التدوين هو كتابة أفكارك أو تجاربك أو اختصاص معين لك شغف في الحديث عنه في منصات تتسع لكتاباتك، وهو أن تجد لأفكارك منفذاً وولادة تشعر معها بالإنجاز والمتعة، تفيد وتستفيد وتصنع لك قاعدة من القراء، ولكن لكل منصة شروط عليك الالتزام بها، وبقدر ماتساعدك هذه الشروط فإنها أيضاً تلزمك.
معظم المنصات تشترك بشروط معينة: مثل الالتزام بعدد معين من الكلمات أو السطور، ماذا لو أن الموضوع الذي أكتب عنه أقل من عدد هذه الكلمات وأنا أحرص على طرحه في هذه المنصة؟ ماذا لو تجاوزت عدد السطور المسموح بها؟ هذا يعني تدربك على مهارة تحديد الكلمات الوافية والطرق التعبيرية التي تفيد في التقيد بهذا الشرط، هذا الشرط مع الوقت سيؤثر على طريقة كلامك، وستتعلم التعبير عن أفكارك بطريقة موجزة ووافية ومعبرة.
بعض المنصات تشترط عدم نشر مقالك من قبل، وأن تكون ولادته فيها أولاً، أحياناً قد ترغب بنشره في أكثر من منصة ليصل إلى أكبر شريحة ممكنة، وهذا الشرط يحرمك من ذلك.
عليك الاحتفاظ بنسخ عندك لما تنشره على المنصات، ذات مرة ولمدة تجاوزت العام كنت أكتب قصصاً وخواطر في إحدى المنصات، ولم أكن قد احتفظت بنسخ منها لأنني اعتمدت على وجودها في المنصة، واحتجت بعد مدة قصة من تلك القصص، ولم يكن عندي علم أن المنصة قد جددت ولن أعود قادرة على الوصول إلى كتاباتي التي لم يعد لها وجود من الأساس، وضاع جهد عام وأكثر وكأن شيئاً لم يكن.
بعض المنصات تأخذ وقتاً طويلاً لتنشر مقالك أو ترد عليك لتعلم إن نشرت المقال أم لا أم هناك ملاحظات ما، فتنسى أنك نشرته وتشعر بملل الانتظار وخيبة عدم الرد، وأحياناً أيضاً قد تجده نشر صدفة، وقد لا تنشره المنصة أصلاً ولا تعطيك سبباً لعدم النشر، وهذا الأمر قد يزعجك.
سيراودك هاجس متى سأصبح كاتباً مشهوراً؟! ومتى سأقرأ كتاباتي ضمن الأكثر قراءة، متى سيصبح لأفكاري صدى وأحظى بالعديد من المتابعين، إنه تحد صعب وستسعى دائماً لتطوير نفسك وتجويد نوعية كتاباتك، ولكن يبقى هناك بعد أصعب على الكتاب غير الناشطين أو الموجودين كثيراً على الشبكة العنكبوتية وليس لهم أصدقاء من العالم الافتراضي ولا حسابات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فلكي تتابَع عليك أن تتابِع، فكما ترغب في قراءتهم كتاباتك والتعليق لك، عليك فعل ذلك بالمثل لهم، عليك النشر أكثر في كثير من الصفحات، وإرسال طلبات صداقة وعمل حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة النشطاء والمدونين الأكثر شهرة، وقد تضطر لجعل خصوصية حساباتك عامة، ولكن لا تكن لحوحاً وتكتب في كل تعليق "تابعني من فضلك".
وفيما لو نشرت شيئاً لم يحظ بالتفاعل أو أخذت وقتاً طويلاً ليزداد عدد متابعيك سخطت وغضبت ورجوت وما إلى ذلك، اترك لقرائك حرية اختيار إعجابهم بك، ولا تفرض عليهم وتلح في طلب الإعجابات والنشر والمشاركة.
إن الانتشار والشهرة أمر صعب لمن لا يجيدون صنع دعاية لأنفسهم وليس لهم جَلَد أو عندهم وقت طويل يقضونه على مواقع التواصل الاجتماعي.
سيسألك الناس عن مردودك المادي، ولا يعلم أحد منهم أنك قد تمر سنوات وسنوات وأنت تكتب لمجرد الكتابة دون أي مردود مادي، ولو فكرت في ذلك المردود قد تتوقف فوراً مقارنة بالمجهود الذي تبذله ليصدر لك مقال ترضى عنه.
بعد فترة لابد من اختصاصك في مجال معين إن لم تكن مختصاً، وذلك يحدك من الكتابة في كل الحقول والأفكار التي تعجبك، والاختصاص يجعلك أدق وأكثر بحثاً وإلماماً في المجال الذي اخترت الاختصاص به.
لا تلاحق كل ما هو تريند، ولا تضع ما تحب التعبير عنه رهن الضغط والقلق والتوتر من جراء تفكيرك متى سيزداد عدد متابعيّ وعدد الإعجابات والاشتراكات وما إلى ذلك، نحن في زمن صناعة التفاهة، ومعظم ما يشتهر ينسى خلال يوم أو أقصاه أسبوع، ولا يكون ذا قيمة، وما يروق لك لا يروق لغيرك، وقد لا تعجب الكثيرين، ولن تجد كل من يقرأ لك يتفق معك، اكتب حتى لا تأكل أفكارك دماغك، اكتب ما يعبر عن شغفك ويحقق لك المتعة، اكتب ولا تفكر بالمنغصات وماذا سيحدث بعد ذلك، اكتب ما تؤمن به، اكتب لتترك أثراً ترضى به عن نفسك.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.