تتوالى المعسكرات الإعدادية للمنتخب المغربي ويتكرر معها السؤال حول غياب المهاجم الفذ عبد الرزاق حمد الله عن قائمة أسود الأطلس، وتتجدد معه مبررات المدربين على اختلافهم منذ الراحل بيم فيربيك، مروراً برشيد الطاوسي وهيرفي رونار ووحيد خليلوزيتش، وصولاً إلى وليد الركراكي.
حضور دولي باهت
اللاعب الذي يتصدر قائمة الهدافين المغاربة خلال العقد الماضي، لاحق مسيرته الدولية جدل واسع حول اختيارات المدربين واتفاق أغلبهم على استبعاده، على الرغم من استقرار مستوياته مع النوادي التي لعب لها في 5 دوريات و3 قارات مختلفة.
شهد مشوار حمد الله المحلي والاحترافي تسجيل أكثر من 270 هدفاً، ما وضعه في المركز الـ19 ضمن هدافي العالم خلال العقد الأخير، رغم معاناته من إصابتين طويلتي المدى سرقتا من مسيرته ما مقداره موسم كامل، مع الجيش والريان القطريين، وعاد منهما لاعتلاء هدافي الدوريات عالمياً سنة 2019 مع النصر السعودي، وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء.
خاض الهداف "الآسفي"، البالغ من العمر 30 سنة، 17 مباراة دولية، أولها في فبراير/شباط 2012، منها 10 كأساسي و6 شارك فيها طوال 90 دقيقة، وكان آخر ظهور له بديلاً أمام منتخب غامبيا، خلال استعدادات المنتخب المغربي لكأس أمم إفريقيا 2019 بمصر، والتي أعقبتها وقائع اختلفت حولها الروايات، وانتهت بمغادرته للمعسكر في اليوم التالي للمباراة.
توقيف غيابي!
أرخت الواقعة بظلالها على صورة اللاعب لدى الجمهور والإعلام المغربي، لفترة وجيزة، قبل أن تبرز مشاكل العقم الهجومي خلال الخروج المر أمام بينين، لتعيد معها ذكر حمد الله في كل ندوة يعقدها وحيد خليلوزيتش، الذي أخلف وعده للاعب في الوهلة الأولى، ولجأ لتفضيل اختياراته في وقت لاحق، وانتقد حصول اللاعب على الإنذارات واعتبر دواعي الاستبعاد "فنية".
لم تنته القصة عند هذا الحد، واستمرت التساؤلات حول التواصل معه لتسجيل حضور جديد، غير أن الجامعة الكروية اتخذت مساراً أشبه بـ"التوقيف الغيابي"، حيث لم تعقد جلسة استماع ولا اجتماعاً للجنة الانضباط لحسم الموقف من مغادرته للمعسكر، وتكرر "التمطيط" في تصريحات المدرب ومساعده ورئيس الجامعة حول عودة موقوفة التنفيذ تنتظر الجاهزية والتهديف.
وينص قانون العقوبات، في المادة 121 المتعلقة برفض الاستجابة لاستدعاء المنتخب المغربي، على توقيف اللاعب لـ4 مباريات دولية مع غرامة قدرها 5000 درهم، وفي حالة التكرار يعاقب اللاعب بالإيقاف 8 مباريات مع غرامةٍ قدرها 10 آلاف درهم، غير أن حمد الله لم يخضع لهذه الإجراءات، التي كانت ستتسبب -حسب مصادر متطابقة- في توقيف عناصر أخرى، وربما استدعاء هيرفي رونار وقائد المنتخب مهدي بنعطية.
البند المذكور جرى تطبيقه في حق الحارس رضا التاغناوتي، عقب رفضه الجلوس على مقاعد البدلاء في مباراة المنتخب المحلي أمام الجزائر، برسم تصفيات كأس أمم إفريقيا للمحليين، حيث أثبتت الفحوصات ادعاءه الإصابة وتمت معاقبته نظير "رفض المشاركة في المباراة".
وفي حوادث مشابهة، دافعت الجامعة عن نصير مزراوي وحكيم زياش خلال رفضهما العودة تحت إشراف وحيد خليلوزيتش، كما هو الحال عندما تعلق الأمر بعبد الصمد الزلزولي في "كان 2022″، ولعل المجال لن يسع الأسماء التي ترددت في اختيار تمثيل "الأسود" ولاقت الترحيب حال التراجع عن القرار.
عهد جديد بمعايير هشة؟
أضاع هجوم المنتخب المغربي 55 تسديدة أمام الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا وليبيريا، في التوقف الدولي الأخير تحت إشراف الناخب البوسني، بيد أن الكعبي والنصيري ومايي حصلوا على ثقة الركراكي في أول المواعيد، وغاب التيسودالي للإصابة، مشدداً على أهمية الحفاظ على المجموعة المنسجمة، مع إدراج الاسم الجديد وليد شديرة، الذي يبصم على انطلاقة مميزة في السيريا ب.
قائمة الركراكي بدت، في جوانب معينة، كـ"رد فعل" ضد اختيارات خليلوزيتش، استجابت لإبعاد برقوق وشاكلا والعكوش الغائبين بشكل شبه كلي عن قوائم أنديتهم، فيما تواصل النهج السابق في استدراج مزدوجي الجنسية المترددين في الاختيارات، وظل لاعبون مثل يوسف مالح وإسماعيل قندوس خارج رادار المدرب، إلى جانب عدد من المواهب الشابة التي برزت في الشهور الأخيرة.
مدرب جديد، ندوة جديدة، أسئلة جديدة، إجابات جديدة، وتناقضات مستمرة في تسطير معايير غير واضحة تقلص "كوتا" البعض وترفع أسهم آخرين، تستعين بأرقام الجاهزية حيناً، وتلجأ لتفخيم الجودة في أحيان أخرى، وتتفق على استبعاد حمد الله حين الجاهزية والجودة، ليتواصل مسلسل طويل يقارب نهايته مع اقتراب عيد ميلاد حمد الله الحادي والثلاثين.
يطوي الجمهور المغربي في كل مرة، صفحة الاختيارات، لإفساح المجال أمام الأفكار الفنية والأسلوب التكتيكي، في وقت رفع فيه الركراكي تحدي المنافسة على حظوظ العبور من الدور الأول.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.