جيل الألفية من البريطانيين.. لماذا لم يتعاطف الكثير منهم مع وفاة الملكة إليزابيث؟

عدد القراءات
2,196
عربي بوست
تم النشر: 2022/09/10 الساعة 12:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/10 الساعة 12:10 بتوقيت غرينتش

وجود العائلة الملكية يكلِّف بريطانيا الكثير

حسب استطلاع رأي نشرته "رويترز" في وقت سابق فإن 41% من البريطانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 سنة يريدون التخلص من العائلة الملكية، وتعويضها بنظام رئاسي يتم فيه انتخاب الرئيس من قِبل الشعب البريطاني.

كلّفت جنازة الملكة إليزابيث الأم سنة 2002 ما يقارب 12 مليون دولار، جنازة الأميرة ديانا 11.8 مليون دولار، وبنسبة أقل في جنازة الأمير فيليب بسبب التزام العائلة الملكية بقيود جائحة كوفيد، وتقليص البروتوكولات الملكية وعدد الحاضرين، وحسب خبراء القصر الملكي، فإنه من المتوقع أن تكلف جنازة الملكة إليزابيث الثانية أضعاف ما كلفته الجنائز الملكية السابقة.

كل هذه التكاليف، بالإضافة إلى تلك المتعلقة بتدبير القصور التي تملكها العائلة الملكية في أنحاء المملكة، والتي يتم سحبها من صناديق دافعي الضرائب من الشعب على مر العقود، ساهم في تبني الجيل الجديد لفكرة إنهاء النظام الملكي وتعويضه بالرئاسي.

حيث يرى الجيل الصاعد من البريطانيين أن فكرة الملكية ببلادهم لا تضيف لهم سوى الكثير من الأعباء الاقتصادية والبروتوكولات التي لا تعنيهم بشيء، وأن أفراد العائلة الملكية يستغلون مناصبهم وسلطتهم للاستفادة بشكل شخصي على مر العقود.

 وقد طالب بعض الناشطين في السنوات الأخيرة بالحق في أن يتم استفتاء الشعب في ما إذا كان يجب أن تكون الملكة إليزابيث آخر ملكة في تاريخ بريطانيا، معززين موقفهم بالأثر السلبي الذي يشكله النظام الملكي على بريطانيا والبريطانيين. 

تقول الكاتبة بولي تينوبي: "حكمت إليزابيث أكثر من ضعف عدد سنوات حزب العمال وحزب المحافظين، تقف الملكية كرمز لمجتمعنا الذي يزداد جموداً وغير متحرك اجتماعياً: حيث يولد البريطانيون، من المرجح أن يبقوا.
"الغني في قلعته، والفقير عند بابه، جعل الله أحدهم عالياً والآخر عكس ذلك، كما تقول الترنيمة القديمة."  

الملكة إليزابيث لم تكن رمزاً شكلياً فقط

يعتقد الكثيرون أن القرارات السياسية والاقتصادية، وكل ما يتعلق بالبلد هو من مسؤولية البرلمان والوزراء ورئيس الحكومة دون تدخل الملكة في ذلك، لكن الحقيقة هي أن الملكة إليزابيث الثانية استعملت سلطتها الملكية لتمرر أكثر من ألف قانون قبل أن يصل إلى قبة البرلمان خلال فترة حكمها، من بين تلك القوانين قانون حماية خصوصية ممتلكاتها وممتلكات العائلة الملكية، والذي بموجبه لم تكن ملزمة بالكشف عن ثروتها وثروة العائلة.

كيف يرى المهاجرون من أصول المستعمرات البريطانية الملكة إليزابيث الثانية

تتفاوت الآراء والمواقف بين الجيل الذي هاجر إلى بريطانيا خلال السنوات التي تلت استقلال بلدانهم من الهيمنة البريطانية وبين الجيل الذي وُلد بين حدود المملكة يدرس التاريخ الذي لم يعشه ويمجد الملكة ويعتبر بريطانيا بلده وثقافته وهويته التي لا يعرف سواها.
فالجيل الأول من المهاجرين يحمل ماضياً لا ينسى ما عاشه أجدادهم، وما تمّ سلبه منهم، بل ويحمّلون بريطانيا الواقع الاجتماعي والاقتصادي ببلدانهم الأصلية ويتهمونها باستنزاف خيراتهم واستغلالهم، بينما يرى الجيل الذي بعده الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية والحق في عيش كريم، وفرص الدراسة والعمل التي أتيحت لهم، ويعتقدون أنه من الأصح أن تُطوى صفحات الماضي الملوثة بالكثير من الدماء.

شباب بريطانيا
"لماذا يجب علينا أن نتمنى للملكة إليزابيث الثانية بأن ترقد بسلام؟ ما أريد تمنيه فعلا هو أن يقول القدر كلمته، لقد عذبت وقتلت وأساءت معاملة أجدادنا … الموت هو العدالة"
شباب بريطانيا
"كل من هو مدرك للثمن الذي دُفع لتقوم الإمبراطورية البريطانية وتقوى وتستمر.. لن يذرف دمعة واحدة على موت أي فرد من العائلة الملكية."

لم يهتموا بوفاة الملكة

على عكس ما رُوج له في القنوات والصحف الوطنية البريطانية، فإن الكثير من البريطانيين لم يهتموا بوفاة الملكة، كل همهم الوضع الاقتصادي المقلق وفواتير الغاز والكهرباء التي ترتفع بشكل مهول مع أزمة الغاز، وكيف أن ملايين الدولارات التي ستصرف على إجراءات الجنازة من الممكن أن تساهم في دعم البريطانيين خلال هذه الفترة العصيبة، وفي هذا الصدد قال المؤرخ والبروفيسور أندرو روبرت لموقع (سي إن بي سي): "نواجه اليوم أوقاتاً عصيبة تتعلق بظروف المعيشة ببريطانيا، وما يريد أن يراه البريطانيون الآن هو أن تقوم العائلة الملكية بقرارات مستقبلية تعكس استيعابهم للوضع".  

أيضاً اعتبر البعض وفاة الملكة مناسبة لتذكير العالم بالجرائم التي ارتكبتها المملكة بحق المستعمرات التي امتدت إلى بقاع العالم أجمع وبقي أثرها إلى الآن، بل وصل الأمر إلى المطالبة باسترجاع حجر التاج الذي ترتديه الملكة "الكوهينور"، الذي تم الاستيلاء عليه خلال فترة استعمار الهند، وبالضبط مدينة بنجاب. 

سمعة العائلة الملكية واهتزاز عرشها في قلوب البريطانيين لم تكن وليدة موقف واحد أو اثنين، بل بدأت منذ وفاة الأميرة ديانا، وما تخلله من شائعات دارت حول سبب وفاتها ومعاملة الملك تشارلز لها آنذاك حين كان أميراً، تلته تصريحات الأمير هاري وزوجته خلال السنوات الأخيرة وتخليهما عن مسؤولياتهما الملكية بسبب المضايقات التي عانيا منها بين أحضان الملكة والعائلة الملكية، ليتم بعدها ربط اسم الأمير أندرو نجل الملكة إليزابيث بفضيحة صداقته مع جيفري إبستين المدان بقضية اعتداءات جنسية، والتي كان فيها الأمير أندرو متهما أيضاً، لم يتخلص من تلك الادعاءات إلا بعد أن قام بتسوية مالية مع المشتكية، نتج عن ذلك تجريده من الألقاب الملكية جميعها.

وفاة الملكة إليزابيث أعادت ذكرى الأميرة ديانا

كذلك غرد الكثير من البريطانيين، وغيرهم من دول العالم، بخصوص ذكرى الأميرة ديانا وأحقيتها بأن تكون الملكة الحالية، رغم أنه تقنياً الأميرة الراحلة كانت قد تطلقت من الأمير تشارلز قبل وفاتها، إلا أن ذكراها وحبهم لها خصوصاً بعد حادثة وفاتها ساهم في أن تستمر شعبويتها، بل تنافس الملكة إليزابيث في ذلك وهي ميتة. وقد استعمل الكثيرون عبارات وصور تخلد ذكرى الأميرة ديانا بالكثير من الاهتمام والتقدير، وكأنهم يحمّلون الملكة إليزابيث مسؤولية موتها بشكل غير صريح.

شباب بريطانيا
"توفيت إليزابيث وسيجلس تشارلز على العرش الآن. ليس صائباً أبداً أن تكون كاميلا الملكة المتوجة، إن هذا اللقب سيبقى دائما ملك ملكة قلوبنا، الأميرة ديانا." 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

شيماء أوقاش
صحفية مغربية
تحميل المزيد