“المشجعات سيواجهن عقوبات بالجلد”.. لماذا يحاول بعض الأوروبيين تشويه مونديال قطر؟

عدد القراءات
1,104
عربي بوست
تم النشر: 2022/10/07 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/07 الساعة 11:36 بتوقيت غرينتش

تعالت الأصوات مجدداً وفُتحت أبواق النقد والتشويه على قطر قبل أسابيع قليلة من استضافتها مونديال 2022، والذي يعتبر حدثاً مختلفاً من نوعه، فهو أول بطولة كأس عالم في دولة عربية وإسلامية وفي منطقة الشرق الأوسط، لكن هذه المرة بأقنعة جديدة ومطالبات مختلفة.

فقد أعلنت باريس- بجانب مدن فرنسية أخرى- امتناعها عن عرض مباريات مونديال قطر، على شاشات عملاقة، وذلك بذريعة مسألة حقوق الإنسان وما يشاع عن "أعداد كبيرة من الوفيات بين العاملين في منشآت المونديال القطري".

ليس هذا فحسب، فقد نشرت كذلك صحيفة "ذا أتلانتيك" الأمريكية أن المشجعات في قطر سيواجهن عقوبات بالسجن والجلد في حال ارتكاب أي "مخالفات" حتى لو كنّ ضحايا الاعتداء الجنسي، رغم أن كل هذه الادعاءات عارية من الصحة، بحسب قانون العقوبات القطري، والتي لم تكلف الصحيفة نفسها مشقة النظر إليه والتأكد من صحة معلوماتها!

أقف أمام كل هذه الأخبار وغيرها غير متفاجئ من ازدواجية الغربيين وحجم التشويه الذي يمارسونه تجاه الحدث الرياضي المترقب في" قطر"، فكل هذا نابع من عقيدة "تفوق العرق الأبيض" التي تربى عليها الأوروبيون وما زالت تسيطر على نظرتهم تجاه الآخر!

في كتاب "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية" لعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، لفت انتباهي ما مهّد به الكاتب كتابه حين قال: "باستثناء الغرب، فإنه ما من حضارة تمتلك كيمياء عقلانية، وكذلك الأمر بالنسبة للفن، فربما كانت شعوب أخرى تتمتع بحسّ موسيقي، غير أن الموسيقى المتكاملة عقلانيّاً وائتلاف الأصوات، كل ذلك لا يوجد إلا في الغرب"!

نعم، يحق للجميع أن يعبر عن رأيه ويعتقد ما يريد، ولكن التقليل من الآخرين ليس ضمن الحرية، هذا ما تحاول أن تفعله كل الدول الأوروبية، التقليل من شأن قطر لأنها بلد عربي ومسلم، وأما حقوق الإنسان فهذا حصان طروادة فقط!

لماذا ساد الصمت في المونديالات السابقة؟

في مونديال البرازيل عام 2014 خرج آلاف البرازيليين للاحتجاج مراراً وتكراراً على الحكومة البرازيلية وعلى قرار تنظيم المونديال؛ لأنه لا يراعي وضعية الفئات المعوزة، فالكثيرون رأوا أن الأموال التي صُرفت على التنظيم كان بالإمكان استثمارها في الصحة والتعليم، لقد كانت الطريقة التي واجهت بها الحكومة هذه الاحتجاجات عنيفة وشملت انتهاكات عديدة، لكننا لم نسمع بمنتخب واحد اعترض على ذلك ولا غيّر ألوان قمصانه كما فعل المنتخب الدنماركي حين أعلن أنه سيقوم بطمس شعاره على القميص الرسمي للمنتخب خلال مشاركته في المونديال كرسالة احتجاج على سجل قطر في ما يتعلق بحقوق الإنسان!

وفي مونديال كوريا واليابان توفي الآلاف من العمال، لم نسمع أصوات حقوق الإنسان، حتى في مونديال روسيا الأخير لم يحدث كما حدث اليوم، مع أن روسيا محقت سوريا وارتكبت كل الجرائم التي يُمكن أن ترتكب، وفي الوقت الذي كانت المنتخبات الأوروبية تتقاذف الكرة كان أطفال سوريا يتقاذفون الواحد تلوى الآخر نحو الملاجئ ونحو الحدود، ومع ذلك لم تتعرض الدول ولا خرج اللاعبون ليحتجوا على روسيا.

من المضحك أن يصرح لاعب الوسط الإنجليزي هندرسون بأنه لن يصطحب عائلته إلى قطر بسبب قلة الأمن!

إن هذه التصريحات وغيرها إنما هي محاولة لتسييس الرياضة، ولا شك أن هؤلاء اللاعبين بشكل أو بآخر ينفذون أجندة سياسية، ويبدو أن إنجلترا لم تنسَ بعد خيبة خسارتها لتنظيم مونديال 2018، وما زال شبحها يقض مضجع الإنجليز.

فالمتابع للهجوم الأوروبي على قطر، يلاحظ أن إنجلترا كانت أكثر المهاجمين، فمرة هندرسون ومرة أخرى هاري كين مهاجم توتنهام يقول إنه سيحمل شارة المثليين في قطر، مع أنه يعلم مدى تعارض الأمر مع الثقافة القطرية، والغريب أن هاري كين لم يفكر في ارتدائها في مونديال روسيا، فروسيا بلد لا يعترف بالمثليين.

قبل سنوات تعرض اللاعب الألماني مسعود أوزيل لحملة شرسة في إنجلترا وفي ناديه أرسنال انتهت بطرده من الفريق اللندني، وذلك لأن اللاعب ذا الأصول التركية دافع عن المسلمين، وتحدث بشكل واضح عما يتعرضون له في العالم وخص بالذكر الإيغور في الصين.

لم يحدث أن تضامن هاري كين ولا هندرسون ولا المنتخب الدنماركي مع اللاعب، ولم يحدث أن صرح المدرب الألماني ضد الصين، لماذا يا ترى؟!

ثم ألا تواجه المنتخبات الأوروبية نظيرتها الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، نعم يفعلون، لماذا لا تحتج الدول الأوربية على اللعب فوق جثث الأطفال الفلسطينيين؟

لنكن واضحين، هناك إيمان راسخ لدى الغربيين بتفوقهم العرقي على باقي الشعوب، وخاصة العرب، لا يمكننا أن نغفل أبداً التاريخ، فالأوروبي ما زال يرى نفسه أفضل من العربي، ومهما كانت قطر دولة متقدمة فإنها أبداً لن ترقى للأوروبيين.

لهذا سيستمر الأوروبيون في القيام بهذه الحركات البهلوانية حتى يمر الحدث العالمي، الذي لا شك أنه سيكون استثنائياً إلى أقصى حد.

لم يفكر هؤلاء المهاجمون في أن يتعرفوا على حضارة جديدة وثقافة لم يعهدوها وشعوب لم يتصلوا بها من قبل، لم يفكروا في فرصة الاحتكاك بالعرب ومعرفتهم عن قرب، ووضع تصوراتهم المشوهة جانباً.

سيكون مونديال قطر تاريخياً، لأنه أول مونديال يقام في دولة عربية، وفي بداية الدوريات، وهذا يعني تجربة جديدة للاعبين والمشجعين، ففي النهاية وضعت الألعاب بهدف تقارب الشعوب، فهذا كان هدف هرقل والإغريق، ومن ثمة سيكون فرصة لنرى اللاعبين بكامل جاهزيتهم عكس الكؤوس التي كانت تنظم في آخر الدوري وتأتي بالتالي في مرحلة يتعرض فيها اللاعبون للإرهاق والإصابات.

ليغرد الأوربيون وليقولوا ما يشاءون، وليتدخل اللاعبون في السياسة كيف شاءوا، فلهم الضوء الأخضر، إلا أن هذا لن يغير من الوضع شيئاً، فقطر ستنظم المونديال، وسيكون أنجح نسخة على الإطلاق، بملاعب لا مثيل لها، وشعب عالي الهمة، وقيادة رشيدة تقول ما تفعل وتعمل منذ عقود على أن تكون قطر شريك الجميع في صناعة مستقبل أفضل.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي الرباج
كاتب مغربي
كاتب مغربي
تحميل المزيد