ما هي الأفلام والمسلسلات التي قدمتها لأطفالي بديلاً لـ”ديزني”؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/23 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/23 الساعة 10:53 بتوقيت غرينتش

لم أكن أعرف أنا والكثيرون من جيلي ونحن صغار  معنى آخر لكلمة "ديزني" سوى أنّها "كرتون"، كانت الرسوم المُلوّنة تتحرك في سحرٍ عجيب، لتحكي قصة خيالية لطيفة،  اعتدنا أن نُشاهدها بأعين متسعة، وقلوب تدق بفرحٍ ولهفة.

ومن وقتها وعلى مدار 100 عامٍ تقريباً، أصبح  ذلك الفأر المُلقب بميكي ماوس رمزاً لكل ما هو صغير وجميل.. وبريء أيضاً.

هكذا كانت ديزني، قبل أن يصير كل ذلك ماضياً.. للأسف..

ديزني التي كانت أسطورة، في عالم الإنتاج والتوزيع لأفلام الرسوم المتحركة حول العالم كله، بخلاف امتلاكها للعديد من شركات الإنتاج الكبرى، والحدائق المفتوحة، وغيرها الكثير،  أوشكت على السقوط.

ولا أعني بذلك توقف أعمالها، بل أعني انهيارها في عيون وقلوب مئات الملايين من محبيها، الذين تربّوا على أفلامها، وصنعوا من خلالها ذكريات طفولتهم الثمينة. 

 السؤال الهام هنا،  والذي يهمّ كل أُم: ماذا بعد ديزني؟ 

أين يُمكننا أن نجد مساحةً آمنةً لأطفالنا، فيها من الترفيه والمتعة البريئة، كما فيها من التركيز على الفضائل والصفات الحسنة، والتشجيع على الأفعال التي تتوافق مع معتقداتنا ومبادئنا؟

"صحوة" ديزني هي صفعة على وجوه الأمهات

ديزني

بعد تصريح ديزني الأخير على لسان مديرة الترفيه بالشركة كاري بيرك  Karey Burke ،

وفي إطار المرحلة الجديدة التي دخلتها بالفعل استوديوهات والت ديزني منذ عدة سنوات، والتي تُسمى بـ"الصحوة"، لم يعد هناك مجال للشك في نوايا ديزني تجاه ما تنوي تمريره من الأفكار الشاذة التي تتعلق جميعها بالجنس، إلى الأطفال بداية من عمر ما قبل المدرسة وما بعدها.

وكأن ديزني تخبرنا بأن، نعم، كان هذا مقصوداً، وسيتم التخطيط له في المستقبل بشكل أوسع وأجرأ مما سبق.  نعم، لم يعد يقتصر الأمر على تلمحياتٍ جنسية، أو مشاهد مريبة تحمل أكثر من معنى،  نحن سنخبر أطفالكم عن كل الأفعال المشينة التي يُمكن أن يمارسها الإنسان في هذا العالم، وهم لهم مطلق الحرية في أن يفعلوا أو ألا يفعلوا ما سيُشاهدونه. الأمر بهذه البساطة.

هذه هي باختصار أجندة ديزني السياسية، وهي أن تصبح فكرة الاختلافات الجنسية بين الأفراد لدى الأطفال فكرة ضبابية، وأنه من المقبول بالنسبة لهم أن ينجذبوا لشخصٍ من نفس جنسهم، أو أنّ بإمكانهم أن يقوموا بتغيير جنسهم نفسه.

لذلك لم يكن غريباً أن يندلع غضب الأمهات -وأنا منهن- كالبركان، في وجه مؤسسة ديزني بالكامل، وقد تأثرت أنا شخصياً بمقالة لإحدى الأمهات في أمريكا بعنوان:  "عزيزي ديزني: لقد كسرت قلوب هؤلاء الأمهات". 

حسناً.. ذهب سحر ديزني إلى الأبد، فماذا بعد؟

ماذا بعد ديزني إذاً؟

أول ما ورد في ذهني سريعاً هو اسم بيكسار Pixar، الاسم الغنّي بالمشاعر التي لن يفهمها سوى من شاهدوا أفلام هذه الشركة القريبة إلى القلب، والتي مع الأسف، لم تعد كذلك.

التجربة الرائعة لولا تدخل ديزني  Pixar بيكسار

ديزني

بدأت بيكسار بداية واعدة حقاً، ففي منتصف التسعينيات وقبل أن تُظهر ديزني وجهها القبيح صراحةً كما حدث منذ أشهرٍ قليلة، ذاع اسم Pixar كشركة صاعدة في مجال الرسوم المتحركة، بفيلمها الذي أثار إعجاب الملايين حول العالم Toy Story، ومن بعده توالت الأعمال التي أكدت لنا أنّه يُمكن لنا أخيراً أن نرى أبطالاً بشخصياتٍ حقيقية تُشبهنا، لها نقاط ضعف ونقاط قوة، لها مخاوف ولها عيوب، بعيداً عن القصص الكلاسيكية القديمة أو الـFairy tales وبعيداً عن الرومانسية المُقحمة والنهايات السعيدة والأبطال المثاليين.

ظهرت بيكسار كضوء لامع في السماء، خصوصاً بعدما توالت الأعمال الناجحة مثل Finding Nemo في عام 2001، Monsters, Inc. أو شركة المرعبين المحدودة في عام 2003.

كانت قصص أفلام ديزني تقليدية، تستند فيها إلى حكايات شعبية قديمة، أما بيكسار فكانت تعتمد قصصها على سؤال ماذا لو؟ 

ماذا لو كان بإمكان الألعاب أن تتحدث؟ ماذا لو كان هناك فأر ماهر في الطبخ؟  وغيرها..

مع بيكسار بدا الأمر مختلفاً فعلًا، ومشحوناً بالمشاعر، حتى عام 2006 حينما قامت ديزني بحركة ذكية، لتقضي على أحد أكبر مُنافسيها، وقامت بشراء بيكسار، لتُصبح واحدة من الشركات العديدة التابعة لها.

السؤال الآن: هل هناك أمل في أن تكون بيكسار رافضة لسياسة ديزني الجديدة؟

للأسف، يُمكن للأفلام الثلاثة الصادرة في عامنا هذا، عام 2022، أن تُجيبنا جميعاً بأن لا، وذلك لأنها تحديداً وعلى وجه الخصوص، الأفلام التي احتوت على مشاهد غير لائقة وأثارت ضجة كبيرة حولها، وهي  Onward  ،Turning Red ، Lightyear، والتي يحمل جميعها اسم الشريكين Disney-Pixar. 

ما زال السؤال قائماً: ماذا بعد ديزني؟

استوديو جيبلي  Studio Ghibli مملكة الأحلام والجنون

ديزني

يبدو غريباً أن أجد ضالتي التي أرى أنها تتفوق على ديزني نفسها،  في شرق آسيا، في اليابان تحديدًا، حيث توجد ثقافة مختلفة تماماً عن الثقافة الغربية التي اعتدت عليها، وبفارق 62 عاماً من الخبرة بين كل منهما، وهي لصالح ديزني بالطبع.

أتحدث هنا عن استوديو جيبلي Studio Ghibli، الذي ظهر  منذ ما يقرب من 40 عاماً، تحديداً في عام 1985، على يد ثلاثة من صنّاع السينما، أهمهم وأشهرهم هو الكاتب والمخرج الياباني Hayao Miyazaki.

هذا الرجل العبقري الذي صنع نوعاً جديداً من الفنّ الموجه للأطفال والكبار أيضاً. ربما يتذكر جيلي حلقات الرسوم المتحركة اليابانية "مغامرات عدنان" التي اشتهرت لدينا وقتها باسم "عدنان ولينا"، كان Miyazaki هو كاتب ومخرج هذه الحلقات الفريدة من نوعها.

كانت بداية نجاح استوديو جيبلي في عام 1989 بفيلم  Kiki's delivery service، ولكنه لم يكتسب الشهرة العالمية سوى في عام 1997 على يد فيلم Princess Monoco .

وكانت المفاجأة  في حفل الأوسكار الخامس والسبعين في عام 2003، حينما فاز الفيلم الياباني Spirited Away بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة، وهو الفيلم الثامن من سلسلة أفلام استوديو جيبلي.

وعلى أرض الواقع، من يُشاهد أفلام استوديو جيبلي، سيُدرك الفارق الكبير بين تلك الأفلام وأفلام ديزني، خاصة في عهد ما قبل بيكسار.

تعتمد أفلام استوديو جيبلي على قصصٍ أصلية، قصص مكتوبة خصوصاً لعالم جيبلي، يمتزج فيها الواقع مع الخيال بشكلٍ ساحر. في عالم جيبلي، لا بد أن يُرسم كل مشهد أولاً على الورق، قبل أن تتم معالجته عن طريق الكمبيوتر.

يقول ميازاكي: "على الرسّام أن يُزيف كذبة تبدو حقيقية جداً، حتى يعتقد المُشاهد أنّ هذا العالم بإمكانه أن يكون حقيقة فعلًا". 

هذا الخلط الساحر بين الخيال والواقع، هو ما أعطى استوديو جيبلي تفردّه الذي يجعله غريباً، ورائعاً في نفس الوقت.

في عالم جيبلي، لا تحتاج الفتيات دائماً إلى الإنقاذ من قبل الفتيان، ولا يتصرف الأطفال بشكلٍ أكبر من سنهم الحقيقي، ولا تظهر الفتيات بشعرٍ مصفف وشفاه حمراء، ولا ينتهي الفيلم بنهاية سعيدة دائمًا، كما هو الحال في أفلام ديزني.

فعلًا.. هي مملكة الأحلام والجنون كما يصفها الفيلم الوثائقي الذي يحمل نفس الاسم والذي يتناول كيفية صناعة أفلام جيبلي الساحرة.

أعترف أنني شاهدت أفلام استوديو جيبلي مرةً بعد مرة، وفي كل مرة أُشاهدها فيها، كنت أكتشف معنىً جديداً لم أفهمه في المرة الأولى، أو أرى تفصيلةً ما تجعلني أندهش لدقة موضعها. معظم أفلام استوديو جيبلي عميقة وغريبة، ويصعب تفسيرها كاملة حتى بالنسبة لنا نحن الكبار. هي أفلام غامضة، كالحياة ذاتها.

24 فيلماً تم تقديمها حتى الآن على مدار 40 عامًا، إنتاج قليل العدد، ولكنه ثري وأصيل وأكثر من كافٍ حقًا، وما زال Miyazaki إلى يومنا هذا مستمراً في إبداعه ومحافظاً على أصالة فنّه بطريقته الخاصة.

أمل جديد للأمهات ومتعة بريئة للأطفال

ديزني

بخلاف أفلام بيكسار القليلة التي سبقت عملية الدمج مع ديزني، وأفلام  استوديو جيبلي، هناك بعض شركات الإنتاج الفنّي التي كانت لها تجارب ناجحة جداً في تقديم أفلام الرسوم المتحركة، هي ليست بشهرة اسم ديزني بالطبع، ولكنها أسماء معروفة بشكلٍ كبير لمحبي أفلام الأنيمشن بشكلٍ عام، والأشهر منها هو أفلامها ذات المحتوى الملائم للأطفال والتي نجحت بشكلٍ رائع، وأحبها الكثيرون حول العالم.

أولها شركة Warner Bros وهي شركة عريقة في مجال الإنتاج الفنّي بشكلٍ عام منذ ستينات القرن الماضي، ولها تجارب ناجحة كثيرة في مجال الرسوم المتحركة، منها Happy Feet، The Lego movie، Teen Titans Go! to the Movies. وغيرها.

هناك أيضاً الشركة ذات المقدمة الشهيرة لطفل يجلس فوق القمر وهو يحمل صنارة صيد وهي  DreamWorks Animation للإنتاج الفني والتي تأسست عام 1994، ومن أشهر أفلامها سلسلة أفلام  Shrek ، Madagascar ، Kung Fu Panda ،How to Train Your Dragon، Trolls ،The boss baby. وغيرها الكثير.

وهناك أيضاً شركة Sony Pictures Animation التي بدأت عملها في عام 2002، وأشهر أعمالها Hotel Transylvania بأجزائه، و spider-man™: into the spider-verse.

وأخيراً شركة Illumination  والتي لا بد أن يستدعي اسمها في الأذهان صورة الـ Minions الصغار وهم أشهر شخصيات فيلمها Despicable Me. ورغم أنها شركة حديثة نسبيًا، حيث تأسست عام 2007، إلا أنها قدّمت العديد من الأفلام الناجحة والممتعة حقاً للأطفال، أشهرها The minions، The Secret Life of Pets، Sing، وآخرها فيلم Minions: The Rise of Gru. 

في النهاية، لم يعد هناك خلاف في أنّ ديزني قد قتلت نفسها بنفسها، حينما تبنّت فكرة غرس الأفكار التي تخالف قيم المجتمعات السويّة في عقول أطفال العالم، وهي تحصد الآن عاقبة هذا المخطط الكريه، على شكل حملات عالمية للمقاطعة والنبذ وتوجيه الاتهامات.

أما عن البديل الآمن، فبالنسبة لي ستأتي أفلام استوديو جيبلي في المقدمة، ليتساوى بعدها بقية أفلام الشركات الأخرى، والتي لا أستبعد أن تضمها ديزني إليها كما فعلت مع بيكسار، ضماناً لسيطرة أوسع على الأجيال الجديدة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سارة يوسف
دارسة للأدب الإنجليزي، ومهتمة بالفنون والسينما
أنا سارة يوسف، زوجة وأم، مُحبة للقراءة والسينما، درست الأدب الإنجليزي، وعملت في وظائف عدة، حتى توصّلت لشغفي الحقيقي وهو كتابة المقالات الفنّية والأدبية.
تحميل المزيد