صعود مدوٍّ للإسلاميين وحضور لافت للمرأة.. لكن لماذا سيتم حل مجلس الأمة الكويتي الجديد؟

تم النشر: 2022/10/03 الساعة 09:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/03 الساعة 10:00 بتوقيت غرينتش
الانتخابات البرلمانية في الكويت/رويترز

شهدت الأيام المنصرمة احتفالات كبيرة في صفوف المعارضة الكويتية لنجاحها البارز في انتخابات مجلس الأمة، بعدما تم حله في 2 أغسطس/آب من العام الجاري بمرسوم أميري وبتوقيع من نائب سمو الأمير سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وذلك بعد ساعات من أداء الحكومة الجديدة القسم الدستوري.

جاءت هذه الاحتفالات بعدما أطاحت الانتخابات بمعظم النواب السابقين الموالين للحكومة، وعددهم 20 نائباً من المشهد البرلماني، وأظهرت وبقوة صعود المعارضة بشكل يطغى على المشهد، كيف لا وقطاع عريض من هذه المعارضة يلبس الثوب الإسلامي!

إذ حصل النواب الشيعة على 9 مقاعد، فيما حصل أبناء التيار السلفي على 5 مقاعد، وحصد الإخوان المسلمون المتمثلون بالحركة الدستورية 3 مقاعد، أي إن ثلث النواب البالغ عددهم 50 نائباً هم من التيار الديني.

لكن المتتبع العام للتركيبة النيابية الكويتية، يرى أن مجلس الأمة القادم شأنه ومصيره شأن المجالس السابقة على مدار السنين الماضية: "الحل وبلا رجعة".
والسبب هو أن المجلس الجديد، الذي عماده من التيارات الدينية، سيكون مجلساً معارِضاً بضراوة. وهو ما لا يبشر بخير، إذ سيتم حله بطريقة غير دستورية، وهذا ليس تمنياً أو حباً في الفرقة، بل هو الواقع.

سيتم حل المجلس استناداً إلى الخطاب الذي ألقاه ولي العهد نيابة عن الأمير في نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، والذي ألمح فيه بشدة إلى أنه ستكون عدة إجراءات ضد مجلس الأمة إذا أعاد الكرَّة مرةً أخرى للتصادم والتأزم، ومن المحتمل أنه لن يُكمل 3 أشهر، لأن التكوينة السائدة عليه تشي بنوعٍ من المواجهة والتصادم، من خلال تشريع النواب قوانين تتصادم والحكومة.

استعادة المرأة الكويتية حضورها


من جهة أخرى، كشفت نتائج الانتخابات عن استعادة المرأة الكويتية حضورها ودورها البارز في المجلس من جديد بعد فقدانه بشكل صفري في المجلس السابق. نالت كل من المرشحتين جنان بوشهري وعالية الخالد ثقة الناخبين ودخلتا المجلس، وبذلك قضَتا على الفكرة الذكورية المحافظة السائدة في المجتمع، بعد تداول فتوى تحرم إعطاء الصوت الانتخابي للمرأة.

المعارضة الحالية تواجه شبح مكافحة الفساد والإصلاح الاقتصادي، مثل قضية تسعير الخدمات المقدمة من الحكومة وقضية ضريبة القيمة المضافة المُصدَّق عليه من مجلس التعاون الخليجي وغير المطبق في الكويت، بالاضافة إلى أن الشعب الكويتي سيُملي على النواب إلغاء قانون (حرمان المسيء) القاضي بحرمان أي شخص من ترشحه لمجلس الأمة إذا تمت إدانته بجريمة تتعلق بالمساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الأميرية.

أما بخصوص الحكومة الحالية فستكون بلا غطاء، لأن المجلس السابق كان يرأسه مرزوق الغانم المحسوب على الحكومة، أما المجلس الحالي فهو بيد المعارضة التي ستتمكن من رئاسة لجان المجلس، خصوصاً أن الحكومة لن تتدخل بانتخابات رئاسة المجلس.

لكن قوة المجلس مرهونة بقدرة نوابه ورئيسه على الالتزام بتوجيهات وتحذيرات ولي العهد في الخطاب الذي ألقاه نيابة عن الأمير في يونيو/حزيران الماضي.

هل حان وقت الأحزاب؟

في الآونة الأخيرة، طفت على السطح مطالبات بضرورة وجود أحزاب سياسية تُنصَّب لها قوانين لتنظيم عملها، على طريقة العديد من التجارب الديمقراطية العالمية المعتمدة على التعددية الحزبية، ذلك أن هذا من شأنه تركيز مجلس الأمة على قضايا ذات أولوية تصب في مصلحة المجتمع بشكل كلي، وهذا يعني انعدام أو تقليل الفساد والمحسوبية، بدلاً من تركيز كل نائب على مصالح شخصية يقاتل لأجلها.

ورغم المنازعات غير المنتهية بين الحكومة والنواب، تظل الكويت في تجربتها البرلمانية فريدة من نوعها عن باقي محيطها الجغرافي، لأنها الدولة الوحيدة في منظومة مجلس التعاون الخليجي التي يستطيع مجلسها البرلماني الاعتراض على القوانين واستجواب الوزراء وسحب الثقة عن الحكومة، ونأمل أن يتم التوافق بين كافة الأطراف في ظل المجلس الجديد القائم على المعارضة، للوصول بالكويت إلى مصافِّ الدول المتقدمة إنسانياً واقتصادياً وحضارياً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

غنيم فراج الحسيني
كاتب وصحفي كويتي
تحميل المزيد