يجتمع عدد كبير من قادة الدول حول العالم اليوم الثلاثاء، 20 سبتمبر، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا الحدث الذي يتكرر كل عام ويُفضل رؤساء الدول حضوره بشكل شخصي لما له من أثر في القوة الناعمة للدول ولدبلوماسيتها العامة.
تضم الجمعية العامة للأمم المتحدة 193 دولة مستقلة، ويناقش الحاضرون لهذه الاجتماعات مجموعة من القضايا التي تهم الرأي العام حول العالم. ويبدو أن هذا العام ستخيم الحرب الأوكرانية على أجواء هذه الاجتماعات لما لهذه الأزمة من تداعيات خطيرة على السلم والأمن العالميين، خصوصاً فيما يتعلق بالأمن الغذائي العالمي ومخاطر خوض حرب نووية.
أما -وبوصفي باحثاً في السياسات العامة والفلسفة السياسية- فأعتقد بأن القمة لن تحقق تقدماً ملحوظاً في الملفات الشائكة؛ ولذلك لعدم وجود رغبة واضحة في الوصول إلى حلول وسط في الأزمات الوجودية التي يواجهها عالمنا اليوم. ولكن من الأهمية بمكان أن ننظر إلى البيئة التي ستوفرها الولايات المتحدة لرؤساء الدول حول العالم، هذه البيئة التي ستنعكس آثارها بشكل واضح على مخرجات هذه القمة من تقدم في العملية الدبلوماسية وخوض محادثات ثنائية وجماعية.
لطالما استخدمت الولايات المتحدة منظمة الأمم المتحدة كوسيلة ضغط ضد المخالفين لسياساتها حول العالم، فرفضت في بعض الأحيان إصدار التأشيرات للدبلوماسيين لحضور قمم الأمم المتحدة، كما قامت بالضغط على ممثلي كل من سوريا وفلسطين واليمن وأفغانستان وفنزويلا والمكسيك وغيرها الكثير من الدول. واستخدمت الولايات المتحدة لممارسة هذا الضغط سياسات مزدوجة أولها منح الضوء الأخضر والسعي لتنظيم مظاهرات أمام مقر الأمم المتحدة لمجموعات من المعارضة، وثانيها من خلال إجبار بعض ممثلي الدول التابعة للولايات المتحدة بترك قاعة الاجتماعات بصيغة احتجاجية عندما يقوم ممثلو فلسطين أو سوريا أو اليمن أو بعض هذه الدول المستقلة بإلقاء كلماتهم في رواق الأمم المتحدة.
إن حق الاعتراض محفوظ للجميع، ولكن السؤال المهم والأساسي هو: هل يمكن لنا أن نحصل على ترخيص لتنظيم احتجاج على ممارسات الولايات المتحدة حول العالم ونقوم بتنظيم هذا الاحتجاج ضد الإدارة الأمريكية خلال إلقاء الرئيس الأمريكي كلمته أمام الأمم المتحدة؟
الجواب بكل وضوح: لا. في الواقع إذا ما حاولنا ولمرة واحدة أن نحصي أعداد المعترضين والمخالفين للسياسات الأمريكية حول العالم فإن الأرقام قد تصل إلى مئات الملايين من البشر في إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط وآسيا وكل مكان حول العالم. جميع هؤلاء لا يملكون أدنى حق بالاعتراض على السياسات الأمريكية أو الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة حول العالم.
ختاماً، إن اجتماع الأمم المتحدة من أهم الاجتماعات السياسية حول العالم، لذلك ينبغي على الولايات المتحدة تأمين الحد الأدنى من مقومات نجاح هذه القمم دون محاولة توجيهها وتخريبها سياسياً. المطالبة مثلاً بقيام الدولة الفلسطينية في أروقة الأمم المتحدة أو المطالبة بوقف القتل في اليمن كلها مطالب مشروعة، ولذلك يجب أن تتخلى الولايات المتحدة عن عملية التشويش على هذه الدول في الأمم المتحدة. إن تنظيم هذه الاجتماعات بشكل يوفر الأمن والهدوء هو امتحان لقدرة الولايات المتحدة على تنظيم هذا الحدث الهام وبشكل حيادي وفشل الولايات المتحدة بذلك يعني التشكيك بجدوى تواجد منظمة الأمم المتحدة على الأراضي الأمريكية!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.