بلاد تعج بالفساد والفقر، تجد صغارها يغزون الشوارع زُمراً، يبحثون عن ملاذهم الوحيد، كرة القدم، يحاكون رقصات نجوم العالم بقمصان تختضب بالأصفر؛ باحثين عن الانتشال من غياهب الفقر وظلامه الدَّامس الذي لطالما اكتنف البلاد من كل حدب وصوب.
تعج كرة القدم البرازيلية بمواهب لا يُشَق لها غبار؛ لأنه لم يتم تدريس كرة القدم في المدارس والأكاديميات، بل بالشوارع، وربما تكون هذه هي المساهمة العظيمة في تشكيل لاعب كرة قدم محترف؛ لأن التعلم يأتي من فعل ذلك وارتكاب الأخطاء، والارتجال قد يكون الحل لتكوين مواهب جيدة، قادرة على اتخاذ قرارات مثالية.
هل تستأثر البرازيل بكرة القدم الجميلة؟
عادةً، وعند بدء كل حكاية خرافية، كان العالم يشعر بالرهبة من اللاعب البرازيلي الجميل الذي يمر سريعاً، والذي يحرز أهدافاً حرة تقترن بأداء جميل؛ لكن هل لأنه من البرازيل تحديدََا؟
يقول العلماء إن هناك علاقة بين العوامل الجغرافية والرياضة، حيث تؤثر العوامل المناخية تأثيراً مباشراً على آلية الجسم والعاطفة، ما يؤثر على القدرة الرياضية. ويتم أيضاً اشتقاق كل ثقافة عرقية وتطويرها تحت تأثير بيئة جغرافية طبيعية محددة. في الوقت نفسه، في تطوير وتعزيز الثقافة الرياضية، ستنتج البيئة الجغرافية تغييرات إيجابية وسلبية.
تعتبر حالة المناخ من أهم العوامل التي تؤثر على التنمية الإقليمية للرياضة. لا تؤثر الظروف المناخية على جدوى ممارسة الرياضة فحسب، بل تؤثر أيضاً على الحالة المزاجية الجيدة والوظيفة الفسيولوجية للرياضيين.
البرازيل وما وراء السامبا
عُرِفت البرازيل وفرقها بالمراوغة منذ خلق كرة القدم، يراقصون كل من قرر الاشتباك، حتى ينثني المنافس، يتميز البرازيليون بنمط "Ginga" أو "الجينجا"، تترجم الكلمة إلى "التأثير"، وهذا يدل على الحركات الفريدة والخاصة بلاعبي البرازيل.
عُرِف فن "الجينجا"، الذي هو فن من فنون القتال، كأحد تكنيكات الكابويرا، والذي بدوره يجمع بين عناصر مختلفة من الحركة والموسيقى. تم تطويره إبان القرن السادس عشر بجذور إفريقية.
يحظى هذا الأسلوب بالتبجيل من جانب البرازيليين، لدرجة أن المدرب "دونجا" طُرِد لأنه أودى بنظام "الجينجا" المتعارف عليه بين الأجيال السابقة.
هل تبلَّغت البرازيل بما عندها من مواهب؟
يبدو أن المواهب البرازيلية لم تَعُد موجودة على الساحة بشكل مستمر، وينعكس ذلك على المنتخب البرازيلي وشُح بطولاته في الفترة الأخيرة؛ إذاً ماذا حدث؟
المواهب البرازيلية ستوجد ما هبَّت الصَّبَا، لكن أثر الفساد وفقر الموارد وضعف إدارات الأندية أثر على المواهب بشكل مباشر، إحدى الإحصائيات السياسية أثبتت أنه في عام 1960، حصل الأثرياء، الذين يمثلون 5٪ من السكان، على 27.7٪ من الدخل القومي، وارتفع إلى 35.8٪ في عام 1990. في المقابل، يمثل الفقراء 20٪ من السكان وحصلوا على 3.5٪ من الدخل في عام 1960، وانخفضت حصتهم إلى 2.3٪ في عام 1990؛ ما أثر على الأندية البرازيلية، وجعل الأندية تلتطم، وكثيرون أعلنوا الإفلاس بعد أن وصلت الديون إلى أكثر من 1.7 مليار دولار.
لكن، وعلى الرغم من هذه الإحصائيات، تبقى البرازيل قادرة على فرض أنغامها على الدوحة في مونديال 2022. فمنتخب يمتلك نيمار، وفينيسيوس جونيور، وكوتينيو، وريتشارلسون، وغيرهم من نجوم الوزن الثقيل، هو منتخب قادر على الإطاحة بالكبار واستعادة المجد المفقود منذ 2022
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.