رباعية الكتب المنسية شهية دور النشر على البحث عن كتاب إسبان في مستوى ثافون؛ وبالتالي ووفقاً لكثير من النقاد يمكن اعتبار أن ثافون كان أحد الجسور التي عبرت عليها الرواية الإسبانية المعاصرة إلى الأسواق العالمية في القرن الحادي والعشرين.

"لكل كتاب روح، لكل مجلد تراه روح، روح من كتبه، روح من قرأوه وعاشوا وحلموا به".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أسامة الزغبي
كاتب ومترجم مصري
تحميل المزيد