بعد فشل نظام “التابلت” وتسرّب امتحانات الثانوية.. متى يُقَال وزير التعليم طارق شوقي؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/08/10 الساعة 14:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/10 الساعة 14:29 بتوقيت غرينتش
وزير التعليم المصري طارق شوقي

منذ بدأ طارق شوقي منظومته الجديدة في الثانوية العامة لم ينجح في شيء قدر نجاحه في تدمير ما تبقى من قيم أخلاقية وعلمية وتعليمية. بدأ الرجل منظومته وهو لا يعلم أن وزارته يعشش فيها الفساد في كل جنباتها، وتجاهل كل النصائح التي قدمها له المتخصصون في التربية والتعليم وأساتذة الجامعات، وتجاهل آهات ملايين الطلاب وأسرهم، واعتمد فقط على تقارير من موظفيه المقربين؛ مما أوقعه في كارثة تلو الأخرى كلَّفت الدولة مليارات الجنيهات. فهل حان وقت إقالة شوقي؟

لا ينكر أحد قيمة شوقي أكاديمياً في الجامعات الأمريكية أو إدارياً في اليونسكو، لكن الرجل بدأ عمله وزيراً في مصر وهو لا يعلم عن مصر وشعبها الكثير. بدا هذا واضحاً من اللحظة الأولى التي قرر فيها شوقي منفردًا -على ما يبدو- التحوّل لنظام الدراسة الإلكترونية، أو كما يطلق عليه "نظام التابلت"، واكتفى بتقارير غير سليمة عن البنية التكنولوجية في المدارس الثانوية. 

لم يكلف شوقي نفسه عناء زيارة بعض المدارس في المراكز والقرى التابعة لمحافظات الصعيد والدلتا والمحافظات الحدودية. لو فعل هذا مرة واحدة، لربما عرف أن أفكاره عن التحول الإلكتروني غير قابلة للتنفيذ في مصر الآن. ولو حضر الرجل مجموعة من الحصص المدرسية في هذه النوعية من المدارس التي تشكل غالبية المدارس الثانوية في مصر، لربما أدرك أن جيشه من المعلمين يستحق أن يتلقى تدريباً على المقررات الجديدة والامتحانات الإلكترونية قبل الطلاب حتى يُدَرِّسُوا ما يعرفون، لا أن يُترَكُوا لأنفسهم لاكتشاف ذلك من خلال المحاولة والخطأ دون حتى مكافأتهم بالشكل اللائق. 

فشلت منظومة شوقي "التابلتية" من العام الأول، لكن الرجل عاند وقرر استمرارها وقدم تنازلات عن حلمه الإلكتروني لتتم الامتحانات ورقياً. اضطر الرجل كذلك لاتخاذ قرارات بإنجاح كل من دخل الامتحانات فقط حتى وإن لم يُكْمِل امتحاناته حتى لا يقاضيه الطلاب وأسرهم، واستمر النجاح الوهمي حتى تخرجت أول دفعة بالنظام الجديد العام الماضي ٢٠٢١. فكيف اختلفت هذه الدفعة في التفكير عن الدفعات السابقة؟ 

تشير نتائج هذه المقارنة لانهيار قدرات الطلاب في النظام الجديد في التعبير والإملاء وتشتت عام في كل المواد واعتماد أكبر على الحظ في اختيار الإجابات في نظام البابل شيت. هذه النتائج ليست حصيلة دراسة علمية رصينة، ولكنها ملاحظات خاصة يشفع لها ويساندها ما لاحظه جموع أساتذة الجامعات ممن دَرَّسُوا للفرقة الأولى (وهم خريجو نظام التابلت) هذا العام الدراسي، ٢٠٢١-٢٠٢٢. 

ماذا عن نظام العدالة في التعليم؟

لا يمكن وصف المآسي التي حدثت على مدار العامين الدراسيين ٢٠٢١ و٢٠٢٢، إلا بالفشل التام الذي تَمَثَّل في حصول لجان كاملة على درجات شبه نهائية، وفشل كثير من الطلاب المتفوقين في تحصيل درجات تمكنهم من الالتحاق بكليات المرحلة الأولى. تشير هذه النتائج كذلك إلى انتشار الغش في لجان معينة نتيجة تسرب الامتحانات قبل أن تبدأ، مع سهولة انتشارها من خلال الوسائل التكنولوجية المتعددة، ومنها تابلت شوقي نفسه. أما الطلاب المتفوقون الذين حصلوا على درجات متدنية للغاية فكثر وينتشرون في ربوع مصر شرقاً وغرباً.

وزير التربية والتعليم طارق شوقي يغير نظام الكتاب المفتوح - الصفحة الرسمية لوزارة التعليم
وزير التربية والتعليم طارق شوقي يغير نظام الكتاب المفتوح – الصفحة الرسمية لوزارة التعليم

وهذا دليل دامغ على وجود خطأ كبير بل جريمة يجب أن يتم التحقيق فيها، خاصة فيما يرتبط بنظام عمل الكنترولات الإقليمية التي أصبحت مجرد مكان لجمع أوراق الإجابات بعد أن كانت ورش عمل لتصحيحها. وبالتالي، حُرِمَ آلاف الموظفين من مبالغ مالية ضخمة اعتادوا على تحصيلها في الماضي، فهل يمكن أن يكون إهمالهم أو عدم تدريبهم على تصحيح الأوراق وفقاً للنظام الجديد هو السبب في هذه المهزلة؟ 

لو أنتجت تجربة شوقي جيلاً أفضل من الناحية التعليمية، لتغاضينا عن الكوارث المجتمعية التي أحدثها النظام الجديد، التي تمثلت في زيادة الدروس الخصوصية والاعتماد على الحظ والغش وفوضى التصحيح الإلكتروني وفساد موظفي الكنترولات. ولكن، بما أن هذه التجربة لم تخرج منتجاً تعليمياً أفضل -رغم أنها كلفت الدولة مليارات الجنيهات- فيحق لنا أن نتساءل: متى يُقَال شوقي؟

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سعودي صادق
كاتب ومترجم مصري
كاتب ومترجم مصري
تحميل المزيد