التُّحْفَة السَّنِيَّة في فهم المرأة المصرية

عربي بوست
تم النشر: 2022/08/15 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/15 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش

عطفاً على المقال الذي نشرته بعنوان الدليل الذي قدمته لفهم الرجل المصري، أقدم هنا دليلاً آخر لفهم المرأة المصرية. وبداية، أنبه أن هذه المحاولة محفوفة بالمخاطر؛ لأن الكاتب رجل لا امرأة، ولأن بساطة تركيب وتصرفات الرجل لا يختلف عليها اثنان منصفان، في حين أن طبيعة المرأة وتصرفاتها أمور معقدة تزيدها الظروف المجتمعية في مصر تعقداً. 

قد لا يكون مستغرباً أن نُعَرِّف المرأة بأنها هذا المخلوق الذي يتكون من عواطف ومشاعر لا حصر لها، يلتف بعضها فوق بعض ويخنق بعضها تصرفاتها حتى يخيل لمن يتعامل معها أنه يتعامل مع عدة شخصيات تتنوع بتنوع حالتها النفسية والجسدية والاجتماعية. وهذا التنوع محمود بعض الوقت، إلا أنه يتحول للعدو الأول للرجل الذي يميل بطبيعته لتفضيل الشخصيات الثابتة واضحة المعالم نادرة التغير، وقد يكون هذا سبباً رئيسياً في الاختلاف بين الرجل والمرأة وعاملاً فاعلاً للشجار بينهما. 

ولأن ظروف المجتمع المصري لا تكف عن التغيّر، مدفوعة بعوامل عالمية ومحلية سريعة الوتيرة، فقد سبغت هذه العوامل مجتمعةً المرأة المصرية بسلوكيات تكاد تجعلها متفردة إيجاباً وسلباً.. وفيما يلي بعض النقاط التي قد تساهم في فهمها وفهم سلوكياتها حتى تعم الفائدة.

– على عكس الرجل في مصر، لا تتحدث المرأة المصرية لتعطي معلومة بقدر ما تتحدث لتمضية وقت وترسيخ علاقات مع من تحدثه؛ ولذا، تحب المرأة المصرية التفاصيل والإسهاب في الحديث والانتقال في نهاية موضوع لمقدمة موضوع آخر. فيُرْجَى ممن يتحدث مع امرأة مصرية أن يجاريها قدر المستطاع في الموضوعات التي تتحدث عنها. وإن لم يعرف هو كيف يطيل الحديث، فليسأل عن نقاط محددة حتى ولو كرر الأسئلة نفسها، وسيندهش أن مخزون الإجابات التي تقدمها المرأة لا ينضب. 

– بناءً على النقطة السابقة، لا ينبغي للرجل أن يقلق إذا وجد امرأة تتحدث على الهاتف لفترات طويلة، بل ينبغي أن يقلق إذا قصرت المكالمة؛ لأن هذا لا يحدث إلا حال وقوع كارثة تتهرب منها المرأة. 

– شكوى المرأة المصرية من الصداع بأنواعه وآلام القدمين والظهر والأسنان.. إلخ لا تنقطع. يعود هذا بالطبع لكمّ الضغوط التي تتعرض لها المرأة في مصر وتلك التي تخلقها هي خلقاً من العدم. المهم هو ألا يقلل الرجال من هذه الشكوى وألا يستهينوا بتجاهلها. فإن لم يستطع الرجل التعاطف مع المرأة في هذا الصدد، فلا أقل من الصمت وعدم التمتمة بأي شيء مثل "طيب ليه ما روحتيش لدكتور؟" فقد تكون هذه الشكوى مجرد لفت للانتباه لا شكوى من مرض حقيقي، وقد تزول فوراً إذا ما تحدث الرجل ببعض المديح في حق المرأة مثل "سلامتك يا قلبي" أو "معقولة الصداع بيخلي الناس حلوة كده؟". 

– الصوت العالي للمرأة المصرية ليس دليلاً على ضعف الموقف بقدر ما هو أداة تنبيه للرجل في محيطها بأن يتخذ موقفاً أو أن يتدخل. 

– الوعود الصادقة التي تطلقها المرأة في مصر بأنها ستعد "صينية بطاطس باللحمة وبسبوسة بالقشطة" ومثيلاتها من الأطعمة التي تسيل لعاب الرجل قبل أن يذهب لعمله لا يجب أن تُؤْخَذ على محمل الجد حتى لا يُصَاب الرجل بانهيار عصبي عندما يعود من العمل ولا يجد على الطاولة إلا "جبنة وخيار". 

– لا تشاهد المرأة في مصر وصفات الطعام أو المكياج أو الموضة الرائعة لتنفذها في بيتها، بل لتكون على معرفة بالمستجدات ليس أكثر. والحقيقة أن تنفيذ هذه الوصفات أمر مستحيل على أرض الواقع؛ فيرجى التماس العذر للمرأة. فمن لديه وقت ليبحث عن مكونات الطعام التي يطلقها الشربيني وإخوانه بكل سلاسة، وهي مكونات لا وجود لها إلا في بلاد الوقواق؟ 

– إقناع المرأة في مصر بألا تشاهد اليوتيوب أو تتابع وسائل التواصل الاجتماعي لأوقات طويلة أو تكف عن تسجيل الرسائل الصوتية بالغة الطول أمر لا طائل منه.. عزيزي الرجل "عطل الراوتر" واسترح. 

– لستُ خبيراً في التشريح، ولكني أجزم أن دماغ المرأة به شعيرات أو خلايا مُضَلِّلَة تفقدها الإحساس بالمكان والزمان. فيُرْجَى عدم لوم المرأة بشكل عام على عدم معرفة الاتجاهات وهي تقود السيارة أو السؤال عن كيفية الوصول لمركز تجاري ذهبت إليه ما يزيد عن عشرين مرة. ويُرْجَى كذلك عدم لوم المرأة على بداية طهي الطعام الساعة الرابعة مساءً في حين أنها تعرف أن ابنها لديه تدريب في أحد النوادي الساعة الخامسة ويفترض به أن يتناول الغداء قبل ذهابه للنادي. 

– المرأة المصرية الأرملة أو المطلقة أو الحامل أو التي هجرها أو غاب عنها رجلها لأي سبب امرأة من نوع خاص، ولا ينبغي أن يتم التعامل معها على أنها إنسان طبيعي، بل ينبغي التماس العذر لها في كل ما تفعل أو تفشل في عمله وفي صوتها العالي وردة فعلها المبالغ فيها وفي جفاء طبعها. 

– إذا أحب الرجل أن يقدم لامرأة مصرية نصيحة، فلا ينبغي له أن يقدمها لها صراحة وبشكل مباشر، بل ينبغي عليه أن يحاول تمرير هذه النصيحة لإحدى صديقاتها إن وُجِدَت، وهي ستبلغها نيابة عنه. أما لو حاول هو فعل ذلك، وخاصة إن كان قريباً من المرأة (مثل الأب أو الأخ أو الزوج)، فستحاول المرأة بكل ما تستطيع أن تفعل عكس ما نُصِحَتْ به. 

– كلمة "صاحب" كلمة تعز على الرجال في مصر ولا يستخدمونها إلا مع عزيز خَبرُوا التعامل معه وأدركوا أنه رجل حقيقي. أما المرأة في مصر فتستخدم "صاحبتي" مع أي أنثى عرفتها لمدة أسبوع أو أسبوعين.

– علاقة المرأة في مصر بنساء أخريات لا تقوم غالباً على حسن النوايا بقدر ما تقوم على الحسد والسخرية؛ ولذا، تتحول بيئات العمل التي تكثر فيها النساء في مصر إلى بيئات مسممة. 

– التسوق للمرأة في مصر ليس نشاطاً تشتري من خلاله ما يلزمها أو يلزم بيتها، بل هو دواء للكبت وفسحة من التزامات البيت؛ فلا تحرموا المرأة من التسوق. 

– صراخ الأم المصرية أثناء مساعدة أبنائها في المذاكرة حق مبرر؛ فيُرْجَى إتاحة الفرصة لها للصراخ "على مزاج" ودون إيقافها عنه مهما طالت مدته، خاصة أثناء فترة الاستعداد للامتحانات.

– قبل أن يشتكي الرجل من أنه لا يجد شيئاً ما في البيت، ينبغي عليه عدم التسرع وطلب المساعدة من أمه أو زوجته أو أخته؛ لأنها ستحرجه وستجد هذا الشيء في أي مكان تضع عليه يدها. فتِّش جيداً، عزيزي الرجل، ولا تحرج نفسك. 

– تعتبر المرأة في مصر أن باب الثلاجة والفريزر ودولاب الملابس وأي باب على ظهر الكوكب يجب أن يُغْلَقَ جيداً، فيرجى من الرجال الأعزاء أن يُذَكِّروا أنفسهم بذلك. 

– نظافة البيت أمر شاق ويستغرق وقتاً طويلاً؛ لذا يرجى من الرجال المحترمين تجنب المشي في البيت أو الذهاب للحمام أو إعداد قهوة أو حتى فتح الشباك مباشرة بعد انتهاء التنظيف، ولينتظر الرجل فترة ليس لها وقت معلوم للتحرك بحرية في البيت، مع العلم أن هذه الفترة لا تنتهي إلا إذا بدأت المرأة بممارسة نشاطها المعتاد في البيت.

– لا تتذكر المرأة المصرية سن السكاكين؛ ولذا، يغتاظ الرجال كثيراً عندما يجدون أنفسهم مضطرين للدخول للمطبخ، ويتهور بعضهم ويبادر بسنها مع أن تركها على صدئها قد ينقذهم في يوم من الأيام.

– يظل الجنيه جنيهاً إن تنقل بين أيدي أو جيوب الرجال، لكن الأمر ليس هكذا إذا ما انتقل لحوزة المرأة في مصر. عندئذ، يكتسب الجنيه قيمة الدولار ويصبح ذا "شنة ورنة" ولا يخرج من يدها إلا "للشديد القوي" مع أنها لا ترى لهذا الجنيه المسكين قيمة في يد الرجال. ولهذا، قد ترى امرأة شيئاً غالياً إن كانت هي من ستدفع، في حين تراه رخيصاً إذا كان من سيدفع ثمنه رجل. فميز -عزيزي الرجل- بين مالها ومالك، ويفضل أن تبتعد عنه تماماً إن استطعت (وهذا من قوامة الرجل، في الواقع).

– أقسى شعور على الزوجة بشكل عام هو أن تشاركها في زوجها امرأة أخرى. أما في الثقافة المصرية، فيصل هذا الشعور إلى حد إطلاق الرصاص على الزوج التي تشعر زوجته بأن زوجها قد بدأ ينظر لامرأة أخرى أو أن له علاقة بها حتى وإن كان من خلال الزواج الحلال. 

الغريب أن هذا الشعور يكون أكثر مرارة عندما تكتشف الزوجة أن علاقة زوجها بامرأة أخرى علاقة في السر لا في العلن. فإذا انتوى الرجل المتزوج أن يتزوج امرأة أخرى وكان لهذا الزواج ما يبرره، تفضل الزوجة أن تعرف وأن تُخَيَّر في استمرار الزواج من عدمه قبل أن يتم الزواج الثاني.

– تبغض الزوجة في مصر مقارنتها بأي أنثى، خاصة حماتها. 

 إقناع الزوجة المصرية بألا تنقب في هاتف زوجها لا طائل منه. عزيزي الرجل، هذا قدر لا مفر منه. أرح نفسك وسلم هاتفك. 

– لا تُعَبِّر الزوجة المصرية عن مشاعرها تجاه زوجها صراحة ومن تلقاء نفسها ولو وُضِعَتْ في زنزانة "انفرادي"؛ فقد يكون حبها في صورة اهتمام ظاهر بزوجها في ملبسه ومأكله ومشربه أو حتى السؤال الشهير "بتحبني؟". فلماذا تهتم الزوجة بمعرفة إذا كان زوجها يحبها إذا لم تكن تحبه (وإذا لم تكن نرجسية)؟ 

– شعور الزوجة المصرية بالغيرة الشديدة على زوجها حتى وإن لم يستحق، أمر لا يجب أن تُلَامَ عليه، بل ينبغي أن تُلَامَ على عدم الشعور به. غيرة المرأة حب؛ فينبغي أن يحرص الرجل عليها لا أن يكرهها. 

نهاية، لا يسعني إلا أن أنوه بأن النقاط أعلاه هي فهمي المتواضع لسلوكيات المرأة في مصر، وقد أكون مخطئاً في بعضها أو جميعها، لكنني متأكد من أن كل النقاط التي تبدو سلبية للبعض مردها لعاطفة المرأة الجياشة، وهي ما تميزها إيجاباً عن الرجل؛ فتحيةً لكل امرأة تحاول ألا تكون ذكراً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
سعودي صادق
كاتب ومترجم مصري
كاتب ومترجم مصري
تحميل المزيد